أزيدها! قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى انكَسبقت إلى فضيلة قصَّر عنها رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم؟ إني سمعتُاللّه يقول: (فَليَحذرِ الّذينَيُحالِفُونَ عَن أمِرِه أن تُصيبَهُمفِتنة أو يُصيبَهُم عَذاب أليم(1))(2).
وفي الحقيقة ان توجيه مالك بن أنس لهذاالرجل لم يبتعد عن الصواب، فانَّ الرجليرى أنَّ الأمر لا يعدو أن يكون قضيةذوقية، يستطيع أن يزيد منها أو ينقص مايشاء! لا سيما وأنه يعطي لنفسه المبررالمشروع، وينتحل لها العذر، لأنَّه يريدأن يتطوّع بأكثر من المطلوب! وهذا أيضاً منقبيل الابتداع المحرَّم الذي ينشأ عن حالةالجهل والتسامح في أمر الدين.
2 - النظرة البتراء للدين
رافقت الاديان السماوية بشكل عام ظاهرةخطيرة تجنح إلى فصل الدين عن الحياة،والاقتصار على الامور العبادية الفرديةالتي لا علاقة لها بالمجتمع والامور التيتحيط بالانسان.وقد أخذت هذهِ الظاهرة المجال الاوسع لهامن الدين الاسلامي أيضاً، ومنذ بداياتالتشريع، من خلال ظهور دعوات متعددةومتكررة، لا زال الواقع الاسلامي يعاني منرواسبها ومخلفّاتها الشيء الكثير.
وكان للظروف السياسية والحكومات التيتآمرت على الاسلام الدخل الكبير في تشجيعهذه الظاهرة، والايحاء إلى المسلمينبأنَّ الدين لا يعني أكثر من الصلاةوالدعاء وإقامة الشعائر العبادية الاخرى،وأما شؤون المجتمع والحياة والادارةوالحكم فهي من
(1) النور: 63.
(2) أبو اسحاق الشاطبي، الاعتصام، ج: 1، ص:132.