إليهم واقعا .
إلا أن علم المجتهد - اجمالا - بمخالفة عمل العامي للواقع لا يترتب عليه أى اثر ، لانه انما يفتى بلحاظ وظيفة المقلد و ما يقتضيه وظيفته في نفسه ، و حيث أنه شاك لا علم له بالمخالفة فله أن يتمسك بالبرائة عن التكليف المشكوك فيه .
بل لو علم المجتهد علما تفصيليا بوقوع المقلد في مخالفة الواقع بتجويز المجتهد للرجوع إلى البرائة عند الشك في الموضوعات الخارجية ايضا لم يترتب اثر عليه ، كما إذا علم أن زيدا مستطيع أو أنه مديون أو يده متنجسة ، أن المقلد لم يكن عالما بذلك فان له أن يتمسك بالبرائة أو قاعدة الطهارة حتى لو سئلنا المفتى عن وظيفة العامي حينئذ لاجاب بانه يتمكن من الرجوع إلى الاصول العملية ، و السر فيه ما بيناه من أن المدار في جواز الرجوع إلى الاصل انما هو شك المكلف في نفسه .
" ثانيا " : أنا لو سلمنا أن المقام من موارد الاشتغال دون البرائة لم يكن للاكتفاء بالظن وجه صحيح .
و دعوى أن وجوب الاحتياط بالمقدار الموجب لليقين بالفراغ عسر حرجى .
مندفعة : بما مر غيره مرة من أن المدار في تلك القاعدة انما هو الحرج الشخصي دون النوعى .
و الاحتياط أعنى الاتيان بالاكثر قد لا يكون حرجيا على المقلد بوجه ، كما إذا دار أمر الفائت بين صلاتين أو ثلاث ، فانه لا حرج على المكلف في الاتيان بالمحتمل الاكثر ، و مع أنه لا حرج شخصي على المكلف لا وجه للتنزل من الواجب أعنى الامتثال اليقيني إلى الامتثال الظني أبدا .
و إذا فرضنا أن الاحتياط حرجى على المكلف وجب أن يحتاط و يأتي بالاكثر إلى أن يكون الزائد حرجيا في حقه لا أنه يتنزل إلى الامتثال الظني كما افيد .
فالصحيح ما ذكرناه من جواز الاقتصار في تلك الموارد بالمقدار الاقل و إجراء البرائة عن الاكثر .