يشير بقوله: (قول هولك و عليك) الى ان اباموسى كان يقول لاهل الكوفه: ان عليا امام هدى، و بيعته صحيحه، الا انه لا يجوز معه قتال اهل القبله. قوله: (فارفع ذيلك)، اى شمر للنهوض معى و اللحاق بى، لتشهد حرب اهل البصره، و كذلك قوله: (و اشدد مئزرك)، و كل منهما كنايه عن الجد و التشمير فى الامر. و قوله: (و اخرج من جحرك)، امر بالخروج من منزله للحاق به. و قوله: (و اندب من معك)، اى و اندب رعيتك من اهل الكوفه الى الخروج معى و اللحاق بى. فانفذ، اى امض الينا. و ان تفشلت، اى جبنت. الخاثر: اللبن الغليظ. و الزبد: خلاصه اللبن و صفوته، و الكلام على التمثيل، تقول للرجل اذا ضربته حتى اثحنته: لقد ضربته حتى خلطت زبده بخائره، و كذلك حتى خلطت ذائبه بجامده، و معناه: لتفسدن حالك و لتخلطن، و ليضطربن ما هو الان منتظم من امرك. القعده، بالكسر، هيئه القعود، اى ليعجلنك الحال عن هيئه قعودك، يصف شده الامر و صعوبته. الهوينى: تصغير: (الهونى) التى هى انثى (اهون)، اى ليست هذه الداهيه التى اذكرها لك بالشى ء الهين الذى ترجو سهولته و دفعه. قوله: (فاعقل عقلك)، قيده بالعزيمه، و لا تدعه يذهب مذاهب التردد و الخوف. و خذ نصيبك و حظك، اى من الطاعه و اتباع الامام الذى لزمت بيعته. يقول: انا لنسكفيك القتال و نظفر فيه و انت نائم خامل، لا اسم لك، و لا يسال عنك، نفعل ذلك بالوجه الحرى، اى الجدير بنا ان نفعله.
قوله: (ما اسلم مسلمكم الا كرها)، يشير الى ابى سفيان و غيره من نبى عبد شمس. انف الاسلام: اوله، يقال: كان ذلك فى انف دوله بنى فلان، اى فى اولها، انف كل شى ء: اوله المصران: الكوفه و البصره قوله: (فى جمع من المهاجرين و الانصار)، اى ليس معك مهاجر، لان اكثر من معك من راى رسول الله صلى الله عليه و سلم هم ابناء الطلقاء و من اسلم بعد الفتح، و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (لا هجره بعد الفتح)، و هو اليوم الذى اسر فيه يزيد بن ابى سفيان اخو معاويه، و كان خرج فى نفل يحاربون رسول الله و يمنعونه من دخول مكه، فقتل قوم، و اسر يزيد، اسره خالد بن الوليد، فخلصه ابوسفيان منه، و ادخله داره فامن، لان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (من دخل دار ابى سفيان فهو آمن). فاسترفه، اى كن ذار فاهيه، و لا ترهقن نفسك بالعجل، فلابد من ان نلتقى. ريح حاصب، اى تحمل الحصباء: و هى صغار الحصى، و اذا كانت بين اغوار- و هى ما سفل من الارض- كانت اعظم مشقه و اشد ضررا على من تلاقيه، قال ابن ابى الحديد: (كنت اسمع قديما ان هذا البيت من شعر بشر بن ابى خازم الاسدى، و الان قد تصفحت شعره فلم اجده، و لا وقفت بعد على قائله) قوله: (اعضضته) ، اى اعضضت رئوس اهلك به: و الكلام على القلب: و هو اسلوب معروف فى كلامهم. و جد معاويه عتبه بن ربيعه، و خاله الوليد بن عتبه، و اخوه حنظله ابن ابى سفيان: قتلهم على جميعا يوم بدر. الاغلف القلب: الذى لا بصيره له، كان قلبه فى غلاف. و المقارب العقل: الذى ليس عقله بجيد. نشدت الضاله: طلبتها، اى طلبت ما ليس لك. و الستائمه: المال الراعى، و الكلام على الاستعاره قوله: (قريب ما اشبهت)، اى و قريب شبهك باعمامك و اخولك، و كان اخوال معاويه من بنى عبد شمس ايضا. الوغى: الحرب، اى لم تزل تلك السيوف تلمع فى الحروب ما خلت منها، و لم تصحبها الهوينى، اى لم ترافقها المساهله. يقول اميرالمومنين فى امر قتله عثمان: ان الامام يجب ان يطاع اولا ثم يتحاكم اليه اولياء الدم و المتهمون، فان حكم بالحق استديمت حكومته، و الا فسق و بطلت امامته. قوله: (فاما تلك التى تريدها)، اى التعلق بهذه الشبهه و هى تسليم قتله عثمان-، و كان معاويه يريد ان يقره على على الشام وحده و لا يكلفه البيعه- قال: ان ذلك كمخادعه الصبى فى اول فطامه عن اللبن بما تصنعه النساء له مما يكره له الثدى و يسليه عنه، و يرغبه فى النعوض عنه بغيره.
