دراستنا هذه إن شاء اللّه تعالى.
والآن ننتقل إلى استعراض أهم العواملالتي أدت إلى نشوء ظاهرة (الابتداع) فيحياة المسلمين، وخصوصاً تلك التي نشأت فيبدايات التشريع الاسلامي وأصبحت أساساًتتفرع منه البدع الاخرى، وذلك ضمن النقاطالتالية:
1 - السذاجة والجهل والتسامح في أمر الدين
السذاجة، والجهل، والتسامح.. ظواهراجتماعية عامة كانت تسود مجتمع الجزيرةالعربية حين بعثة النبي الاكرم صلّى اللهعليه وآله وسلّم وانبثاق فجر التشريع.. إذلم يكن المجتمع آنذاك، وبعد أن آمن بالدينالاسلامي الجديد، متحرراً من جميعالرواسب والمخلَّفات التي تركتها الحياةالجاهلية عليه، حيث الاعراف والنواميسالبعيدة عن القيم والاخلاق والمثلالانسانية الرفيعة التي دعى اليهاالاسلام العظيم.وكان للطابع المادي المحض الذي سادالحياة آنذاك، وتحكَّم في جميع أبعادها،وأصبح مقياساً للتفاضل والقيم، قبلإطلالة الاسلام.. الأثر الكبير في قتل روحالابداع والتفكير الحر، والنزوع نحوالعلم والمعرفة والابتكار، فانسان ذلكالوقت كان يعيش حالة الجهل المطبق،وخصوصاً بالنسبة إلى العلوم والمعارفالحقّة، ولا يعي أبسط الاشياء من حوله،وإذا ما أدرك شيئاً من ذلك، فانَّ الجوَّالجاهلي القاتم الذي يلفّه ويحيط به،يمنعه من أن ينتشل نفسه من ذلك الواقعالمدلهم.
ولذا فانَّ الاسلام بتعاليمه السماويةالمشرقة، يمثل في أول أبعاده، وأهماشعاعاته، صحوةً فكرية متألقة، اكتسحتتلك الطبقات الكثيفة المظلمة من الجهلوالتخلف والانحطاط، التي كانت تلبّد حياةالانسان، وتقطع طريق العلم والمعرفةعليه، ففي اللحظات الاولى لاتصال الارضبالسماء، وفي بداية شوط الرسالة الاول،صدع الوحي لرسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم بالقول: