بدعة

جعفر باقري

نسخه متنی -صفحه : 579/ 75
نمايش فراداده

وهذا لا يتنافى طبعاً مع التسليم لأمراللّه تعالى، وأمر رسوله الكريم صلّى اللهعليه وآله وسلّم، وأهل بيته الطاهرينعليهم السلام، وهذا التحرّي والسؤال لايصطدم بطبيعة الحال مع وجوب الانقيادوالامتثال المطلق لتعاليم الشريعةالمقدسة، والاذعان للأحكام الاسلاميةالمشتملة على علل وملاكات غيبية وخفية - فيالاغلب - على الانسان... إذ انَّ التسليموالانقياد لاحكام الشريعة وتعاليمها، معالوعي بفلسفة هذهِ الأحكام وحقائقها،يُعد غاية الامتثال، ومنتهى الطاعةوالتسليم لأمر اللّه عزَّ وجلَّ، فكم هوالفرق بين مَن يطاوع الشريعة في كلِّ ماتقول عشوائياً، من دون أن يعي فلسفةانقياده لها، ومن دون أن يدرك عظمةالتشريع، وأسرار إحكامه وإتقانه.. وبينمَن يطاوع الشريعة وهو مستشعر لحقيقةالأمر، وعارف بخلفياته ومبانيه.

وبسبٍ من الجهل، والتسامح، والسذاجة فيأمر الدين، والسطحية في تلقّي الاحكاموامتثالها، والخلط بين ما هو محللومحرَّم، من دون الالتفات إلى توقيفيةالتشريع وقدسيته، فقد ظهرت في حياةالمسلمين بدع كثيرة في حياة النبي الاكرمصلّى الله عليه وآله وسلّم، وبعد وفاتهقريباً من عصر التشريع، وسوف نقوم بدرجنماذج لبعض هذهِ الحالات فيما يلي:

1 - روي في (الموطأ):

«انَّ رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم رأى رجلاً قائماً في الشمس، فقال: مابال هذا؟ فقالوا: نذرَ أن لا يتكلَّم ولايستظل من الشمس، ولا يجلس، ويصوم، فقالرسول اللّه صلى عليه وآله وسلم: مُرهُفليتكلَّم، وليستظل، وليجلس، وليتمصيامه».

فمن الواضح من خلال هذهِ الرواية أنَّ هذاالرجل قد اندفع بتسامح وعفوية الى ارتكابهذا العمل المحظور، ولم يدرك حقيقة النذرالمشروع، وشروطه، وضوابطه،

(1) مالك بن أنس، الموطأ، الايمان والنذور،ح: 1029، ص: 295.