المضطر يدعوه فلا يُجاب له، والمظلوميستنصره على عدوه فلا ينصره؟
قال عليه السلام: ويحك! ما يدعوه أحد إلااستجاب له، أمّا الظّالم فدعاؤه مردود إلىأن يتوب إلى اللّه، وأمّا المحقّ فانّهإذا دعاه استجاب له، وصرف عنه البلاء منحيث لا يعلمه، أو ادخر له ثواباً جزيلاًليوم حاجته إليه، وإن لم يكن الأمر الذيسأل العبد خيراً له إن أعطاه أمسك عنه،والمؤمن العارف باللّه ربّما عزّ عليه أنيدعوه فيما لا يدري أصواب ذلك أم خطأ، وقديسأل العبد ربه إهلاك من لم تنقطع مدّته،ويسأل المطر وقتاً ولعّله أوان لا يصلحفيه المطر، لأنّه أعرف بتدبير ما خلق منخلقه، وأشباه ذلك كثيرة فافهم هذا.قال: فأخبرني أيُّها الحكيم، ما بالالسّماء لا ينزل منها إلى الأرض أحد، ولايصعد من الأرض إليها بشر، ولا طريق إليها،ولا مسلك، فلو نظر العباد في كل دهر مرّةمن يصعد إليها وينزل، لكان ذلك أثبت فيالربوبيّة، وأنفى للشّك وأقوى لليقين،وأجدر أن يعلم العباد أنَّ هناك مدبّراًإليه يصعد الصاعد ومن عنده يهبط الهابط؟!
قال عليه السلام: إنَّ كل ما ترى في الأرضمن التدبير إنَّما هو ينزل من السّماء،ومنها يظهر، أما ترى الشمس منها تطلع، وهينور النّهار، ومنها قوام الدنيا ولو حبستحار من عليها وهلك، والقمر منها يطلع، وهونور اللّيل، وبه يعلم عدد السنين والحساب،والشهور والأيام، ولو حبس لحار من عليهاوفسد التدبير، وفي السّماء النجوم التييهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ومنالسّماء ينزل الغيث الذي فيه حياة كل شيء:من الزرع والنبات والأنعام وكل الخلق لوحبس عنهم لما عاشوا، والرِّيح لو حبستأيّاماً لفسدت الأشياء جميعاً وتغيّرت،ثمّ الغيم والرعد والبرق والصواعق، كل ذلكإنَّما هو دليل على أنَّ هناك مدبّراًيدبّر كل شيء ومن عنده ينزل، وقد كلّماللّه موسى وناجاه، ورفع اللّه عيسى بنمريم والملائكة تنزل من عنده، غير أنّك لاتؤمن بما لم تره بعينك، وفيما تراه بعينككفاية ان تفهم وتعقل.