أ ـ النبىّ صالح ـ عليه السلام ـ تحدَّث إلى أرواح قومه
يقول تعالى:(فعَقَرُوا النّاقَةَ وَ عَتَوْا عَنْ أمْرِ رَبِّهِم وَ قالُوا يا صالِحُ ائتِنا بِما تَعِدُنا إنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا في دارِهِمْ جاثِمينَ * فَتَوَلّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النّاصِحِينَ)(1).تأمَّل هذه الآيات:الآية الأُولى: تشير إلى أنّهم ـ يوم كانوا على قيد الحياة ـ طلبوا منه العذاب الإلهي الموعود.الآية الثانية: تُشير إلى نزول العذاب عليهم و موتهم جميعاً.الآية الثالثة: تُشير إلى مقالة النبىّ صالح ـ عليه السلام ـ بعد موتهم و فنائهم، حيث تأسَّف على المصير الأسود الّذي اختاروه لأنفسهم و قال ـ مخاطباً لهم ـ : (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ الناصِحينَ). و الدليل على أنّ هذا الخطاب من النبىّ صالح كان بعد موتهم هو كالتالي:1ـ تنظيم و تنسيق الآيات بالشكل الّذي سبقت الإشارة إليه.2ـ حرف «الفاء» في كلمة «فَتَوَلّى» الّذي يدلّ على الترتيب، و قد جاءت بعد1. الأعراف: 77 ـ 79. لقد ذُكر في بعض الآيات أن العذاب الّذي نزل عليهم كان صيحة سماوية ـ كما في سورة هود: آية 6، و في بعضها أنّ العذاب كان صاعقة ناريَّة ـ كما في سورة فُصّلتْ: آية 17 ـ و في بعضها أنه كان زلزلة و رجفة، و وجه الجمع بين هذه الآيات هو أنّ الصيحة السماوية و الصاعقة كانت مصحوبة بالزلزلة.