نزعه الدینیه بین الالهیین و المادیین نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
المتدينين وعقلياتهم قد تطابقت على أن ليس هناك دين ، أياً كانت منزلته ، من الضلال والخرافة ،
وَقَفَ عند ظاهر الحسّ ، واتخذ المادة المشاهدة معبودة لذاتها ، وأنّه ليس أحد من عبّاد الأصنام
والأوثان كان هدف عبادته في الحقيقة هياكلها الملموسة ، ولا رأى في مادتها من العظمة الذاتية ما
يستوجب لها منه هذا التبجيل والتكريم .وكلّ أمرهم ، أنهم كانوا يزعمون أنّ هذه الأشياء مهبطاً لقوة غيبية ، أو رمزاً لسرٍّ غامض ، يستوجب
منهم هذا التقديس البليغ ، فهي في نظرهم أشبه شيء بالتمائم والتعويذات ، التي يتفاءل أو يتبرك بها ،
أو يستدفع بها شيء من الحسد أو السحر ، لا على أن لها خاصية ثابتة كامنة فيها كمون النار في الرماد ،
أو أن لها قوة طبيعية كقوة المغناطيس ، بل على أن وراءها أو حولها روحاً عاقلاً مدبراً مستقلّ
الارادة ، يستطيع أن يغير بمشيئته سير الأُمور ، ومجرى العادات ، وأن تلك المواد المشاهدة ما هي في
اعتقادهم إلاّ مظهر ومطلع يطلّ منه الروح الخفي ، ويبارك من يتمسّح بتلك الهياكل التي اتخذها له
مظهراً ومزاراً » (1).والدليل على ما ذكره الدكتور دراز ، قوله تعالى :
( أَلاَ للهِِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ
زُلْفَى ... ) (2).فهؤلاء يتصورون أنهم لا يستطيعون أن يعبدوا الله تعالى بشكل مباشر ، لذلك جعلوا هذه الأشياء رمزاً
أو واسطةً لعبادتهم ، معتقدين أن