شرح نهج البلاغه

محمد تقی شوشتری

نسخه متنی -صفحه : 1060/ 50
نمايش فراداده
تجمعان على ذلك الجموع، و تبذلان فيه المال، و تولب ان عليه القبائل.

على ذلك مات ابوك و عليه خلفته، و الشهيد عليك من تدنى، و يلجا اليك من بقيه الاحزاب، و روساء النفاق، و الشاهد لعلى مع فضله المبين القديم انصاره الذين معه الذين ذكرهم الله و اثنى عليهم من المهاجرين و الانصار، و هم كتائب، و عصائب يرون الحق فى اتباعه، و الشقاء فى خلافه.

فكيف يا ويلك تعدل نفسك بعلى (ع)، و هو وارث رسول الله و وصيه، و ابو ولده اول الناس له اتباعا، و اقربهم به عهدا يخبره بسره، و يطلعه على امره، و انت عدوه و ابن عدوه.

فتمتع فى دنياك بباطلك، و ليمددك ابن العاص فى غوايتك- الى ان قال-.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فكتب اليه معاويه: (من معاويه بن صخر الى الزارى على ابيه محمد بن ابى بكر.

اما بعد! فقد اتانى كتابك تذكر فيه ما الله اهله فى عظمته و قدرته.

و ما اصطفى به رسوله، مع كلام كثير لك فيه تضعيف، و لابيك فيه تعنيف، ذكرت فيه فضل ابن ابى طالب، و قديم سوابقه، و قرابته الى الرسول، و مواساته اياه فى كل هول و خوف فكان احتجاجك على و عيبك بفضل غيرك لا بفضلك.

فاحمد ربا صرف هذا الفضل عنك، و جعله لغيرك.

فقد كنا و ابوك فينا نعرف فضل ابن ابى طالب و حقه، لازما لنا مبروما علينا، فلما اختارالله ل نبيه ما عنده، و اتم له ما وعده، و اظهر دعوته و افلح حجته، و قبضه اليه، كان ابوك و فاروقه اول من ابتزه حقه، و خالفه على امره.

على ذلك اتفقا واتسقا.

ثم انهما دعواه الى بيعتهما فابطا عنهما، و تلكا عليهما، فهما به الهموم، و ارادا به العظيم ثم انه بايع لهما، و سلم لهما، و اقاما لا يشركانه فى امرهما، و لا يطلعانه على سرهما حتى قبضهما اليه.

ثم قام ثالثهما عثمان فهدى بهديهما، و سار بسيرهما.

فعبته انت، و صاحبك.

حتى طمع فيه الاقاصى من اهل المعاصى، فطلبتما له الغوائل، و اظهرتما عداوتكما حتى بلغتما فيه مناكما.

فخذ حذرك يا ابن ابى بكر، و قس شبرك بفترك.

تقصر ان توازى او تساوى من يزن الجبال بحلمه.

لا يلين! لمن قسر قناته، و لا يدرك ذومقال اناته، مهد ابوك مهاده و بنى ملكه و شاده، فان يك ما نحن فيه صوابا، فابوك اسسه و نحن شركاوه، و لولا ما فعل ابوك من قبل ما خالفنا ابن ابى طالب، و لسلمنا اليه، و لكنا راينا اباك فعل ذلك به من قبلنا.

فاخذنا بمثله.

فعب اباك بما بدالك او دع ذلك.

و رواه نصر بن مزاحم فى (صفينه)، و فيه: (فان يكن ما نحن فيه صوابا، فابوك اوله، و ان يك جورا، فابوك اسسه، و نحن شركاوه، و بهديه (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) اخذنا، و بفعله اقتدينا و لولا ما سبقنا اليه ابوك، ما خالفنا ابن ابى طالب و اسلمنا له، و لكنا راينا اباك فعل ذلك.

فاحتذينا بمثاله، و اقتدينا بفعاله.

فعب اباك ما بدالك او دع).

و من العجب ان الطبرى قال: لم اجز نقل هذا الكتاب لعدم احتمال العامه له فيقال له: لا يحتمله الا من انسلخ عن الانسانيه، و جوز التناقض و التضاد، و انكار المتواترات، و عدم بطلان الملزوم مع بطلان اللازم فى دين الاسلام، و لازم صحه خلافه ابى بكر و عمر و عثمان كون معاويه على الحق و هو هو و على (ع) على الباطل و هو هو.

اف لهم و لما يعبدون من دون الله.

و نقل (طرائف ابن طاووس) عن (انساب البلاذرى): ان الحسين (ع) لما قتل كتب عبدالله بن عمر الى يزيد بن معاويه: اما بعد! فقد عظمت الرزيه، وجلت المصيبه، و حدث فى الاسلام حدث عظيم، و لا يوم كيوم الحسين.

فكتب اليه يزيد: يا احمق! فانا جئنا الى بيوت متخذه، و فرش ممهده، و وسائد منضده.

فقاتلنا عليها، فان يكن الحق لنا فعن حقنا قاتلنا، و ان يكن الحق لغيرنا فابوك اول من سن هذا و آثر واستاثر بالحق على اهله.

و لازم صحه خلافه ابى بكر كون قتل يزيد السكير القمير للحسين سيد شباب اهل الجنه بالتواتر عن النبى (ص) و اب ن الرسول (ص) بقوله جل و علا (و ابناءنا و ابناءكم) و من اهل بيت العصمه بنص القرآن (انما يريد (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا) حقا، و كفاهم بذلك خزيا.

