تفسير ابن عربي (جزء 2)

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

نسخه متنی -صفحه : 400/ 107
نمايش فراداده

تفسير سورة القصص من آية 7 - 10

(وأوحينا إلى أم موسى) أي: النفس الساذجة السليمة الباقية على فطرتها وهي اللوامة (أن أرضعيه) بلبان الإدراكات الجزئية والعلوم النافعة الأولية (فإذا خفت عليه) من استيلاء النفس الأمارة وأعوانها (فألقيه) في يم العقل الهيولاني والاستعداد الأصلي أو في يم الطبيعة البدنية بالإخفاء (ولا تخافي) من هلاكه (ولا تحزني) من فراقه (إنا رادوه إليك) بعد ظهور التمييز ونور الرشد (وجاعلوه من المرسلين) إلى بني إسرائيل.

(فالتقطه آل فرعون) من القوى النفسانية الظاهرة عليه، الغالبة على أمره، فإنه لا يصل إلى التمييز والرشد ولا يتوقى إلا بمعاونة التخيل والوهم وسائر المدركات الظاهرة والباطنة وإمدادها (ليكون لهم عدوا وحزنا) في العاقبة ويعلم أن أعدى عدوه النفس التي بين جنبيه فيقهرها وأعوانها بالرياضة ويفنيها بالقمع والكسر والإماتة.

(وقالت امرأة فرعون) أي: النفس المطمئنة العارفة بنور اليقين والسكينة حالة المحبة لصفائها له التي تستولي عليها الأمارة وتؤثر فيها بالتلوين (قرة عين لي) بالطبع للتناسب (ولك) بالتوسط ورابطة الزوجية والتواصل. وقيل، قال فرعون: لك لا لي.

وعالجوا التابوت فلم ينفتح، ففتحته آسية بعدما رأت نورا في جوفه فأحبته (عسى أن ينفعنا) في تحصيل أسباب المعاش ورعاية المصالح وتدبير الأمور بالرأي (أو نتخذه ولدا) بأن يناسب النفس دون الروح، ويتبع الهوى، ويخدم البدن بالإصلاح، فيقوينا (وهم لا يشعرون) على أن الأمر على خلاف ذلك.

(وأصبح فؤاد أم موسى) أي: النفس الساذجة اللوامة (فارغا) عن العقل من استيلاء فرعون عليها وخوفها منه لمقهوريتها له (إن كادت لتبدي به) أي: كادت تطيع النفس الأمارة باطنا وظاهرا فلا تخالفها بسرها وما أضمرته من نور الاستعداد وحال موسى المخفي لكونه بالقوة بعد (لولا أن ربطنا على قلبها) أي: صبرناها وقويناها بالتأييد الروحي والإلهام الملكي (لتكون من المؤمنين) بالغيب لصفاء الاستعداد.

تفسير سورة القصص من آية 11 - 14

(وقالت لأخته) القوة المفكرة (قصيه) أي: اتبعيه وتفقدي حاله بالحركة في تصفح معانيه المعقولة وكمالاته العلمية والعملية (فبصرت به عن جنب) أدركت حاله عن بعد لأنها لا ترتقي إلى حده ولا تطلع عن مكاشفته وأسراره وما يحصل له من أنوار صفاته (وهم لا يشعرون) أي: لا يطلعون على اطلاع أخته عليه لقصور جميع القوى النفسانية عن حد المفكرة وبلوغ شأوه.