أ - اطلاق لفظ (البدعة) على (التراويح)
يشكّل إطلاق لفظ (البدعة) في الحديثالمتقدم على هذهِ الصلاة قرينةً واضحة علىعدم وجود أيّ ارتباط بين هذهِ الصلاة وبينالدين.فمن الواضح أنَّ مفهوم (البدعة) قد أخذبعده الاصطلاحي في مرتكزات الأصحاب،نتيجةً لتناول النصوص النبوية له بكثرةوتكرار، وتأكيدها على ذمِّه وانتقاده،ودعوتها إلى ضرورة مواجهته ومكافحتهواستئصاله.
فلفظ (البدعة) الوارد في هذا الحديث إما انيُراد به المعنى الاصطلاحي، أو المعنىاللغوي، فان اُريد منه المعنى الاصطلاحي،فهذا يعني الحادث الذي لا أصل له في الدين،وهو ثابت بالاتفاق.
وان اُريد منه المعنى اللغوي فهو يعنيالأمر الحادث من دون مثال سابق، كما نقلناذلك آنفاً عن الكتب اللغوية، وهذا يعنيانَّ هذهِ الصلاة المخترعة ليست مسبوقةبمثال، وليس لها أصل، فيثبت انَّها (بدعة).
وممّا يؤيّد عدم وجود الارتباط بينَ هذهالصلاة وبين الدين، وكونها تشريعاًابتدائياً قول عمر في نفس الحديث:
«إني أرى لو جمعت هؤلاءِ على قارئ واحدٍلكان أمثل».
فحسب المداليل اللغوية التي نمتلكها لانفهم من القول «إنّي أرى» إلا التشريعالابتدائي، والاجتهاد الشخصي في مقابلالوحي المنزل.
ونحن لم نعهد على طيلة المسيرة الرساليةمن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآلهوسلّم أنه كان يقول «إنّي أرى» ويشرِّعأمراً من قبل نفسه، ولم يكن يتبع إلا مايُوحى إليه، ولا ينطق عن الهوى، إن هو الاوحي يوحى، ولا يحيد عن الحكم الالهي قيدشعرة، وكيف يكون ذلك وقد قال اللّه تعالىعنه وهو صاحب الرسالة وربيب الوحي:
(وَلَو تقَّول عَلَينا بَعضَ الأقاويل*لأَخَذنا مِنهُ باليَمينِ* ثم لَقطَعنامنه