فهو انما يتراءى في كلمات الاصحاب قدس الله أسرارهم ، حيث عنونوا المسألتين كما نقلناه ، و من المعلوم أنهما بهذين العنوانين واردتين في الاخبار .نعم سبق إلى بعض الاذهان أن حكم المسألتين مبنى على معنى التقليد فيختلف الحال فيهما باختلافه ، لانا لو فسرناه بالالتزام ، و فرضنا أن المكلف التزم بالعمل بفتوى مجتهد ثم مات ذلك المجتهد فله أن يعمل على فتاواه لانه من البقاء على تقليد الميت ، و ليس تقليدا ابتدائيا له ، و هذا بخلاف ما إذا فسرناه بالاستناد إلى فتوى المجتهد في مقام العمل ، لانه حينئذ من تقليد الميت ابتداء لعدم استناد المكلف إلى شيء من فتاوى المجتهد الميت حال حياته ، و إنما التزم بأن يعمل على طبقها ، فلا يجوز أن يرجع إلى الميت حينئذ و كذلك الكلام في المسألة الثانية ، لانه إذا التزم بالعمل بفتيا مجتهد - و فسرنا التقليد بالالتزام - حرم عليه العدول عن تقليده لانه قد قلده تقليده صحيحا و لا مرخص له للعدول .و هذا بخلاف ما إذا قلنا إن التقليد هو الاستناد إلى فتوى المجتهد في مقام العمل لانه حينئذ لم يتحقق منه تقليد المجتهد ليحرم عليه العدول بل لا يكون رجوعه لغيره عدولا من مجتهد إلى مجتهد آخر هذا و لكنا سنبين - قريبا - أن المسألتين لا يختلف حكمهما بالاختلاف في معنى التقليد لعدم ابتنائهما عليه حيث أن لكل من المسألتين مبنى لا يفرق فيه الحال بين أن يكون التقليد بمعنى الالتزام أو بمعنى آخر كما يأتي في محله ، إذا صح ما ذكرناه من أن عنوان التقليد لم يرد في شيء من الادلة حتى نبحث عن مفهومه .بقي شيء و هو ان مسألة التقليد ليست تقليدية و توضيحه : أنا قد اسبقنا أن كل مكلف يعلم - علما اجماليا - بثبوت أحكام الزامية في الشريعة المقدسة من وجوب أو تحريم و به تنجزت الاحكام الواقعية عليه و هو يقتضى