الصورة الثالثة:
و هي الاستعانة بالإنسان الحىّ ـ القادر على المعجزة و خَرق العادة ـ من أجل تنفيذ عمل ما، عن طريق الإعجاز، و دون اللجوء إلى الأسباب المادّية، كشفاء المريض و تفجير الماء من عين يابسة، و ما شابه ذلك.
إنّ بعض السادة الأعاظم يعتبرون هذه الصورة ـ من الاستعانة ـ داخلة في الصورة الثانية ويقولون: إنّ المقصود من المعجزة هو أن يسأل الإنسان ربَّه بأن يشفي مريضه أو يُسدِّد دُيونه وغير ذلك، لأنّ هذه الأفعال خاصّة باللّه تعالى، و ما دعاء النبىّ و الإمام إلاّ وسيلة إلى اللّه تعالى، و لهذا فإنّ نسبة هذه الأفعال إلى النبىّ و الإمام هي من باب المجاز لا الحقيقة.(1)
إلاّ أنّ في القرآن آيات تدلّ ـ بوضوح على أنّ طلب هذه الحوائج من الأنبياء و الأولياء أمرٌ حقيقي و ليس مَجازاً، فإنّنا إذ نطلب من المعصوم نفسه ـ القادر على المعجزة ـ بأن يشفي المريض ـ الّذي صعب علاجه ـ فإنّ ذلك يتحقّق بحول اللّه و قوَّته.
صحيح أنّ القرآن الكريم يعتبر الشفاء من اختصاص اللّه تعالى فيقول:
(وَ إِذامَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفينِ)(2).
إلاّ أنّه في الوقت نفسه ينسب الشفاء إلى القرآن و العسل أيضاً فيقول:
(وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنينَ...)(3).
(...يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ ألْوانُهُ فيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ...)(4).
1. كشف الارتياب: 274.2. الشعراء: 80.3. الإسراء: 82.
4. النحل: 69.