جعفر الطیار

حسن محمد

نسخه متنی -صفحه : 16/ 11
نمايش فراداده

أمّا لماذا الحبشة؟

لابدّ لمن يريد أن ينجو من الاضطهاد والعذاب أن يختار مكاناً آمناً يلوذ به وإلاّ فسيكون كالمستجير من الرمضاء بالنار . لهذا فقد تمّ اختيار هذه البلاد وكما صرح بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما أمر المسلمين بالهجرة : لو خرجتم إلى أرض الحبشة ، فإن بها مَلكاً لا يُظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق ، حتى يجعل الله لكم فرجاً ممّا أنتم فيه(16) .

إذن فهي بلاد صدق وفيها حاكم عادل فتجد الدعوة ويجد المهاجرون ساحة بلا موانع يستطيعون التحرّك عليها بحريّة وأمان . كما أنها أرض كانت متجراً لقريش ، يقول الطبري : . . وكانت أرض الحبشة متجراً لقريش يتجرون فيها ، يجدون فيها رفاغاً من الرزق ، وأمناً ومتجراً حسناً(17) .

وكانت ـ أيضاً بلاداً مفتوحةً على كثير من البلدان ، فهي بالتالي تشكّل ساحة مناسبة لنشر الدعوة الجديدة وبثّها في تلك البلاد وفي غيرها ، كما تشكّل ساحة ضغط على قريش وتجارتها . .

وهذا ما حصل بالفعل ، فقد وصل تأثير المهاجرين ـ بدءاً بالملك الذي أعلن موقفه من الإسلام ومن المهاجرين وحمايتهم بقوله : أنا أشهد أنه رسول الله . . . إلى غير الملك من أشراف القوم وأبناء البلاد الآخرين . . وكما يذكر الطبري : ثمّ إنه فشا الإسلام فيها ، ودخل فيه رجال من أشرافهم(18) .