و فى (الطبرى): لما كتب عبيدالله بن زياد مع مالك بن النسير البدى الكندى الى الحر (جعجع بالحسين حين يبلغك كتابى) نظر اليه ابوالشعثاء الكندى من اصحاب الحسين (ع) و قال له: ثكلتك امك! ماذا جئت فيه؟ قال: اطعت امامى و وفيت بيعتى.

قال له ابوالشعثاء: كسبت العار و النار، قال الله عز و جل: (و جعلناهم ائمه يدعون الى النار و يوم القيامه لا ينصرون).

و فى (الطبرى): ان الشيعه الذين كانوا اصحاب جعفر بن محمد قالوا لزيد بن على لما اراد الخروج: ما قولك فى ابى بكر و عمر؟ قال: ان اشد ما اقول انا كنا احق بسلطان رسول الله (ص) من الناس اجمعين، و ان القوم استاثروا علينا، و دفعونا عنه، و لم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا قالوا: فلم يظلمك هولاء اذا كان اولئك لم يظلموك فلم تدعو الى قتال قوم ليسوا لك بظالمين؟ و قولهم عين الحق.

فان الموسس لبنى اميه هم الثلاثه اليس الثانى احدث شورى لاختيار الثالث؟ اليست خلافه الثالث عين سلطنه بنى اميه؟ ثم الظاهر ان زيدا اتقى باقى اصحابه، فروى عنه ايضا انه ساله رجل عن الرجلين، فلم يجبه.

فلما وقع السهم فى جبينه دعا الرجل، و قال: لم يرمنى بهذا السهم الا الرجلان.

و روى محمد بن الحسن الصفار فى (بصائره) عن الباقر (ع) فى قوله جل و علا: (انا الامانه على السموات و الارض و الجبال فابين ان (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) يحملنها و اشفقن منها و حملها الانسان انه كان ظلوما جهولا): الامانه: الولايه حملها ابوفلان، و ابت السماوات و الارض و الجبال حملها.

و قال الزبير بن بكار: روى محمد بن اسحق ان ابابكر لما بويع افتخرت تيم بن مره، و كان عامه المهاجرين، و جل الانصار لا يشكون ان عليا (ع) هو صاحب الامر بعد الرسول (ص).

فقال الفضل بن العباس: يا معشر قريش، و خصوصا يا بنى تيم انكم انما اخذتم الخلافه بالنبوه، و نحن اهلها دونكم - الى ان قال- و انا لنعلم ان عند صاحبنا عهدا هو ينتهى اليه.

و روى الواقدى فى (شوراه)- كما نقله ابن ابى الحديد عند قوله (ع): (و من كلام له (ع) و قد وقع بينه و بين عثمان مشاجره)- عن ابن عباس قال: شهدت عتاب عثمان لعلى (ع)- الى ان قال- قال عثمان لعلى (ع): فان كنت تزعم ان هذا الامر جعله رسول الله لك، فقد رايناك حين توفى نا زعت ثم اقررت- الى ان قال- فقال له على (ع): و اما عتيق و ابن الخطاب.

فان كانا اخذا ما جعله رسول الله (ص) لى.

فانت اعلم بذلك و المسلمون.

و روى الزبير بن بكار فى (موفقياته) و (الطبرى فى تاريخه) فى سيره عمر، عن عبدالله بن عمر قال: كنت عند ابى يوما، و عنده نفر من الناس.

فجرى ذكر الشعر فقال: من اشعر العرب؟ فقالوا: فلان و فلان.

فطلع ابن عباس.

فقال عمر: جاء الخبير.

من اشعر الناس يا عبدالله؟ قال: زهير ابن ابى سلمى.

قال: فانشدنى مما تستجيده له.

فقال: انه مدح قوما من غطفان يقال لهم بنوسنان.

فقال فيهم: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) لو كان يقعد فوق الشمس من كرم قوم باولهم او مجدهم قعدوا قوم سنان ابوهم حين تنسبهم طابوا و طاب من الاولاد ما ولدوا انس اذا آمنوا جن اذا فزعو مرزون بها ليل اذا جهدوا محسدون على ما كان من نعم لاينزع الله عنهم ماله حسدوا فقال عمر: قاتله الله لقد احسن، و لا ارى هذا المدح يصلح الا لهذا البيت من هاشم لقرابتهم من رسول الله.

فقال له ابن عباس: وفقك الله.

فلم تزل موفقا.

قال: يا ابن عباس! اتدرى ما منع الناس منكم؟ قال: لا.

قال: لكنى ادرى.

قال: ماهو؟ قال: كرهت قريش ان تجتمع لكم النبوه و الخلافه فتجحفوا الناس جحفا، فنظرت قريش لانفسها فاختارت، و وفقت فاصابت.

فقال ابن عباس: اتميط عنى غضبك فاقول؟ قال: قل ما تشاء.

قال: اما قولك ان قريشا كرهت فان الله تعالى قال لقوم (ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فاحبط اعمالهم)، و اما قولك انا كنا نجحف بالخلافه فلو جحفنا بالخلافه جحفنا بالقرابه، ولكنا قوم اخلاقنا مشتقه من خلق رسول الله (ص) الذى قال تعالى له: (و انك لعلى خلق عظيم) و قال تعالى له) (ص): (واخفض جناحك لمن اتبعك من المومنين) و اما قولك: ان قريشا اختارت فان الله تعالى يقول: (و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيره)، و قد علمت ان الله تعالى اختار من خلقه لذلك من اختار.

فلو نظرت قريش لنفسها من حيث نظر الله لها لوفقت و اصابت.

فقال عمر: (على رسلك يا ابن عباس.

ابت قلوبكم يا بنى هاشم الا غشا فى امر قريش لا يزول و حقدا عليها لا يحول).

