وموارده المسموح بها، فابتكر من وحي نفسهعملاً يظنُّ أنه داخل في حيِّز التشريع،وألزم نفسه بتطبيقه، وتحمّلِ آثاره.
ولا شك في انَّ هذا العمل يُعد إدخالاًلشيء من خارج الدين فيه، فيكون من مصاديقالابتداع وموارده.
وبما انَّ هذا العمل قد اشتمل على جزءٍصحيح ومشروع، فانّا نرى انَّ رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم قد فصَّلالنهي، ولم يطلق القول بعدم مشروعية العملكلِّه، فقد نهى صلّى الله عليه وآله وسلّمعن الامور غير المشروعة، وهي نذره للوقوففي الشمس، والقيام، وعدم التكلم، وبيَّنصحة نذره للامر المشروع وهو الصيام، ولذاأمره باتمام صيامه، لأنَّ نذر الصيام جائزمن وجهة نظر الفقه الاسلامي.
2 - جاءَ في (الاعتصام) عن قيس بن حازم أنهقال:
«دخل رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم على امرأةٍ من قيس يُقال لها زينب،فرآها لا تتكلَّم، فقال: ما لها؟ فقيل: حجةمصمتة، فقال لها: تكلمَّي فانَّ هذا لايحلّ، هذا من عمل الجاهلية»(1).فنلاحظ هنا أيضاً انَّ هذهِ الحالة تشبهالحالة السابقة، إذ انَّ هذهِ المرأة قدابتدعت من عند نفسها عملاً دخيلاً علىالتشريع، وتصورت انه عمل مشروع تريدالتقرب به إلى اللّه تعالى، وكان ذلك بسببالجهل، وعدم الاطلاع على حدود الدينوتعاليمه بدقّة، فنهاها النبي الاكرمصلّى الله عليه وآله وسلّم عن ذلك، وعَّدسلوكها هذا من عمل الجاهلية.
3 - روي عن أنس أنه قال:
«رأى رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم رجلاً يهادي بين ابنين له، فقال: ماهذا؟ فقالوا: يا رسول اللّه، نذر أن يحجماشياً، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّمإنَّ اللّه لغني عن تعذيبه نفسه،فليركب»(2).(1) أبو اسحاق الشاطبي، الاعتصام، ج: 2، ص: 52.
(2) أحمد بن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، ج: 3،ح: 13454، ص: 271.