وأدل دليل على أن السواد البهيم ليس بفضيلة للاستضاءة فيه بالمقابس والمصابح وهذا تعلل وتمحل وإن كان من مليح ما تمحل، لأن الليل لا تتم الأغراض فيه إلا بالمصابيح ليهتدي بها في سواده وإلا فالأوطار فيه غير مبلوغة، وليس هذا في سواد الشباب وبياض الشيب، ومن ذم بياض الشعر لم يذممه لأنه فضل البياض على السواد على كل حال، فينقض عليه ذلك بمصابيح الليل. وإنما ذمه لأن الأوطار التي تنال بالشباب المحمودة كلها تفقد معه، فكان المذموم هو فقد سواد تدرك به الأغراض وتنال معه الأوطار دون ما ليس هذه صفته. وهذا التحقيق مطرح في الشعر، ويكفي الشاعر إذا عيب ببياض شعره وفضل سواده على بياضه أن يعتذر في ذلك بما ذكرناه في البيت.
فأما البيت الرابع فمعناه أيضا كالبديع الغريب، ويشبهه ما مضى من قولي " تضاحك فيها النور وهي قطوب " فإن القطوب كالكلوح.
ولي وهي قطعة مفردة:
ولي وهي قطعة مفردة: