التقليد في اصول الدين
1 - التقليد في أصول الدين : قد عرفت أن التقليد هو الاستناد إلى فتوى الغير في مقام العمل ، و الوجه في وجوبه على ما قدمناه استقلال العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب و لا يتأتى هذا فيما اعتبر فيه اليقين و الاعتقاد كما في الاصول كالتوحيد و النبوة و المعاد ، لوضوح أنه لاعمل في تلك الامور حتى يستند فيها إلى قول الغير أو لا يستند ، فان المطلوب فيها هو اليقين و الاعتقاد و نحوهما مما لا يمكن أن يحصل بالتقليد فلا معنى له في مثلها .بل لو عقد القلب - في تلك الامور - على ما يقوله الغير لم يكتف به بوجه ، إذ المعتبر في الاصول انما هو اليقين و العرفان و الاعتقاد ، و شيئ من ذلك لا يتحقق بعقد القلب على ما يقوله الغير .بل هذا هو القدر المتيقن مما دل على ذم التقليد و اتباع قول الغير في الاصول كقوله عزمن قائل : إنا وجدنا آباءنا على امة و انا على اثارهم مقتدون ( 1 ) .نعم هناك كلام آخر في انه إذا حصل له اليقين من قول الغير يكتفى به في الاصول أو يعتبر أن يكون اليقين فيها مستندا إلى الدليل و البرهان ؟ إلا أنه أمر آخر أجنبي عما نحن بصدده ، و ان كان الصحيح جواز الاكتفاء به ، إذ المطلوب في الاعتقاديات هو العلم و اليقين بلا فرق في ذلك بين أسبابهما و طرقهما .بل حصول اليقين من قول الغير يرجع في الحقيقة إلى اليقين بالبرهان لانه يتشكل عند المكلف حينئذ صغرى و كبرى فيقول : هذا ما أخبر به أو اعتقده جماعة ، و ما أخبر به جماعة فهو حق و نتيجتهما أن ذلك الامر حق فيحصل فيه اليقين باخبارهم .1 - الزخرف 43 : 23