فكما أن المجتهد يستند إلى اجتهاده و هو امر سابق على عمله كذلك العامي لابد أن يستند إلى التقليد و يلزم أن يكون تقليده سابقا على عمله .و يرد عليه أن التقليد كما مر لون و عنوان للعمل فهو أمر مقارن معه و لا يعتبر فيه السبق زمانا ، فإذا عمل المكلف عملا مستندا إلى فتوى الغير كان ذلك العمل مقرونا بالتقليد لا محالة و هو كاف في صحته و لا دليل على اعتبار سبق التقليد على العمل و قد يورد على تفسير التقليد بما ذكرناه بان ذلك مستلزم للدور فان مشروعية العبادة و صحتها من المقلد تتوقف على تقليده ، إذ لو لم يقلد لم يتمكن من الاتيان بها بما أنا مأمور بها حتى تقع عبادة ، فلو كان تقليده متوقفا على إتيانه بالعبادة - لعدم تحقق التقليد إلا بالعمل - لدار .و يندفع : بأن المتوقف عليه المتوقف عليه و ذلك لان مشروعية أي عمل عبادي أو غيره لا يمكن أن تكون ثابتة بالتقليد لعدم كونه مشرعا في الدين .بل انما تتوقف المشروعية على الدليل و لو كان هو فتوى مقلده .نعم إذا أتى المكلف بالعمل بعد العلم بمشروعيته مستندا فيه إلى فتوى المجتهد انطبق عليه التقليد لا محالة فالتقليد و ان كان متوقفا على العمل إلا أنه لا يتوقف على التقليد بوجه فلا توقف في البين ، و على الجملة ان التقليد انما يتحقق بالعمل على قول الغير و لا توقف له على الالتزام .معنى التقليد عند اختلاف الفتاوى و قد يقال : إنه إذا تعدد المجتهدون و اختلفوا في الفتوى توقف التقليد على الالتزام بالعمل على إحدى الفتويين أو الفتاوى ، أو أن التقليد حينئذ ينتزع عن نفس الالتزام .و الدليل على وجوبه حكم العقل بلزوم تحصيل الحجة على إمتثال الاحكام الشرعية .