تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 199
نمايش فراداده

سورة مريم من الآية 58 وحتى الآية 59

أتى ملك الموت فقال له لي حاجة إليك فقال وما هي فقال صديق لي من بني آدم تشفع بي إليك لتؤخر أجله قال ليس ذلك إلي ولكن إن أحببت أعلمته أجله متى يموت فيقدم لنفسه قال نعم فنظر في ديوانه فقال إنك كلمتني في إنسان ما أراه يموت أبدا قال وكيف ذلك قال لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس قال فإني أتيتك وتركته هناك قال فانطلق فلا أراك تجده إلا وقد مات فوالله ما بقي من أجل إدريس شيء فرجع الملك فوجده ميتا واختلفوا في أنه حي في السماء أم ميت فقال قوم هو ميت وقال قوم هو حي وقالوا أربعة من الأنبياء في الأحياء اثنان في الأرض الخضر وإلياس واثنان في السماء إدريس وعيسى وقال وهب كان يرفع لإدريس كل يوم من العبادة مثل ما يرفع لجميع أهل الأرض في زمانه فعجب منه الملائكة واشتاق إليه ملك الموت فاستأذن ربه عز وجل في زيارته فأذن له فأتاه في صورة بني آدم وكان إدريس يصوم الدهر فلما كان وقت إفطاره دعاه إلى طعامه فأبى أن يأكل معه ففعل ذلك ثلاث ليال فأنكره إدريس فقال له في الليلة الثالثة إني إريد أن أعلم من أنت فقال أنا ملك الموت استأذنت ربي أن أصحبك قال فلي إليك حاجة قال وما هي قال تقبض روحي فأوحى الله إليه أن أقبض روحه فقبض روحه وردها الله إليه بعد ساعة قال له ملك الموت ما الفائدة في سؤالك قبض الروح قال لأذوق كرب الموت وغمه لأكون أشد استعدادا له ثم قال إدريس له إن لي إليك حاجة أخرى قال وما هي قال ترفعني إلى السماء لأنظر إليها وإلى الجنة والنار فأذن الله في رفعه فلما قرب من النار قال لي حاجة أخرى قال وما تريد قال تسأل مالكا حتى يفتح لي أبوابها فأردها ففعل ثم قال فكما أريتني النار فأرني الجنة فذهب به إلى الجنة فاستفتح ففتحت أبوابها فأدخله الجنة ثم قال له ملك الموت اخرج لتعود إلى مقرك فتعلق بشجرة وقال لا أخرج منها فبعث الله ملكا حكما بينهما فقال له الملك مالك لا تخرج قال لأن الله تعالى قال (كل نفس ذائقة الموت) وقد ذقته وقال (وإن منكم إلا واردها) وقال (وما هم منها بمخرجين) فلست أخرج فأوحى الله إلى ملك الموت بإذني دخل الجنة وبأمري لا يخرج فهو حي هناك فذلك قوله تعالى (ورفعناه مكانا عليا) 58 (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم) أي إدريس ونوحا (وممن حملنا مع نوح) أي ومن ذرية من حملنا مع نوح في السفينة يريد إبراهيم لأنه ولد سام بن نوح (ومن ذرية إبراهيم) يريد إسماعيل وإسحاق ويعقوب قوله (وإسرائيل) أي ومن ذرية إسرائيل وهم موسى وهارون وزكريا ويحيى (وممن هدينا واجتبينا) هؤلاء كانوا من أرشدنا واصطفينا (إذا تتلى