و المتحصل أن من له ملكة الاجتهاد - سواء لم يتصد للاستنباط أصلا أو استنبط شيئا قليلا من الاحكام - لابد له من أن يتبع نظره و يرجع إلى فتيا نفسه و لا يجوز أن يقلد غيره ، و الاجماع المدعى في كلام شيخنا الانصاري " قده " أيضا مؤيد لما ذكرناه ، لعدم كونه إجماعا تعبديا ." أما الجهة الثانية " : فالصحيح عدم جواز الرجوع إليه لان الادلة اللفظية المستدل بها على جواز التقليد من الايآت و الروايات أخذت في موضوعها عنوان العالم و الفقيه و غيرهما من العناوين المنطبقة على صاحب الملكة ، إذ لا يصدق عليه العالم أو الفقية لعدم كونه كذلك بالفعل .نعم له قدرة المعرفة و العلم بالاحكام و كذلك الحال في السيرة العقلائية لانها إنما جرت على رجوع الجاهل إلى العالم .و قد عرفت أن صاحب الملكة ليس بعالم فعلا فرجوع الجاهل إليه من رجوع الجاهل إلى مثله .هذا إذا لم يتصد للاستنباط بوجه .و أما لو استنبط من الاحكام شيئا طفيفا فمقتضى السيرة العقلائية جواز الرجوع إليه فيما استنبطه من أدلته فان الرجوع إليه من رجوع الجاهل إلى العالم حيث أن استنباطه بقية الاحكام و عدمه أجنبيان عما استنبطه بالفعل .نعم قد يقال إن الادلة اللفظية رادعة عن السيرة و أنها تقتضي عدم جواز الرجوع إليه إذ لا يصدق عليه عنوان الفقية أو العالم بالاحكام أللهم إلا أن يستنبط جملة معتدا بها بحيث يصح أن يقال إنه عالم أو فقيه .و لكنه يأتي أن الادلة اللفظية لا مفهوم لها و أنها رادعة عن السيرة فانتظره " و أما الجهة الثالثة " : فالصحيح عدم نفوذ قضائه و تصرفاته في أموال القصر و عدم جواز تصديه لما هو من مناصب الفقية و ذلك لان الاصل عدمه لانه يقتضي أن لا يكون قول أحد أو فعله ، نافذا في حق الآخرين إلا فيما قام عليه الدليل و هو إنما دل على نفوذ قضأ العالم أو الفقية أو العارف بالاحكام أو غيرها