النسخ من الضروريات أمر لا أساس له ، فلو وصلت النوبة إلى الشك في النسخ لمنعنا عن جريانه كما عرفت ، إلا انه انما لا يعتنى باحتماله لاطلاق الادلة المثبتة للاحكام أو لما دل على استمرار أحكام محمد - ص - إلى يوم القيامة و المتحصل أن ما استدل به على جواز تقليد الميت من الابتداء لا يمكن تتميمه بوجه .
أدلة المانعين و قد استدلوا على عدم جواز تقليد الميت ابتداء بوجوه : " ألاول " : ما عن جملة من الاعاظم من دعوى الاجماع على عدم الجواز و أن ذلك مما امتازت به الشيعة عن أهل الخلاف لانهم ذهبوا إلى جواز تقليد الاموات و من هنا قلدوا جماعة منهم في احكامهم ، و لم تقبل الشيعة ذلك لاشتراطهم الحياة فيمن بجوز تقليده .
و قد بينا أن مخالفة المحقق القمي و المحدثين ليست من المخالفة في محل الكلام ، و انما هى مبتنية على مسلكهما الفاسدين ، و لم يظهر ذهابهما إلى جواز تقليد الميت على القول بالانفتاح و كون الرجوع إلى المجتهد من الرجوع إلى أهل الخبرة و الاطلاع .
و فيه : أن الاجماع المدعى على تقدير تحققه ليس إجماعا تعبديا قابلا لاستكشاف قول المعصوم - ع - به كما إذا وصل إليهم الحكم يدا بيد عنهم - ع - لاحتمال أن يستندوا في ذلك إلى أصالة الاشتغال أو إلى ظهور الادلة في اشتراط الحياة فيمن يجوز تقليده أو ذلك من الوجوه ، و معه لا يمكن الاعتماد على إجماعهم ، لوضوح أن الاتفاق بما هو كذلك مما لا اعتبار به ، و انما نعتبره إذا استكشف به قول المعصوم - ع - .
" الثاني " : أن الادلة الدالة على حجية فتوى الفقية ظاهرة الدلالة على اعتبار الحياة في جواز الرجوع اليه لظهور قوله عز من قائل : و لينذورا قومهم إذا رجعوا