هذه الأشياء هي المظهر الإلهي ، وأن الله تعالى يتجلّى فيها ، وهذه الفكرة تنطبق إلى حدّ ما مع معتقدات المسيحية ، أو الدروز والنصيرية ، حيث جعلت المسيحية عيسى عليه السلام هو المظهر الإلهي ، وجعلت الدروز الحاكم بأمر الله الفاطمي كذلك ، وجعلت النصيرية أمير المؤمنين عليه السلام كذلك .
وبهذا البيان يندفع الاشكال المذكور .
من خطبة لاَمير المؤمنين علي عليه السلام في علّة بعثة الأنبياء يقول فيها بعد ذكر آدم عليه السلام : « واصطفى سبحانه من ولده ـ أي من ولد آدم عليه السلام ـ أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم ، وعلى تبليغ الرسالة أيمانهم ، لمّا بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم ، فجهلوا حقّه ، واتخذوا الأنداد معه ، واجتالتهم الشياطين عن معرفته ، واقتطعتهم عن عبادته ، فبعث فيهم رسلهُ ، وواتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكّروهم منسيّ نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول ... » (1).
ما أروع هذا البيان الذي يسطّره سيد البلغاء ، وإمام الفصحاء ، وباب مدينة العلم ، في علّة بعث الأنبياء ، فإنّه عليه أفضل الصلاة والسلام يحدّد تلك العلل والأهداف بالأُمور التالية :
« لما بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم »: ذلك العهد الذي أخذ من بني آدم في عالم الذرّ ـ كما يقول المفسرون ـ والميثاق الذي قطعوه على أنفسهم ، ليكون حجّةً عليهم ، كما أخبر عن ذلك سبحانه بقوله : ( وَإِذْ
1) نهج البلاغة : الخطبة الأولى .