و في النهاية و ختام البحث هناك احتمالان آخران، لا مناصّ منذكرهما إتماماً للموضوع.الاحتمال الأوّل: أن يكون هذا الحديث ـ و ما يشابهه ـ إشارة إلى ما كان متعارفاً عند بعض الأُمم السابقة، من اتّخاذ قبور الصالحين قبلة لعباداتهم يتوجّهون إليها عند العبادة، و كانوا ينصبون صورةً إلى جانب القبر، و بذلك يتركون التوجّه إلى القبلة الّتي أمرهم اللّه تعالى بالتوجّه إليها حال العبادة.و على هذا الاحتمال فلا يمكن أن تكون لهذا الحديث أيّة صلة بقبور المسلمين، و لم يُعهد من أىّ مسلم أن يتوجَّه إليها في الصلاة أو يسجد عليها، بل جرت سيرة المسلمين على الصلاة بجوار القبور، من دون أن تكون قبلة لهم، بل وجوهُهم نحو الكعبة، يقيمون الصلاة و يتلون كتاب اللّه و هم بجوار القبور.و إذا كان المسلمون يتسارعون إلى زيارة قبور أولياء اللّه الصالحين، و يقضون هناك ساعات في عبادة اللّه تعالى بجوار تلك المراقد المقدَّسة، فإنما هو بسبب ما اكتسبته تلك الأرض من الشرف و القدسيّة بسبب احتضانها لذلك الجسد الطاهر.و لهذا البحث تفصيل قادم.