ما قدمناه من أن فتاوى الميت قد جعلت حجة شرعية بفتوى الحى بجواز البقاء فكانه حى لم يمت ، و قد مر أن الحى إذا افتى بجواز البقاء على تقليد الميت جاز للمقلد أن يتبع ارآء المجتهد الميت في جميع ما افتى به من الاحكام التكليفية أو الوضعية و منها حجية فتوى الميت بجواز البقاء بالاضافة إلى من تعلم فتاواه أو التزم بالعمل على طبقها و ان لم يعمل بها بوجه .
نعم لابد من أن يكون المكلف واجدا لشرطية العمل بفتوى الميت في تلك المسألة أعنى مسألة جواز البقاء بان يكون قد عمل بها حال حياة الميت كما إذا قلده في تلك المسألة و بقى على تقليد مجتهد ثالث من الاموات في المسائل التي لم يعمل بها و انما تعلمها أو التزم بها ، و ذلك لانه لو لم يكن واجدا لهذا الاشتراط اى لم يكن قد عمل بتلك المسألة لم تكن فتوى الميت بجواز البقاء على من تعلم المسألة أو التزم بها شاملة له و حجة في حقه - بفتوى الحى بجواز البقاء - لفرض انه اشترط فيه العمل ، و المقلد لم يعمل بفتوى الميت في تلك المسألة ، و هذا بخلاف ما إذا عمل بها فان فتوى الميت تتصف بالحجية في حقه ، و ثمرتها جواز البقاء على تقليد الميت حتى فيما لم يعمل به من المسائل و انما تعلمها أو التزم بالعمل بها .
و هذا نظير ما ذكرناه في التكلم على حجية الخبر من أنا إذا بنينا على حجية خبر العدل الواحد ، و عثرنا على خبر عدل دل على حجية مطلق خبر الثقة و ان لم يكن عادلا التزمنا بحجية الخبر الصادر عن مطلق الثقة لدلالة الحجة على حجيته .
و الحال في المقام ايضا كذلك ، فان البقاء على تقليد الميت فيما لم يعمل به بل تعلمه أو التزم به و إن لم يقم دليل على جوازه لدى الحى لما فرضناه من أنه إنما يرى جوازه فيما عمل به المقلد حال حياة الميت ، إلا أنه قامت عنده الحجة على جوازه فيما لم يعمل به ايضا و هي فتوى الميت بجواز البقاء فيما لم يعمل به فان المقلد قد عمل بتلك المسألة قبل موت الميت إذا كانت حجية فتوى الميت فيما لم يعمل به مستندة