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فقال ابن عباس: (مهلا، لا تنسب قلوب بنى هاشم الى الغش.

فان قلوبهم من قلب رسول الله (ص) الذى طهره الله، و زكاه، و هم اهل البيت الذين قال تعالى فيهم (انما يريد الله ليذمب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تظهيرا) و اما قولك: حقدا، فكيف لا يحقد م ن غصب شينه، و يراه فى يد غيره.

فقال عمر: (اما انت يا ابن عباس فقد بلغنى عنك كلام اكره ان اخبرك به فتزول منزلتك عندى) قال: و ما هو؟ اخبرنى.

فان يك باطلا فمثلى يميط الباطل عن نفسه، و ان يك حقا فان منزلتى عندك لا تزول به.

قال عمر: بلغنى انك لا تزال تقول اخذ هذا الامر منا حسدا و ظلما.

قال: اما قولك حسدا فقد حسد ابليس آدم فاخرجه من الجنه.

فنحن بنوآدم المحسود، و اما قولك ظلما فانت تعلم صاحب الحق من هو.

ثم قال: الم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله، واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله (ص)؟ فنحن احق برسول الله من سائر قريش.

فقال عمر: قم الان فارجع الى منزلك.

فقام، فلما ولى هتف به عمر ايها المنصرف! انى على ما كان منك لراع حقك.

فالتفت ابن عباس فقال: ان لى عليك، و على كل المسلمين حقا برسول الله (ص) فمن حفظه فحق نفسه حفظ، و من اضاعه فحق نفسه اضاع.

ثم مضى.

فقال عمر لجلسائه: و اها لابن عباس! ما رايته لاحى احدا قط الا خصمه.

و اقول: لله در ابن عباس! ادى حق الكلام، و هل ما قاله لعمر الا عين ما تقوله الاماميه للسنه من ان قريشا، و فى راسهم صديقهم و فاروقهم، كرهوا ما انزل الله تعالى من استخلاف اميرالمومنين (ع) فاحبط الله ا عمالهم، و انهم (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) علموا من اختاره الله تعالى فتركوه عمدا، و انه ما كان لهم اختيار الامام بل لله تعالى كاختيار النبى، و ان اميرالمومنين، و اهل بيته (ع) هم الذين اذهب الله عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا، و ان اخلاقهم كاخلاق النبى (ص) و قلوبهم كقلبه و انهم حسدوهم، و ظلمومم.

و اقول لعمر، زياده على ما قال ابن عباس: لم لا تقول: (اصابت قريش و وفقت فى اختيارها) و لو لم يكن فعلها لما كنت انت و صاحبك تومران على العالم.

و ياالله من عر عمر.

تاره ينسب الى بنى هاشم- و مغزى كلامه و مرماه اميرالمومنين (ع)- الغش، و قد اخذه عنه معاويه، و اخرى العجب و الجحف، و قد اخذ ذلك عنه ابن الزبير، فكان لا يصلى على النبى (ص) فى صلاته و خطبته و يقول: لئلا يشمخ اهله بانافهم.

و ثالثه الحرص و اخذه عنه ابن عوف يوم الشورى، و رابعه الدعابه اخذه ابن النابغه.

فكان يزعم ذلك لاهل الشام.

و روى الجوهرى فى (سقيفته) عن ابن عباس قال: تفرق الناس ليله الجابيه عن عمر.

فسار كل واحد مع الفه.

ثم صادفت عمر تلك الليله فى مسيرنا فحادثته فشكا الى تخلف على (ع) عنه- الى ان قال- قال عمر: يا ابن عباس! اول من ريثكم عن هذا الامر ابوبكر ان قو مكم كرهوا ان يجمعوا لكم الخلافه و النبوه، قلت: لم ذاك الم تنلهم خيرا؟ قال: بلى، ولكنهم لو فعلوا لكنتم عليهم جحفا.

قلت: سبحان الله! اعتقد عمر ان خلافه الاسلام بيد جمع انكروا نبوه نبى الاسلام حتى قهرهم بالسيف، فاسروا كفرهم به واظهروه بعد وفاته.

و روى الزبير بن بكار فى (موفقياته) عن ابن عباس قال: انى لاماشى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) عمر بن الخطاب فى سكه من سكك المدينه اذ قال لى: يا ابن عباس! ما ارى صاحبك الا مظلوما.

فقلت فى نفسى: و الله لا يسبقنى بها.

فقلت: فاردد اليه ظلامته.

فانتزع يده من يدى، و مضى يهمهم ساعه.

ثم وقف فلحقته.

فقال: يا ابن عباس! ما اظن منعهم عنه الا انه استصغره قومه.

فقلت فى نفسى: هذه شر من الاولى.

فقلت: و الله ما استصغره الله و رسوله حين امراه ان ياخذ براءه من صاحبك.

فاعرض عنى و اسرع.

فرجعت عنه.

و فى (فهرست ابن النديم): قال هشام بن الحكم: ما رايت مثل مخالفينا عمدوا الى من ولاه الله من سمائه فعزلوه، و الى من عزله من سمائه فولوه.

و روى الزبير بن بكار ايضا فى (الموفقيات): عن ابن عباس قال: كنت عند عمر.

فتنفس نفسا ظننت ان اضلاعه قد انفرجت.

فقلت له: ما اخرج هذا النفس منك الا هم شديد.

فقال اى: و الله يا ابن عباس انى افتكرت فلم ادر فى من اجعل هذا الامر من بعدى.

