و أغرب ما في المقام هو الجواب المنسوب إلى علماء المدينة... حيث قالوا:«أمّا البناء على القبور فهو ممنوع إجماعاً، لصحة الأحاديث الواردة في منعه، و لهذا أفتى كثير من العلماء بوجوب هدمه».كيف يصحّ دعوى الإجماع على تحريم البناء على القبور في حين أنّ المسلمين قد دفنوا رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في البيت الّذي كانت تسكنه عائشة؟ ثم دفنوا ـ من بعده ـ أبابكر و عمر إلى جواره للتبرّك، و بعدها أقاموا جداراً في وسط البيت، ليصبح نصفها منزلا للسيّدة عائشة و النصف الآخر مقبرة لرسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ و أبي بكر و عمر، و بما أنّ ارتفاع الجدار كان قليلا فقد زيد في ارتفاعه في زمن عبداللّه بن الزبير، ثم كان هذا البيت ـ المقبرة ـ يتجدّد أو يُعاد بناؤه بين حين و آخر على مرّ العصور و الأزمان، وفقاً للفنّ المعماريّ الخاصّ بكلّ عصر، و في عهد الأُمويّين و العبّاسيّين كان البناء على القبر يحظى باهتمام بالغ، و كان يتجدّد كما يقتضيه الفنّ المعماريّ الخاصّ بكل عصر.و آخر بناء أُقيم على القبر الشريف ـ و الّذي لازال حتى الآن ـ كان في عهد