وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 125
نمايش فراداده

حيث كلَّم اللّه موسى تكليماً، و صلّيت في «بيت لحم» حيث وُلد عيسى.(1)

يستفاد من هذا الحديث أنّ الصلاة محبوبة في بقعة لامستْ جسد أحد الأنبياء، و أنّ تلك البقعة إنما اكتسبت القدسيّة و الشرف بسبب ذلك النبىّ.

4ـ لقد بلغت «هاجر» أُمّ إسماعيل بن الخليل مرتبة عالية عند اللّه تعالى بسبب صبرها و تحمّلها المتاعب في سبيله سبحانه، ممّا أدّى إلى أنْ جَعل اللّه موضع أقدامها محلاّ للعبادة و أوجب على حجّاج بيته الحرام أن يسعوا كما سعت هاجر بين جَبلَي الصفا و المروة. وهذا ما يعترف به ابن القيّم تلميذ ابن تيميّة.(2)

و نتساءل: إذا كان صبر «هاجر» على المكاره و تحمّلها المتاعب في سبيل اللّه تعالى قد مَنَحَ الكرامة لموضع أقدامها، و أوجب اللّه على المسلمين أن يعبدوه سبحانه في ذلك المكان بالسعي بين الصفاو المروة، فلماذا لا يكون قبر النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مباركاً و مقدَّساً، في حين أنه تحمَّل أنواع المصاعب و المصائب و المكاره من أجل إصلاح المجتمع و إرشاده؟

5ـ إذا كانت الصلاة عند القبر محرَّمة في الشريعة الإسلامية، فلماذا قضت عائشة عُمرها وحياتها بالصلاة في البيت الخاصّ بها عند قبر رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ؟!

إنّ معنى قول رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على فرض صحة الحديث: «لعن اللّه اليهود و النصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد»(3) هو أنّهم كانوا يعبدون أنبياءهم

1. الخصائص الكبرى لعبد الرحمن السيوطي: 1/154.2. كتاب جلاء الأفهام في الصلاة و السلام على خير الأنام: 228.3. السُّنن للنسائي: 4 / 96، طبع بيروت.