ثم قال لعلك ترى صاحبك لها اهلبن قلت: و ما يمنعه من ذلك مع جهاده و سابقته و قرابته و علمه، قال: صدقت ولكنه امرو فيه دعابه- الى ان قال- قال عمر: من ان وليها يحملهم على كتاب ربهم و سنه نبيهم لصاحبك اما ان ولى امرهم حملهم على المحجه البيضاء و الصراط المستقيم.

قلت: سبحان الله مع اعترافه بان اميرالمومنين (ع) لو ولى الامر يحملهم على كتاب ربهم و سنه نبيهم، و على المحجه البيضاء و الصراط المستقيم كيف دبر الامر لعثمان الذى كان يعرف انه لو ولى يردهم الى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) الجامليه الاولى؟! و كيف لا و ساعه جلوسه فى الخلافه جامر ابوسفيان فى محضره: يا بنى اميه تداولوما تداول الكره فلا جنه و لا نار.

و اما رميه له (ع) بالدعابه، فانما كان لانه (ع) لم يكن مثله عبوسا بصفه الجبارين، بل كان بشره فى وجهه الذى هو صفه المومنين.

و روى ابوعمر فى (آستيعابه) عن ابن عمر.

قال: قال عمر لامل الشورى: لله درهم ان ولوها الاصيلع كيف يحملهم على الحق، و لو كان السيف على عنقه.

فقلت: اتعلم ذلك منه و لا توليه.

قال: ان لم استخلف فاتركهم، فقد تركهم من هو خير منى.

قلت: يا لله للجواب، و لحمق اتباعه، لكن لا غرو.

قال تعالى فى فرعون: (فاستخف قومه فاطاعوه)، و لو كان الامر كما ذكروا من عدم لزوم تعيين النبى لخليفته و تكون بيعه الناس تجعل انسانا اماما يكون من خالفه خارجيا مباح الدم يلزم ان يصير ولى الله عدوا الله، و بالعكس لو بايع الناس مخالف الاول مع كون عملهما مع الله تعالى بعد ذلك عملهما معه جل و علا قبل بلا تغيير و لا تبديل، و لا زياده و لا نقصان.

و لما حارب المهلب مع الخوارج بسولاف من قبل مصعب بن الزبير ثمانيه اشهر ثم قتل مصعب بلغ ذلك الخوارج، و لم يبلغ المهلب و اصحابه فناداهم الخوارج الا تخبروننا ما قولكم فى مصعب؟ قالوا: امام هدى.

قالوا: فهو وليكم فى الدنيا و الاخره.

قالوا: نعم.

قالوا: فما قولكم فى عبدالملك بن مروان؟ قالوا: ذاك اللعين ابن اللعين نحن الى الله منه براء، و هو عندنا احل دما منكم.

قالوا: فانتم منه براء فى الدنيا و الاخره، قالوا: نعم.

كبراءتنا منكم.

قالوا: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و انتم له اعداء احياء و امواتا.

قالوا: نعم.

نحن له اعداء كعداوتنا لكم.

قالوا: فان امامكم مصعبا قد قتله عبدالملك، و نراكم ستجعلون غدا عبدالملك امامكم و انتم لا تتبروون منه و تلعنون اباه.

قالوا: كذبتم يا اعداء الله.

فلما كان من الغد تبين لهم قتل مصعب.

فبايع المهلب الناس لعبد الملك.

فاتتهم الخوارج فقالوا: ما تقولون فى مصعب؟ قالوا: يا اعداء الله لا نخبركم ما قولنا فيه، و كرهوا ان يكذبوا انفسهم عندهم قالوا: فقد اخبرتمونا امس انه وليكم فى الدنيا و الاخره، و انكم اولياوه احياء و امواتا، فاخبرونا ما قولكم فى عبدالملك؟ قالوا: ذاك امامنا و خليفتنا و لم يجدوا اذ بايعوه بدا من ان يقولوا هذا القول.

فقالت لهم الازارقه: يا اعداء الله! انتم امس تتبروون منه فى الدنيا و الاخره، و تزعمون انكم له اعداء احياء و امواتا.

و هو اليوم امامكم و خليفتكم، و قد قتل امامكم الذى كنتم تتولونه، فايهما المحق و ايهما المبطل؟ و ايهما المهتدى، و ايهما الضال؟ قالوا لهم: يا اعداء الله! رضينا بذلك اذ كان ولى امورنا، و نرضى بهذا كما رضينا بذاك.

قالوا لهم: لا و الله، ولكنكم اخوان الشياطين، و اولياء الظالمين، و عبيد الدنبا.

و اقول للخوارج: ان ذلك يلزم عليكم بعد اقراركم بامامه صديقكم و فاروقكم، و خروجكم عن الالتزام بلازمه لكونه واضح البطلان التزام بالتضاد و التناقض، و خلاف المعقول.

فن اقر بملزوم لابد ان يقر بلازمه.

و اقو ل لفاروقهم قولك: (ان لم استخلفهم فاتركهم فقد تركهم من هو خير منى) مضحك للثكلى.

فكيف تركهم فقد اراد كتابه وصيه و تعيين وصيه كتابه حتى لا يمكنك انكاره، و كنت تعرف ذلك كما اقررت به فى اعتذارك عن منعه.

فقلت: ان الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله، مع عدم معرفتك بشى ء منه حتى سخط و اخرجك من عنده.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ثم كيف تركتهم، و قد استخلفت بنى اميه الشجره الملعونه فى القرآ ن.

و فى (ايضاح الفضل بن شاذان): روى يزيد بن مارون، عن العوام بن حوشب عن ابراهيم التيمى قال: قال ابن عباس: لقى رجل من اهل الشام ابى بالجابيه فقال: السلام عليك يا اميرالمومنين، فقال: لست للمومنين بامير و هو ذاك- و اشار الى عمر و كان بالقرب- و انا و الله احق بها منه، فسمعها عمر.

