الممكنات من دون علّة أوجدته ، بعد أن لم يكن شيئاً مذكوراً ، وذلك ناشيء من كون الممكن ( أي الشيء الموجود ) لا يحمل السبب الكافي لوجوده ، وكذا لا يستقلّ بإحداث شيء ، فكما أن الممكن لا يستطيع إيجاد نفسه ، فبطريق أولى لا يستطيع أن يوجد غيره ، بحسب القاعدة التي تقول: « فاقد الشيء لا يعطيه » .
لذلك لا بد أن يقضي العقل الإنساني بوجود سبب وعلّة لوجوده .
وهذه العلّة لا بد أن تكون حكيمة ، ـ خلافاً لنظرية الصدفة ـ لما نرى من الاتساق والتنظيم الذي يكتنف الوجود برمّته ، من الذرّة إلى المجرّة ، فهذا الوجود المتناسق لا يمكن إيعاز علّته إلى أساس فوضوي عشوائي .
وكذا يقطع العقل البشرى ، أنّ هذه العلّة ذات حياة ، وعلم ، وقدرة ، وإرادة . ولو تخلّف ذلك ـ بمقتضى قاعدة العلية ـ لا نقطع الوجود وأصبح عدماً.
إذن فمدبّر هذا الوجود ، والمسيطر عليه والمؤثّر فيه ، هو الله تعالى ،لذلك لا بدّ للاِنسان أن يدين بالاعتراف به ، والخضوع إلى أوامره ،التي جاءتنا عن طريق أنبيائه ، وهذا هو الدين .
سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن إثبات الصانع . فقال : « البعرة تدلُ على البعير ، والروثة تدلّ على الحمير ، وآثار القدم تدلّ على المسير ، فهيكل علوي بهذه اللطافة ، ومركز سفلي بهذه الكثافة ، لا يدلاّن على اللطيف الخبير ؟! » (1) .
وقيل للرضا عليه السلام : ما الدليل على حدوث العالم ؟ فقال : « أنت لم تكن
1) نوادر الأخبار | الفيض الكاشاني : 65 .