وفي الواقع، ثمة ما يحيّر في هذا الاستنتاج العائم العمومي الذي سيشكل أساساً لفصول تخص معاناة ميّ زيادة وملك حفني ناصف (باحثة البادية) بخصوص عملية ممارستها للكتابة.. وتخص (استرجال) غادة السمان -والكلمة للأستاذ الغذامي- في عملية الممارسة تلك، بينما تتمتع أحلام مستغانمي "بنعمة!" تأنيث الكتابة في روايتها (ذاكرة الجسد) التي تقوم بدئياً على تخريب الرجل جسديّاً ونفسياً كي تجري "أنوثية كتابتها!" على يديه!! ولا يفوت الأستاذ الغذامي أن يعنون الفصل الذي خصصه لرواية أحلام مستغانمي المذكورة بعنوان (الخراب الجميل)!.. ولا يمكننا في هذا الحيز الضيق متابعة أطروحات الأستاذ الغذامي بخصوص علاقة الأنثى باللغة حسب مآلاتها الذكورية.
ولكننا -بمعرفتنا أن اللغة حاملٌ ثقافي حيوي وديناميكي- نقر بأن محمولات اللغة في الصياغة المفهومية يغلب عليها (الطابع البطريركي) المختلف عن (الطابع الذكوري المعمم).. وهنا يلعب التغييب الطبقي التاريخي، وخلط الصياغة المفهومية بما عداها من إمكانيات الصياغة اللغوية، دوراً خطراً في إنشاء الأسس المنهجية والاستنتاجات التطبيقية عبر فصول هذا الكتاب.
إن اللغة، كمفردات، جاهزة -بكامل حيويتها وطاقاتها الديناميكية الكامنة- لأداء محمولات أخرى تخص العمق الاجتماعي التاريخي الحضاري العام.. وهي محمولات "ذكورية/ أنوثية" مشتركة، قابلة لتكيفات الصياغة حسب توجه حضاري تكاملي جديد بين الذكر والأنثى، دون افتعال مثل هذا القسر المنهجي الذي يخص المفهومات الشائعة أصلاً -أي يخص المعنى، حسب الأستاذ الغذامي- ولا يخص اللفظ في إِفراده!.. فالمفهومات/ المعاني الشائعة هي الذكورية، خلافاً للأستاذ الغذامي وليس اللفظ بمحمولاته العمقية المتراكبة، والقابلة لإعادة الصوغ، دون أن تكون تلك "القطعيات المنهجية والاستنتاجية" التي يتبناها ذات شأن حقيقي في ذلك.
ورغم كل المآخذ على كتاب (المرأة واللغة) للأستاذ الغذامي والتي كان بالإمكان تفاديها لو أخذ الجانب الطبقي بعين الاعتبار، على الأقل، فإنه يظل كتاباً مهماً وبالغ الإمتاع والفائدة.