فقال له: احق بها منى و منك رجل خلفناه فى المدينه- يعنى عليا (ع).

قلت: نقلنا قصصا عن عمر فى قوله (ع): (و انه ليعلم ان محلى منها محل القطب من الرحى) مع كون المراد به ابابكر لانهما كانا كنفس واحده، و لانه انما كان هو الناصب لابى بكر كما اعترف به اليظام، نصبه ليرد الامر اليه كما صرح به اميرالمومنين (ع) مع انه كان ايام خلافه ابى بكر شريكه فى الخلافه ايضا كما لا يخفى عند من كان له المام بالتاريخ.

ثم انه كما علم ابوبكر اول من تقمص بها بكونه (ع) اولى بها من كل احد كذلك كل من تصدى لها الى الاخر الا انهم تبعوا الاول و تظاهروا به لكونه اسس! لهم رياسه و دنيا عظيمه.

فخطب داود بن على لما بويع السفاح، و قال: (لم يصعد هذا المنبر بعد النبى (ص) حقا الا على بن ابى طالب و السفاح).

و روى الطبرى فى احوال المهدى: ان اباعون عبدالملك بن يزيد مرض فعاده المهدى و ساله حاجته.

فقال: حاجتى ان ترضى عن عبدالله بن ابى عون و تدعو به.

فقد طالت موجدتك عليه.

فقال: يا اباعون! انه على غير الطريق و على خلاف راينا و رايك، انه يقع فى الشيخين ابى بكر و عمر و يسيى القول (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فيهما.

فقال ابوعون: هو و الله على الامر الذى خرجنا عليه، و دعونا اليه.

فان كان قد بدالكم فمروا بما احببتم حتى نطيعكم.

و فى (الاغانى) عن ابى سليمان الناجى قال: جلس المهدى يوما يعطى قريشا صلات امر لهم بها و هو ولى عهد.

فبدا ببنى هاشم ثم بسائر قريش.

فجاء السيد الحميرى، و دفع الى الربيع رقعه مختومه و اذا فيها: قل لابن عباس سمى محمد لاتعطين بنى عدى درهما واحرم بنى تيم بن مره انهم شر البريه آخرا و مقدما ا ن تعطهم لايشكروا لك نعمه و يكافئوك بان تذم و تشتما و لئن منعتهم لقد بدووكم بالمنع اذ ملكوا فكانوا اظلما منعوا تراث محمد اعمامه و بنيه وابنته عديله مريما و تامروا من غيران يستخلفوا و كفى بما فعلوا منالك ماثما لم يشكروا لمحمذ انعامه افيشكرون لغيره ان انعما و الله من عليهم بمحمد و كسا الجنوب و اطعما ثم انبروا لوصيه و وليه بالمنكرات فجرعوه العلقما فرمى بها الى عبيد الله الوزير ثم امر بقطع العطاء فانصرف الناس و ادخل السيد عليه.

فلما راه ضحك، و قال: قد قبلنا نصيحتك يا اسماعيل و ياتى كلام الناصر العباسى.

و اما قول ابى بكر فى اظهاره الشك فى احتضاره.

فقد قال كما فى (خلفاء ابن قتييه): (ليتنى سالته (اى النبى (ص)) لمن هذا الامر من بعده فلا ينازعه فيه احد) فيقال له فى قوله (ليتنى سالته لمن هذا الامر من بعده) ليت (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) صاحبك خلاه يقول ذلك، لكن الرذيه كل الرزيه كما قال ابن عباس و كان كلما ذكر ذلك قال ذلك و يبكى بكاء الثكلى منع صاحبك له عن ذلك مع انه يكفى فى خزى اتباعه شك متبوعهم فى امر نفسه.

و روى محمد بن يعقوب الكلينى عن الاصبغ قال: قال اميرالمومنين (ع): ما بال ا قوام غيروا سنه رسول الله (ص)، و عدلوا عن وصيه لا يتخوفون ان ينزل بهم العذاب؟!! ثم تلا هذه الايه: (الم تر الى الذين بدلوا نعمه الله كفرا و احلوا قومهم دار البوار جهنم) ثم قال: نحن النعمه التى انعم الله بها على عباده، و بنا يفوز من فاز يوم القيامه.

هذا.

و فى (روضه المناظر): اتفق الملك العادل ابوبكر اخوالسلطان صلاح الدين، و الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين على اخذ دمشق من الملك الافضل على بن صلاح الدين، و حاصراه.

فدخل ابوبكر من باب توما، و عثمان من باب العرج، فسار على الى صرخد، و كتب الى الخليفه الناصر العباسى يشكو من عمه و اخيه: مولاى ان ابابكر و صاحبه عثمان قد اخذا بالجور حق على فانظرالى حظ هذا الاسم كيف لقى من الاواخر ما لقى من الاول فاجابه الخليفه الناصر العباسى: غصبوا عليا حقه اذ لم يكن بعد النبى له بيثرب ناصر فاصبر فان غدا عليه حسابهم وابشر فناصرك الامام الناصر (ينحدر) اى: ينهبط.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) (عنى السيل) من سال الماء.

(و لا يرقى) اى: لا يصعد.

