ما استدل به على أن الصغائر غير قادحة والجواب عنه
الجماعة أن المعتبر في العدالة عدم الاصرار على الصغائر - لا عدم ارتكابها أصلا - و هما كلامان متنافيان و ما أفاده في المقام هو الصحيح و لا فرق بين المعاصي الكبيرة و الصغيرة و أن ارتكاب اية معصية ينافي العدالة و الاستقامة في جادة الشرع .و يدلنا على ذلك ملاحظة نفس العدالة بمفهومها ، حيث ان ارتكاب المعصية على اطلاقها انحراف عن الجادة و تعد و طغيان و خروج عن ذي العبودية ، و مانع عن كون مرتكبها خيرا أو مأمونا أو عفيفا أو ذلك من العناوين المتقدمة بلا فرق في ذلك بين الصغائر و الكبائر ، و كذلك الحال بالاضافة إلى ستر العيوب - لو تمت الرواية المتقدمة - فان ارتكاب الصغائر ينافى ستر العيوب و لا يتصف مرتكبها بانه ساتر لعيوبه فان المعصية من العيوب و كيف لا يكون معصية الله سبحانه عيبا ؟ ! و هي خروج عن وظيفة العبودية .فإذا فرضنا - مثلا - أن احدا يتطلع دار جاره و ينظر إلى من يحرم عليه النظر اليه سلب ذلك عنه العفة و المأمونية و الخير و الصلاح فلا يقال انه عفيف أو مأمون أو خير ، مع انه من الصغاير التي لم يتوعد عليها بالنار في الكتاب إذا نفس العدالة بمفهومها يقتضى عدم الفرق بين الكبائر و الصغائر .و من هنا ذهب جمع إلى أن المعاصي كلها كبيرة في نفسها فان معصية الكبير كبيرة على كل حال و انما تقسم المعاصي إلى الصغائر و الكبائر من جهة مقايستها بما هو أعظم منها ، و ذلك لوضوح أن معصية الزنا اكبر و أعظم من معصية الغيبة ، كما أن معصية قتل النفس المحترمة أعظم من معصية الزنا و هكذا و على الجملة المعاصي منافية للعدالة بإطلاقها هذا .و استدل لما ذهب إليه المشهور من أن الصغائر قادحة في العدالة بوجوه : " الاول " : و هو العمدة رواية عبد الله ابن ابى يعفور المتقدمة ( 1 ) لما ورد1 - في ص 264