وهابیة فی المیزان نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
أقول: إنّ ما تمسّك الوهّابيّون به ـ على حرمة بناء المسجد عند القبر ـ من أحاديث إنّما يكون مقبولا إذا كانت أسناده صحيحة و رواتها ثقاتاً، و إلاّ فلا تصلح تلك الأحاديث للاستدلال أبداً.و بما أنّ التحدّث عن أسناد كلّ هذه الأحاديث يؤدّي إلى إطالة الكلام، لهذا نختصر الحديث عمّا تضمّنته تلك الأحاديث فنقول:أمّا الحديث الأوّل و هو: «لمّا مات الحسن بن الحسن ضَربتْ امرأته القبَّة على قبره...» إلى آخره، فهو نقيضٌ لمذهب الوهّابيّين، إذ أنّه دليل على جواز نصب المظلَّة و القبَّة على القبر، والوهّابيّون يُحرّمون مطلق الظِّلال، سواء كان مظلّة أو قُبَّة و بناء.فهذا الحديث يدلّ على جواز نصب المظلَّة و إقامة القبَّة على القبر، ولو كان ذلك حراماً لما صدر من امرأة الحسن بن الحسن، لأنه كان بمرأى و مسمع من التابعين و فقهاء المدينة.و لعلَّها نَصَبت تلك القبَّة لأجل زيارة القبر وتلاوة القرآن عنده، وقاية من الحرّ و البرد و غيرهما.و أمّا قول الراوي: «فسمعوا صائحاً يقول...» فهو أشبه بقول صائح غير صالح، لأنّه نوع من الشماتة ـ و الشماتة ليست من أخلاق الصالحين ـ و مثله في ذلك ما أجابه الصائح المزعوم الآخر.إنّ إقامة تلك المرأة على قبر زوجها الفقيد لم يكن على أمل عودته إلى الحياة، حتّى يقال: إنّها يئست، بل كان لتلاوة القرآن و غيره.و الخلاصة: إنّ قول ذلك الصائح المزعوم و جواب الآخر ليس حجّة شرعية، إذ ليس من كتاب اللّه ولا من السنَّة الشريفة و لا هو كلامُ معصوم.و أمّا بالنسبة إلى الأحاديث الّتي تلعن اليهود و النصارى و تُحذّر المسلمين من التشبّه بهم، فنقول:إنّ التعرّف على مغزى هذه الأحاديث يتوقّف على معرفة ما كان يقوم به اليهود و النصارى عند قبور أنبيائهم، ذلك لأنّ النبىّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إنّما نهى عن القيام بما كان يقوم به اليهود و النصارى، فاذا عرفنا عمَلهم، عرفنا ـ بالتَّبع ـ الحرام المنهيّ عنه.