وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 161
نمايش فراداده

إنّ العلَّة الأساسية في كلّ هذه الانحرافات هي أنّ الوهّابيّين لم يُحدِّدوا معنى «التوحيد» و«الشِّرك» و «العبادة» حتّى الآن ،و لهذا فهم يعتبرون كلّ تكريم لأولياء اللّه عبادة لهم و شركاً باللّه، وقد قرأت أنّ المؤلّف الوهّابىّ خَبَط خبطة عشواء فَقَرن بين كلمتي «العبادة» و «التعظيم» و ذكرهما بأزاء الآخر، ظنّاً منه أنّ المعنى فيهما واحد.

و إنّنا سوف نتحدّث عن العبادة و مفهومها ـ في فصل خاصّ(1) ـ و سنبرهن على أنّ كلّ تكريم و تعظيم لأولياء اللّه ليس عبادة لهم أبداً. و الحديث الآن حول جواز تكريم مواليد الأولياء و وفيّاتهم، على ضوء القرآن الكريم.

ممّا لا شكّ فيه أنّ القرآن الحكيم ذكر جمعاً من الأنبياء و الأولياء بكلمات المدح و الثناء والتجليل و الاحترام فمثلا:

1ـ يقول بالنسبة إلى النبىّ زكريا و يحيى و غيرهما:

(... إنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ في الْخَيْراتِ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعينَ)(2).

فإذا أُقيم حفل تكريمي لهؤلاء الأنبياء و وقف خطيب يتحدّث عنهم بمثل ما جاء في القرآن الكريم من كلمات المدح و الثناء لهم، و ذَكرهم بالتجليل و الاحترام،... فهل ارتكب خطيئة بذلك، سوى أنّه اقتدى بالقرآن الكريم؟!

2ـ و يقول بالنسبة إلى أهل البيت ـ عليهم السلام ـ :

(وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكيناً وَ يَتيماً وَ أَسيراً)(3).

1. انظر الفصل الحادي عشر من فصول هذا الكتاب .2. الأنبياء: 90.3. الإنسان: 8.