الجواب:
أوّلاً: المراد ـ بملاحظة الآيات السابقة الدالّة على سماع الموتى بعد رحيلهم ـ هو نفي الاسماع المفيد، فإنّ سماع الموتى أو من في القبور لا يجدي نفعاً بعدما ماتوا كافرين، هكذا المشركون لا يفيد إسماعهم، فوجه الشبه في تشبيه أسماع المشكرين بأسماع الموتى هو عدم فائدة الإسماع لا عدم تحقّقه وإلاّ فهذا هو النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» ، يقول: «الميت يسمع قرع النعال» في حديث أخرجه البخاري عن أنس بن مالك عن رسول اللّه «صلى الله عليه وآله وسلم» قال: إنّ العبد إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه حتى أنّه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيُقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمّد«صلى الله عليه وآله وسلم» فيقول: أشهد انّه عبد اللّه ورسوله إلى آخر ما نقل.(1)وقد مرّ انّالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يزور القبور، و يخرج آخر الليل إلى البقيع، فيقول: السّلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون وانّا إن شاء اللّه بكم لاحقون، اللّهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد.(2)اتّفق المسلمون على تعذيب الميت في القبر، أخرج البخاري عن ابنة خالد بن سعيد بن العاص انّها سمعت النبي«صلى الله عليه وآله وسلم» وهو يتعوّذ من عذاب القبر، وأخرج عن أبي هريرة كان رسول اللّه«صلى الله عليه وآله وسلم» يدعو: اللّهمّ إنّي أعوذ بك من عذاب القبر و من عذاب النار.(3)كلّ ذلك يدلّ على أنّ المراد من نفي الإسماع هو الإسماع المفيد تحقيقاً1. البخاري:الصحيح: 2/90، باب الميت يسمع خفق النعال.2. صحيح مسلم:3/63، باب ما يقال عند دخول القبور من كتاب الجنائز.3. البخاري:الصحيح: 2/99، باب التعوذ من عذاب القبر من كتاب الصلاة.