«عندي انَّ أصل عمل المولد الذي هو اجتماعالناس، وقراءة ما تيسَّر من القرآن،ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبيصلّى الله عليه وآله وسلّم، وما وقَعَ فيمولده من الآيات، ثم يمدّ لهم سماطيأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك،هو من البدع الحسنة التي يُثاب عليهاصاحبها، لما فيه من تعظيم قدر النبي صلّىالله عليه وآله وسلّم، وإظهار الفرحوالاستبشار بمولده الشريف»(1). وينقل (ابن تيمية) أقوالاً عديدة تدل علىمشروعية الاجتماع والاحتفال بيوم المولدالنبوي الشريف على الرغم من أنَّه منالمتشددين على مَن يتخذه عيداً كمايزعم(2)، بل كان متناقضاً في نفس كلامه الذينقلناه عنه آنفاً. وعلى أية حال فهو يقول في (إقتضاء الصراطالمستقيم): «قال المروزي: سألتُ أبا عبد اللّه عنالقوم يبيتون، فيقرأ قارئ، ويدعون حتىيصبحوا؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس... وقالأبو السري الحربي: قال أبو عبد اللّه: وأيشيء أحسن من أن يجتمع الناس يصلّونويذكرون ما أنعم اللّه عليهم كما قالتالأنصار». وأضاف: «وهذا إشارة الى ما رواه أحمد، حدَّثنااسماعيل، أنبأنا أيوب عن محمد بن سيرينقال: نبئت أنَّ الأنصار قبل قدوم رسولاللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينةقالوا: لو نظرنا يوماً فاجتمعنا فيه،فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم اللّه بهعلينا، فقالوا: يوم السبت، ثم قالوا: لانجامع اليهود في يومهم، قالوا: فيومالأحد، قالوا: لا نجامع النصارى في يومهم،قالوا: فيوم العروبة، وكانوا يسمّون يومالجمعة يوم العروبة، فاجتمعوا في بيت أبياُمامة أسعد بن (1) سعيد حوّى، كي لا نمضي بعيداً عناحتياجات العصر، (6) السيرة بلغة الحبوالشعر، ص: 42. (2) انظر للاطلاع على مشروعية اتخاذ هذااليوم عيداً والمباني الشرعية والتاريخيةلذلك (المواسم والمراسم)، ص: (95 - 107).