و قد ذكر الوجهين في كشف اللثام و اقتصر على ذلك فلم يرجح واحدا منهما و لا اختار شيئا من مقتضاهما .
نعم قوى صاحب الجواهر الاول منهما فإنه قال بعد ذكر الوجهين : و لعل الاول لا يخلو عن قوة .
و هو كذلك لان أدلة الحد ظاهرة في أن المرتكب لموجبات الحد ليس عليه إلا الحد و مقتضاها تخصيص ما دل على وجوب التعزير على كل معصية ، و استثناء تلك الكبائر التي جعل الشارع عليها الحد .
و كأنه قيل ، كل من فعل محرما يعزر الا إذا أتى بالزنا أو القذف أو السرقة أو ذلك من أسباب الحد فإنه لا تعزير عليه و إنما يجب حده بالمقدار المقرر في تلك الموارد ، غاية الامر انه قد حدث ما أوجب سقوط هذا الحد في المقام فكيف يحكم بالتعزير ( 1 ) .
و كأنه قد جعل الحد في تلك الموارد بدلا عن التعزير و ليس التعزير فيها مجعولا كما يشهد بذلك سيرة أمير المؤمنين عليه السلام بل و سيرة المسلمين في طول الاعصار حتى الخلفاء ، فلم يكونوا يجمعون بين الحد و التعزير في معصية واحدة و لم يسمع إلى الآن أن سارقا قد قطعت يده حدا للسرقة و عزر هو للحرمة مثلا .
نعم قد يجمع بينهما لجهة اخرى مثل وقوع العمل منه في مكان كذا أو زمان كذا
1 - أقول : و يحتمل التفصيل بين الموارد الاربعة . قال : في الروضة ج 2 ص 348 و سقوط الحد في الاربعة لا كلام فيه لكن هل يسقط مع ذلك التعزير ؟ يحتمله خصوصا في الاخيرين لان الواجب هو الحد و قد سقط و الاصل عدم وجوب غيره ، و يحتمل ثبوت التعزير في الاولين لان قيام البينة و الاقرار بالموجب لا يجوز القذف لما تقدم من تحريمه مطلقا و ثبوت التعزير به للمتظاهر بالزنا فإذا سقط الحد بقي التعزير علي فعل المحرم ، و في الجميع لان العفو عن الحد لا يستلزم العفو عن التعزير و له اللعان لانه بمنزلة اقامة البينة على الزنا انتهى . قوله : و في الجميع ، يعني يحتمل ثبوته في الجميع أما الاولان فقد ذكر وجهه و أما الاخيران فلما ذكر بعدهما .