(الى الطير) شبه (ع) علوه المعنوى بجبل عال لا يقدر الطير من كثره علوه ان يصعد اليه، و قال الشاعر (عال يقصر دونه اليعقوب ) و اليعقوب ذكر الحجل، و قال الاعشى: فى مجدل شيد بنيانه يزل عنه ظفرالطائر و قال امرو القيس: نيافا تزل الطير عن قذفاته هذا، و قال كعب الاشقرى فى فتح يزيد بن المهلب قلعه نيزك ببادغيس و كانت فى غايه الارتفاع، و كان نيزك يعظمها حتى اذا رآها سجد لها: نفى نيزكا عن بادغيس و نيزك بمنزله اعيى الملوك اغتصابها محلقه دون السماء كانها غمامه صيف زل عنها سحابها و لايبلغ الاروى شماريخها العلى و لا الطيرالا نسرها و عقابها و ما خوفت بالذنب ولدان اهلها و لا نبحت الا النجوم كلابها نقل الصدوق فى (معانى اخباره) عن ابى احمد العسكرى قال: معنى قوله (ع) (ينحدر عنى السيل و لا يرقى الى الطير) ان الخلافه ممتنعه على غيرى، و لايتمكن منها، و لا تصلح له.

قلت: ما قاله انما هو معنى قوله (ع) قبل ذلك: (ان محلى منها محل القطب من الرحى) و اما هذا الكلام فمعناه علو مقامه بحيث لا يمكن لاحد ان يناله.

و علو مقامه هو احد اسباب اعراض الناس عنه (ع)، قال ابوزيد (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) النحوى: قلت للخليل العروضى: لم هجر الناس عليا (ع) و قرباه، من النبى (ص) قرباه، و موضعه من الاسلام موضعه؟ فقال: (و الله بهر نوره انوارمم، و غلبهم على صفو كل منهل، و الناس الى اشكالهم اميل.

اما سمعت قول الاول: و كل شكل لشكله الف اما ترى الفيل يالف الفيلا؟ و قال يونس النحوى ايضا قلت للخليل: ما بال اصحاب النبى (ص) كانهم بنوام واحده، و على كانه ابن عله؟ قال: تقدمهم اسلاما، و بذهم شرفا وفاقهم علما، و رجحهم حلما و كثرهم هدى فحسدوه، و الناس الى امثالهم و اشكالهم اميل.

و فى (عيون المفيد): اتفق الناس على النقل عن اميرالمومنين (ع) رجزه فى صفين: انا على صاحب الصمصامه و صاحب الحوض لدى القيامه اخونبى الله ذى العلامه قد قال اذ عممنى العمامه انت اخى و معدن الكرامه و من له من بعدى الامامه و كيف لا يكون مقامه (ع) بذاك الشموخ، و كتاب الله تعالى فى تنزيله جعله نفس النبى (ص)، و النبى (ص) جعل فى المتواتر عنه يوم احد لماقال جبرئيل (ع) تعجبا من حمايته (ع) عنه (ص) نفسه منه (ع) فقال (ص) لجبرئيل: (كيف لا يواسينى على، و هو منى و انا منه) كماجعل جبرئيل نفسه منه (ع) كماجعلهامنه (ص) فقال للنبى (ص) بعد (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) كلامه ذاك (وانا منكما).

(فسد لت) اى: ارخيت.

(دونها) اى: دون الخلافه.

(ثوبا) و الكلام كنايه عن اعراضه عنها، كمن يضرب ال حجاب بينه و بين من يعرض عنه.

و فى (ايضاح الفضل): قال المامون لفقهاء العامه: قال على (ع): قبض النبى (ص) و انا اولى بمجلسه منى بقميصى، ولكنى اشفقت ان يرجع الناس كفارا.

(و طويت عنها كشحا) قال ابن ابى الحديد: اى: حرمتها قالوا: لان من كان الى جانبك الايمن مثلا فطويت كشحك الايسر فقد ملت عنه و الكشح ما بين الخاصره و الجنب.

و عندى انهم ارادوا غير ذلك، و هو ان من اجاع نفسه.

فقد طوى كشحه كما ان من اكل و شبع فقد ملا كشحه، فكانه اراد انى اجعت نفسى عنها و لم التهمها.

قلت: انما يجى ء (طوى بطنه) بمعنى الجوع كما فى الخبر (و اترك اهل الصفه تطوى بطونهم) و اما (طوى كشحه) فلا يجى ء الا بمعنى الاعراض اذا عدى بعن كما فى كلامه (ع)، او بتقديرها كما فى قول الشاعر: اخ قد طوى كشحا و اب ليذهبا و قال آخر: و صاحب لى طوى كشحا فقلت له ان انطواءك هذا عنك يطوينى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و اما اذا عدى بعلى فبمعنى الاخفاء كما قال زهير فى حصين بن ضمضم فى حرب داحس و الغبراء.

و كان طوى كشحا على مستكنه فلا هو ابداها و لم يتجمجم و فى (اللسان): اراد (بالمستكنه) عداوه اكنها فى ضميره.

و بالجمله قوله (ع): (و طويت عنها كشحا) كقو له (ع): (و سدلت دونها ثوبا)، كنايه عن اعراضه (ع) عن الخلافه و تصدى الامر، و ابن ابى الحديد خلط بين طى البطن و طى الكشح.

ثم طى الكشح لا يختص بمن كان على ايمنك فطويت ايسرك عنه كما قال ابن ابى الحديد بل يجى ء للعكس ايضا بل قوله: فطويت ايسرك عنه غير صحيح.

فمن كان على ايمنك تطوى ايمنك اولا عنه اذا اعرضت عنه، و بطى الايمن يحصل طى الايسر.

ثم انه (ع) اعرض عن الخلافه، و سدل دونها ثوبا، و طوى عنها كشحا لان النبى (ص) اخبره بكيفيه معامله الناس معه (ع) بعده فقال له (ان الامه ستغدر بك بعدى).

