فقال علي السلام: يا عبد اللّه خلقَكَاللّه لما شاءَ، أو لما شئتَ؟ قال: لماشاء، قال عليه السلام: فيمرضُكَ إذا شاء،أو إذا شئت؟! قال: إذا شاء، قال عليهالسلام: فيشفيكَ إذا شاء، أو إذا شئت؟! قال:إذا شاء، قال عليه السلام: فيدخلكَ حيثشاء، أو حيث شئت؟! قال: حيث شاء، قال: فقالعلي عليه السلام: لو قلتَ غير هذا لضربتُالذي فيه عيناك»(1).
والذي يبدو أنَّ هذا الرجل كان يقولبتفويض الامور إلى العباد، وانَّ اللّهتعالى ليست له علاقة بمخلوقاته بعد خلقهموانشائهم، فحذَّره أمير المؤمنين عليهالسلام من الانسياق مَعَ هذا التفكيرالخطير، وبيَّن له انَّ إرادة اللّه تعالىومشيئته تبقى مرافقةً للانسان، ولا يمكنأن تنفك عنه مطلقاً، وسيأتي في آخر هذهِالدراسة تسليط الضوء من خلال حديث أهلالبيت عليهم السلام على هذهِ النقطة بشكلأوضح وأوسع، إن شاء اللّه تعالى.
4 - اتّباع الأهواء
ومن الاسباب الاخرى التي أدَّت إلى نشوءالبدع في حياة المسلمين، ظاهرة اتباعالأهواء، والانحراف عن جادة الصواب،وصراط اللّه المستقيم.فالنفس الانسانية تتجاذبها تياراتوشهوات متعددة، وهي تنساق مع مغرياتالحياة وملاذِّها بروية، وتستعصي علىالحق، وتأبى قبوله، والسير على هداه، لمافيه من منعٍ للنفس عن اهوائها، ومشتهياتهاالفانية.
فقد يدين الانسان بالاسلام، ويُعدّ فيمنيُعدُّ من المسلمين، إلا أنه ما يلبث أنينتحل الاعذار، ويسوِّف في امتثالالأوامر الالهية، نتيجة لاستسلامه لضغوطقوة الهوى عليه، وقد يندفع الانسان إلى ماهو أبشع من ذلك، تلبيةً للنزعات الأنانيةالكامنة في نفسه، فيحرف التعاليمالسماوية، وفق أهوائه وميوله الخاصة، منأجل أن
(1) أبو جعفر الصدوق، التوحيد، باب: 55، ح: 2،ص: 237.