فانّ الَّذي يلاحظ ما يسمّى اليوم بالمذهب الوهابي، و المتقمّص رداءَ السلفية لا يرى سوى فقاعات و قشور، و كأنَّ الإسلام العظيم ليس إلاّ إطالة اللحى و تقصير الثياب، و حرمة تقبيل أضرحة الأنبياء و الصالحين، و حرمة التوسل بعباد الله المقرّبين!!
إنّ هؤلاء لا يهمّهم ـ و للأسف ـ وحدة المسلمين و تماسك كيانهم، و اجتماع كلمتهم، و لهذا نجدهم ينفقون أموالا طائلة على دعوة لم تجر على المسلمين سوى الفرقة، و التشتت، و التعادي والتخاصم.
ابن تيميّة في منظار علماء عصره و غيرهم
ولكي يعرف القارئ مدى ما تركه ابن تيمية من أثر سىّء على وحدة الأُمّة الإسلامية، والاختلاف الَّذي أوجدته أفكاره يومها في صفوف المسلمين و لكي يعرّف القراء الكرام دعاة الفرقة وعوامل الفتنة ندرج هنا ـ في هذه المقدّمة ـ بعض ما قاله علماء المذاهب الأربعة في حقّه، تاركين التعريف بمجدّد هذه العقائد الشاذّة و محييها محمد بن عبدالوهاب إلى الفصل الأوّل من هذا الكتاب.
1ـ الشيخ صفىّ الدين الهِندي الأرموي (المتوفّى 710 هـ ) و هو متكلّم أشعريٌّ مَدَحَه السبكي; باحَثَ ابن تيمية، و لمّا ناظره و وَجَدَه يخرج من شيء إلى شيء قال له: ما أراك يابن تيميّة إلاّ كالعُصفور حيث أردتُ أن أقبضه من مكان فَرّ إلى مكان آخر.(1)
2ـ الحافظ شمس الدين الذهبىّ (المتوفّى 748 هـ ) كتب له رسالة ينصحه
1. طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 9/162 .