أوراق مشاکسة

أحمد یوسف داود

نسخه متنی -صفحه : 236/ 217
نمايش فراداده

قلت لأحد الأصدقاء من كتاب هذا البلد المرموقين:

-صديقنا "س" يستخدم الكومبيوتر في كتابته مستفيداً من كامل مزاياه. فلماذا لا تستخدمه أنت؟

فقال لي:

-هل تحسنت كتابته؟!

قلت:

-لا، ما زال هو هو كما تعرف.

قال:

-إذاً علينا استخدام العقول قبل الحواسيب. وعند استخدامها جيداً فكل شيء ممكن! وها أنا قد نقلت حديثاً حقيقياً. وناقل الكفر ليس بكافر!!

تفلسف ضد هدر المعنى

في حوار مع الصديق الشاعر أحمد جان عثمان- وهو لمن لا يعرفه صيني يكتب الشعر بالعربية وله حتى الآن أربع مجموعات من نمط قصيدة النثر- تركز حديثه حول وجوب "هدم المعنى" في النصوص الجديدة لأن الإصرار على "المعنى" يوقع الشاعر الحديث أو الكاتب الحداثي في خلق (مطلقات) تظل كذلك مهما ادعت أنها حديثة وحداثية، وهي بالتالي: تقود إلى غائية لم تعد العلوم المعاصرة تسمح بالاعتقاد بها… هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهي ترجع إلى يقينيات أدبية وغير أدبية أصبحت فائتة. أما أنا فأذكر أنني دافعت عن وجوب "وجود المعنى" في النص نثرياً كان أم شعرياً وهو وجوب تفرضه (طبيعة الأشياء) مثلما تفرضه الحدود والكيفيات التي بها وداخلها يعمل الذهن الإنساني خلال العملية التبادلية بينه وبين الواقع، إذ كيفما قلَّب الكائن البشري بصره وبصيرته يجد (النظام)، و(النظام) حامل معنى سواء أكان غائياً أم لا.

وتشعب حوارنا ولم نصل إلى اتفاق. وفيما بيني وبين نفسي قدرت أن الأمر ذو صلة بالاضطراب العالمي القائم؛ الاضطراب الذي وسم ويسم مرحلة ما بعد الحداثة حيث التفكيك وما بعد التفكيك من فوضى في آليات التعبير تعكس جلياً فوضى المرحلة الحضارية الراهنة وانعدام ثقة الإنسان بنفسه وبمعنى وجوده وبالآخرين.. وبالتالي هدر معنى الحياة من قبل الطغمة التي أوصلها منطق التطور الرأسمالي إلى أن تصير- الآن- قادرة على ذلك.