وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 82
نمايش فراداده

5ـ لَعَنَ رَسُولُ اللّه ـ صلّى اللّه عليه و سلم ـ زائراتِ القُبُورِ وَ المُتَّخِذينَ عَلَيْها الْمَساجِدَ والسُّرج.(1)

وترى ابن تيميّة ـ الّذي يعتبر المؤسّس لهذه العقائد الباطلة، و تلميذه محمّد بن عبدالوهّاب ـ يستند إلى هذه الأحاديث في حرمة بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها، فيقول:

«قال علماؤنا: لا يجوز بناء المسجد على القبور».(2)

تحقيق في معنى الأحاديث

و الآن يجب التحقيق و التأمّل في نصوص هذه الأحاديث، لنقف على مدلولها الصحيح.

قبل كُلّ شيء، يجب أن نعلم ـ كأصل عام ـ أنّه كما تكون آية قرآنية مفسِّرة لآية أُخرى، كذلك الأحاديث يكون أحدها مفسِّراً للآخر و موضّحاً و كاشفاً عن غموضه.

لقد تمسّك الوهّابيّون بظاهر حديث واحد، واستنتجوا منه حرمة بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها، في حين أنّهم لو كانوا يصهرون الأحاديث كلَّها في بوتقة واحدة، لكانوا يفهمون ما عناه الرسول الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ .

هؤلاء أغلقوا على أنفسهم باب الاجتهاد، ممّا أدّى بهم إلى تفسير كثير من الأحاديث تفسيراً خاطئاً.

1. السُّنن للنسائي: 4/77، طبعة مصطفى الحلبي.2. زيارة القبور: 106.