و هو جواب كتاب وصل اليه من معاويه بعد قتله الخوارج، و فيه تلويح الى ما كان يقوله من قبل: ان رسول الله وعدنى بقتال طائفه اخرى غير اصحاب الجمل و صفين. آن، اى قرب و حان. و اللملح الباصر، اى النظر بالتحديق الشديد، يقول: قد حان لك ان تنتفع بما تعلمه من معاينه الامور و الاحوال و تتحققه يقينا بقلبك كما يتحقق ذو اللمح الباصر ما يبصره بحاسه بصره. الاباطيل: جمع باطل على غير قياس. و الاقتحام: القاء النفس فى الامر على غير رويه. و المين: الكذب. و الانتحال: الادعاء. و قوله: (ما قد علا عنك)، اى انت دون الخلافه و لست من اهلها، و الابتزاز: الاستلاب، و قوله: (لما قد اختزن دونك)، يعنى التسمى بامره المومنين. الذى هو الزم له من لحمه و دمه، هو البيعه بالخلافه لاميرالمومنين. اللبس: خلط الامور بعضها ببعض اللبسه: الاشتباه، اى احذر الشبهه، و احذر اشتمالك عليها و ادراك بها. يقال: اغدفت المراه قناعها، اى ارسلته على وجهها، و الجلاليب: جمع جلباب، و هو الثوب. و اعشت الابصار ظلمتها، اى جعلت الفتنه ظلمتها غشاء للابصار، و الكلام على الاستعاره و التشبيه. الافانين: الاساليب المختلفه، و يعنى بالسلم الاسلام، يقول: لا تصدر تلك الافا
نين المختلطه عن مسلم، يقال: انه كتب اليه يطلب منه ان يفرده بالشام، و ان يوليه العهد من بعده، و الا يكلفه الحضور عنده. الاساطير: الاباطيل، واحدها اسطوره. و حوك الكلام: صنعته. و الحلم: العقل. الدهاس: المكان السهل الذى لا يبلغ ان يكون رملا. و الديماس: السرب المظلم تحت الارض. المرقبه: الموضع العالى. و الاعلام: جمع علم، و هو ما يهتدى به فى الطرقات من المنار. و الانوق: الرخمه، و فى المثل: (اعز من بيض الانوق)، لانها تحرزه و لا يكاد احد يظفر به، و ذلك لان او كارها فى فى رئوس الجبال و الاماكن الصعبه البعيده. و العيوق: كوكب فوق زحل يضرب به المثل فى العلو. حاش لله، اى معاذ الله. و الورد و الصدر: الدخول و الخروج، و اصله فى الابل و الماء. ينهد اليك عباد الله، اى ينهض. و ارتجت عليك الامور، اى اغلقت.
مثل هذا الكلام قول بعض الحكماء: ما قدر لك اتاك، و ما لم يقدر لك تعداك، فعلام تفرح بما لم يكن بد من وصوله اليك، و علام تحزن بما لم يكن ليقدم عليك! مثله قول بعضهم: لا تبهجن لنفسك بما ادركت من لذاتها الجسمانيه، و ابتهج لها بما تناله من لذاتها العقليه، من القول بالحق، و العمل بالحق، فان اللذات الحسيه خيال ينفد، و المعارف العقليه باقيه لا تنفد.
ايام الله: هى التى عاقب فيها الماضين على سوء اعمالهم اجلس لهم العصرين، اى الغداه و العشى. قصر ثمره جلوسه على مسائل التشريع و الفقه و مذاكره العلماء، لانها مسائل تتعلق بالحجيج، اما السياسه فلها مقام آخر. ذيدت، اى طردت و دفعت المفاقر: الحاجات، يقال سد الله مفاقره اى حاجاته محابه: موضع محبته من الاعمال الصالحه.
سلمان الفارسى، اصله من فارس من رامهرمز، معدود من موالى رسول الله صلى الله عليه و سلم، تداولته ارباب كثيره، من واحد الى آخر حتى افضى الى رسول الله صلى الله على و سلم، و كان اول مشاهده الخندق، و هو الذى اشار بحفره، و له فضائل جمه و اخبار حسان، توفى فى اول سنه 36. مثل هذا الكلام قول بعض الزاهدين: (يابن آدم لا تاسف على مفقود لا برده الفوت، و لا تفرح بموجود لا يتركه عليك الموت).
