تنقیح فی شرح العروة الوثقی نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
بتلك الموارد نظرا إلى أن الرجوع فيه إلى البرائة عن الزائد يستتبع فوات القضاء عن جملة ممن هو مكلف به واقعا و من هنا التزموا بالاشتغال في أمثال المقام و إن كانت في نفسها موردا للبرائة كما ذكرناه .ثم إن مقتضى ذلك و ان كان هو القضاء بمقدار يتيقن معه بالفراغ إلا أن إيجابه يستلزم العسر و الحرج ، لان احتمال التكليف باب موسع و أمر خفيف المؤنة فلو أوجبنا معه الاحتياط لوجب عند كل محتمل و هو امر عسر ، و من هنا لم يوجبوا الاحتياط بمقدار يوجب اليقين بالفراغ ، و لم يرخصوا الاكتفاء بالاحتمال بالرجوع إلى البرائة عن الزائد ، لاستلزامه تفويت الواجب عمن هو مكلف به واقعا ، و اعتبروا الظن بالفراغ لانه أوسط الامور و خير الامور أوسطها ! فان هذا هو الحال في كل مورد تعذر فيه الامتثال اليقيني على المكلف ، فان العقل يتنزل وقتئذ إلى كفاية الامتثال الاطمئناني ثم الامتثال الظني بل يكتفى بالامتثال الاحتمالي عند تعذر المراتب المتقدمة عليه و لا يتنزل العقل إلى الامتثال الاحتمالي من الامتثال اليقيني ابتداء على ما ذكروه في التكلم على دليل الانسداد .إذا يلتئم مدرك المشهور من ضم أمر بامر أعنى قاعدة الاشتغال المنضمة إلى قاعدة نفى الحرج .و يرد على ذلك : " أولا " : أن جريان البرائة في تلك الموارد و ان كان يستلزم العلم بالوقوع في مخالفة الواقع .إلا أن الكلام في أن هذا العلم يحصل لاي شخص ؟ أفيحصل العلم به للعامي المتردد أو يحصل للمفتى بإجراء البرائة في تلك المقامات .أما المقلد فلا علم له بالوقوع في مخالفة الواقع عند اجراء البرائة عن وجوب الحج أو الخمس أو الزكاة ، و انما يحتمل المخالفة كما يحتمل الموافقة ، و أما المفتى بالجواز فهو و إن كان يحصل له العلم بذلك لانه يعلم علما اجماليا أن جملة ممن يتمسك بالبرائة في تلك الموارد يقعون في مخالفة الواقع و يفوتون بها التكاليف المتوجهة