و روى ان الاشعث بن قيس قاله له: ما منعك يا ابن ابى طالب حين بويع اخو بنى تيم، و اخو بنى عدى، واخو بنى اميه ان تقاتل و تضرب بسيفك، و انت لم تخظبنا خظبه مذ كنت قدمت العراق الا قلت فيها قبل ان تنزل عن المنبر (و الله انى لاولى الناس، و مازلت مظلوما مذ قبض رسول الله) فما يمنعك ان تضرب بسيفك دون مظلمتك؟ قال: يا ابن قيس اسمع الجواب.

لم يمنعنى من ذلك الجبن، و لا كراهه (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) للقاء ربى، ولكن منعنى من ذلك امر النبى (ص) و عهده الى.

اخبرنى بما الامه صانعه بعده.

فلم اك بما صنعوا حين عاينته باعلم به، و لا اشد استيقانا منى به قبل ذلك.

فقلت: يا رسول الله، فما تعهد الى اذا كان ذلك؟ قال: ان وجدت اعوانا فانبذ اليهم و جاهدهم، وان لم تجد اعوانا.

فكف يدك، واحقن دمك حتى تجد على اقامه الدين و كتاب الله و سنتى اعوانا، و اخبرنى ان الامه ستخذلنى و تبايع غيرى، و اخبرنى انى منه بمنزله مارون من موسى، و ان الامه سيصيرون بعده بمنزله هارون، و من تبعه، و العجل و من تبعه اذ قال له موسى: (يا هارون ما منعك اذ رايتهم ضلوا الا تتبعن افعصيت امرى قال يا ابن ام لا تاخذ بلحيتى و لا براسى انى خشيت ان تقول فرقت بين بنى اسرائيل و لم ترقب قولى)- الخبر.

و لم يحضر (ع) السقيفه كما حضروا لامرين: احدهما: انه كان مشتغلا بدفن النبى (ص) فكانوا يقولون له (ع) بعد سماع احتجاجه عليهم: (لو سمعت الانصار كلامك قبل بيعتها لابى بكر ما اختلفت عليك) فكان (ع) يقول: (افكنت ادع رسول الله (ص) فى بيته لم ادفنه، و اخرج انازع الناس بسلطانه).

و الثانى: ان الامام بمنزله الكعبه يجب على الناس ان ياتوها لا ان تاتيهم (و طفقت) طفق: من افعال الشروع قال تعالى: (و طفقا يخصفان عليهما (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) (ارتئى بين ان اصول): من الصوله بمعنى الحمله.

(بيد جذاء) اى: مقطوعه قال تعالى: (فجعلهم جذاذا الا كبيرا لهم).

و قال جل و علا: (عطاء غيرمجذوذ).

و يحتمل ان يكون (بيد جداء) بالمهمله ايضا بذاك المعنى كقولهم: (ارض جداء) اى: لا ماء بها (و شاه جداء) لا لبن لها، و كقول الشاعر: ابى حبى سليمى ان يبيدا و امسى حبلها خلقا جديدا و اما كونه: (بيد حذاء) بالحاء كما احتمله ابن ابى الحديد و جعله بذاك المعنى فلا وجه له.

فانه بمعنى السريع الخفيف يقال: (سيف احذ) اى: سريع القطع (و ناقه حذاء): سريعه السير، (و قطاه حذاء): سريعه الطيران، (و حاجه حذاء): سريعه النفاذ و النجح، (و عزيمه حذاء): ماضيه لا يلوى صاحبها على شى ء.

قال الراعى: و طوى الفواد على قضاء عزيمه حذاء واتخذ الزماع خليلا و امر احذ ينفلت من كل احد لا يقدر على تداركه.

قال الطرماح: يقرى الامورالحذ ذا اربه فى ليها شزرا و امرارها و رجل احذ اى: خفيف اليد.

قال الفرزدق: بعثت على العراق و رافديه فزاريا احذ يدالقميص و قلب احذ: سريع الادراك.

قال طرفه: و اروع نباض احذ ململم كمرداه صخر فى صفيح منضد (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و فى كلامه (ع): (ان الدنيا قد ولت حذاء) اى: سريعه خفيفه، و حينئذ فلو جعل هنا قوله (ع): (بيد حذاء) بالحاء يصير المعنى عكس المراد كما لا يخفى.

قال ابن قتيبه فى (خلفائه): خرج على- كرم الله وجهه- يحمل فاطمه بنت رسول الله (ص) على دابه ليلا فى مجالس الانصار تسالهم النصره.

فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، و لو ان زوجك و ابن عمك سبق الينا قبل ابى بكر ما عدلنا به.

فقالت فاطمه: ما صنع ابوالحسن الا ما كان ينبغى له، و لقد صنعوا ما الله حسيبهم و طالبهم.

و فى خطبته (ع) الطالوتيه: اما و الله لو كان لى عده اصحاب طالوت، او عده اهل بدر، و هم اعداوكم لضربتكم بالسيف حتى توولوا الى الحق، و تنيبوا للصدق- الى ان قال- و الله لو ان لى رجالا ينصحون الله و لرسوله بعدد هذه الشياه- و اشار الى ثلاثين شاه- لازلت ابن آكله الذباب عن ملكه- الخبر.

(او اصبر على طخيه عمياء) قال ابواحمد العسكرى فى تفسير الخطبه: للطخيه موضعان: احدهما: الطلمه، و الاخر: الغم و الحزن، و هو ماهنا يجمع الظلمه و الغم و الحزن.

قلت: الظاهر انه انما قال هاهنا يجمعهما لوصفها بعمياء فكانه قال طخيه بجميع معانيها.