هو الحارث بن عبدالله بن كعب بن اسد الهمدانى، صاحب اميرالمومنين، و صاحب الفتيا. انتصحه، اى عده ناصحا فيما امرك به و نهاك عنه. قوله: (صدق بما سلف من الحق)، اى صدق بما تضمنه القرآن من ايام الله و مثلاته فى الامم السابقه لما عصوا و كذبوا يقول: لا تحلف بالله الا على الحق تعظيما له، و اجلاله لعظمته. اى: لا تتمن الموت الا و انت واثق من اعمالك الصالحه انها توديك الى الجنه، و تنقذك من النار.
الصحابه، اى الصحبه. و قال رايه، اى فسد. قيل قديما: لا تسكن الا فى مصر فيه سوق قائمه، و نهر جار، و طبيب حاذق، و سلطان عادل، فاما منازل الغفله و الجفاء مثل قرى السواد الصغار، فان اهلها لا نور فيهم، و لا ضوء عليهم، و انما هم كالدواب و الانعم، همهم الحرث و الفلاحه، لا يفقهون شيئا اصلا، فمجاورتهم تعمى القلب، و تظلم الحس. قوله: (و اقصر رايك على ما يعنيك) مثله قول بعضهم: (من دخل فيما لا يعنيه فاته ما يعنيه) فاصلا، خارجا ذاهبا. فى امر تعذر به، اى لضروره دعتك الى ذلك. فى جمل امورك، اى فيها كلها. و يروى: (ملحق)، بكسر الحاء، و جاء فى الخبر النبوى: (فان عذابك الجد بالكفار ملحق).
يتسللون: يخرجون هاربين. و لا تاسف: لا تخزن. و الغى: الضلال. و قوله: (و لك منهم شافيا)، اى يكفيك من الانتقام منهم و شفاء النفس من عقوبتهم انهم يتسللون الى معاويه. الايضاع: الاسراع فى السير. مهطعون: مسرعون. الاثره: الاستئثار. و قوله: (فبعدا لهم و سحقا)، دعاء عليهم بالبعد و الهلاك.
هو المنذر بن الجارود بن خنيس بن المعلى، ينتهى الى عبدالقيس، و بيته بيت الشرف فيهم. و فد ابوه على النبى صلى الله عليه و سلم فى سنه تسع، و اسلم. و اما المنذر، فلم يكن معدودا فى الصحابه، و لا راى الرسول عليه السلام، الا انه كان شريفا تائها معجبا بنفسه. قوله: (صلاح ابيك)، يقال انه حين قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم فارتدت العرب قام الجارود، و خطب قومه، فقال، ايها الناس، ان كان محمد قد مات فان الله حى لا يموت، فاستمسكوا بدينكم، و من ذهب له فى هذه الفتنه دينار او درهم، او بقره او شاه فعلى مثلاه. فما خالفه من عبد قيس احد قوله: (فيما رقى الى)، بالتشديد، اى رفع العتاد: المده. قله: (و تصل عشيرتك)، يقال: كان فيما رقى اليه عنه انه كان يقتطع المال، و يفيضه على رهطه و قومه، و يخرج بعضه فى حاجاته و ماربه العرب تضرب بالجمل المثل فى الهوان، قال العباس بن مرداس السامى: لقد عظم البعير بغير لب و لم يستغن بالعظم البعير يصرفه الصبى بكل وجه و يحبسه على الخسف الجرير و تضربه الوليده بالهرواى فلا غير لديه و لا نكير و اما الشسع فهو شراك النعل، و ضرب المثل به فى الاستهانه مشهور فى كلامهم، و منه قول مهلهل بن
ربيعه: (بو بشسع نعل كليب) الجبابه: استجباء الخراج و جمعه. قوله: (فاقبل الى)، كنايه عن العزل. قوله: (نظار فى عطفيه)، اى جانبيه، ينظر تاره هكذا و تاره هكذا، كما يفعل ارباب الزهو و من يدعى لنفسه الحسن و الملاحه. قوله: (مختال فى برديه)، اى يمشى الخيلاء عجبا. قوله: (تفال فى شراكيه)، الشراك الذى يكون فى النعل على ظهر القدم. و التفال: كثير التفل، و هو البصاق، يفعل ذلك المعجب و التائه بنفسه فى شراكيه، و يمسحها ليعودا كالجديدين.