وكأن هذهِ السنة نزعة إنسانية، تنبعث منعوامل الحب والعاطفة، وتُسقى من منابعالحياة، وتتفرع على اُصول التبجيلوالتجليل، والتقدير والاعجاب، لرجالالدين والدنيا، وأفذاذ الملأ، وعظماءالاُمة، إحياءاً لذكرهم، وتخليداًلاسمهم، وفيها فوائد تأريخية اجتماعية،ودروس أخلاقية ضافية راقية، لمستقبلالأجيال، وعظات وعبر، ودستور عملي ناجعللناشئة الجديدة، وتجارب واختبارات،تولِّد حنكة الشعب، ولا تختص بجيل دونجيل، ولا بفئة دون اُخرى.
وانَّما الأيام تقتبس نوراً وازدهاراً،وتتوسم بالكرامة والعظمة، وتكتسب سعداًونحساً، وتتخذ صيغة مما وقع فيها منالحوادث المهمة، وقوارع الدهرونوازله..»(1).
من هنا فقد أدرك بعض علماء العامة عمقانتساب هذ ا الأمر الى الشريعة عن طريقالادلة الكلية المتسالمة، فعبَّر البعضعنه ب(البدعة الحسنة)، فيقول (ابن حجر) بهذاالشأن: «عمل المولد بدعة، لم تُنقل عن أحدمن السلف الصالح من القرون الثلاثة،ولكنّها مَعَ ذلكَ قد اشتملت على محاسنوضدّها، فمن تحرّى في عملها المحاسن،وتجنَّبَ ضدها كانَ بدعةً حسنةً، والافلا»(2).
ويقول الامام (أبو شامة):
«ومن أحسن ما ابتُدع في زماننا ما يُفعلكلّ عامٍ في اليوم الموافق ليوم مولدهصلّى الله عليه وآله وسلّم، من الصدقات،والمعروف، وإظهار الزينة، والسرور، فانَّذلكَ مَعَ ما فيه من الاحسان للفقراء مشعربمحبته صلّى الله عليه وآله وسلّم،وتعظيمه في قلب فاعل ذلك، وشكر اللّه علىما منَّ به من إيجاد رسوله صلّى الله عليهوآله وسلّم الذي أرسله رحمةً للعالمين»(3).
ويقول السيوطي في رسالته (حسن المقصد فيعمل المولد):
(1) جعفر مرتضى العاملي، المواسموالمراسم، ص: 93 - 94، عن سيرتنا وسنتناللعلامة الاميني، ص: 45 - 46. (2) جعفر مرتضى العاملي، المواسموالمراسم، ص: 62، عن رسالة المقصد المطبوعةمَعَ النعمة الكبرى على العالم، والتوسلبالنبي وجهلة الوهابيين، ص: 114. (3) جعفر مرتضى العاملي، المواسموالمراسم، ص: 63، عن السيرة الحلبية، ج: 1، ص:83 - 84.