قال ابن ابى الحديد: ان فى الكلام تقديما و تاخيرا، و تقديره: و لا يرقى الى الطير فطفقت ارتئى بين كذا و كذا فرايت ان الصبر على هاتا احجى فسدلت (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) دونها ثوبا و طويت عنها كشحا ثم و صبرت و فى العين قذى الى آخر القصه لانه لا يجوز ان يسدل دونها ثوبا و يطوى عنها كشحا ثم يطفق يرتئى بين ان ينابذهم او يصبر- الى ان قال- و التقديم و التاخير طريق لاحب و سبيل مهيع فى الغه العرب قال تعالى: (الذى انزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا قيما) اى انزل على عبده الكتاب قيما و لم يجعل له عوجا.

قلت: بل لا تقديم و لا تاخير، و انما الكلام من باب الاجمال و التفصيل فاجمل (ع) اولا اعراضه بقوله: (فسدلت دونها ثوبا و طويت عنها كشحا) و فصل ثانيا بقوله: (و طفقت ارتئى بين ان اصول بيد جذاء او اصبر على طخيه عمياء).

فشرع (ع) يفكر فراى امره دائرا بين محذورين صوله غير منتجه، و غمضه مولمه، و المحذور الثانى اقرب الى العقل فاختاره.

و لولاه لما كان لاعراضه وجه، و لذا لم يعرض (ع) بعد عثمان و قام و قاتل و قال فى قتاله مخالفيه (لم يسعنى الا القتال او الكفر بما نزل على محمد (ص)).

و التقديم و التاخير فى الغه العرب و ان كان كثيرا حتى عقد له الثعالبى فى (سر عربيته) بابين لكنه طريق آخر ليس مثل ما قال فى كلامه، و لا اختصاص له بلغه العرب بل سائر فى جميع اللغات، و اما ما لفقه فى بيان ترتيب كلامه (ع) فهو خارج عن طريق المحاوره عند الكل.

(يهرم فيها الكبير، و يشيب فيها الصغير) قال ابن ابى الحديد: يمكن ان (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) يكون من باب الحقائق يعنى به طول ولايه المتقدمين عليه، و من باب المجازات يعنى به صعوبه تلك الايام حتى ان الكبير يكاد يهرم و الصغير يشيب من اهوالها.

قلت: قوله (ع) (يهرم): صفه لقوله (ع) (طخيه عمياء) و حينئذ فالمراد شرح حاله (ع) فى اول الامر يوم تصدى ابى بكر للامر فيتعين ان كلامه (ع) من باب الاستعاره.

قال (ع) ذلك لان ابابكر فعل افعالا شنيعه حتى ان بعضها لم يرضها عمر منها قتل خالد بن الوليد و اليه لمالك بن نويره بتهمه الارتداد، و زناه بامراته ليله قتله.

فترك ابوبكر الحد و القود عليه.

قال الجزرى فى (كامله): لما قدم خالد البطاح بعث السرايا و امرهم بداعيه الاسلام، و ان ياتوه بكل من لم يجب، و ان امنتع ان يقتلوه- الى ان قال بعد ذكر قتله مالكا و وطيه امراته، و بلوغ خبره الى المدينه- قال عمر لابى بكر: ان سيف خالد فيه رهق، و اكثر عليه فى ذلك فقال: يا عمر! تاول خالد فاخطا.

فارفع لسانك عنه.

فانى لا اشيم سيفا سله الله على الكافرين، و ودى مالكا، و كتب الى خالد ان يقدم عليه ففعل و دخل المسجد و عليه قباء، و قد غرز فى عمامته سهما.

فقام اليه عمر.

فنزعها و حطمها و قال له: (قتلت امرا مسلما ثم نزوت على امراته، و الله لارجمنك باحجارك) و خالد لا يكلمه يظن ان راى ابى بكر مثله، و دخل على ابى بكر.

فاخبره الخبر، واعتذر اليه فعذره و تجاوز عنه، و عنفه فى التزويج الذى كانت عليه العرب من كراهه ايام الحرب.

فخرج خالد و عمر جالس.

فقال له خالد: (هلم الى يا ابن ام شمله) فعرف عمر ان ابابكر رضى عنه.

فلم يكلمه، و قيل: ان المسلمين لما غشوا مالكا و اصحابه ليلا اخذوا السلاح، فقالوا: نحن (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) المسلمون.

فقال اصحاب مالك: و نحن المسلمون.

قالوا لهم: ضعوا السلاح.

فوضعوه ثم صلوا.

و كان خالد يعتذر فى قتله لمالك انه قال: ما اخال صاحبكم الا قال كذا و كذا فقال له: او ما تعده لك صاحبا ثم ضرب عنقه، و قدم اخوه متمم بن نويره على ابى بكر يطلب بدم اخيه، و يساله ان يرد عليه سبيهم، فامر ابوبكر برد السبى، و ودى مالكامن بيت المال.

و قال الجزرى ايضا فى (كامله): كان اول كناب كتبه عمر- لقا ولى- بتوليه ابى عبيده جند خالد، و بعزل خالد لانه كان ساخطا عليه فى خلافه ابى بكر كل ها لوقعته بمالك بن نويره، و ما كان يعمل فى حربه، و اول ما تكلم به عزل خالد، و قال: لا يلى لى عملا ابدا.

و كتب الى ابى عبيده ان اكذب خالد نفسه فهو الامير على ما كان عليه، و ان لم يكذب نفسه، فانت الامير على ما هو عليه، انزع عمامته عن راسه، و قاسمه ماله.

فذكر ابوعبيده ذلك لخالد، فاستشار خالد اخته، و كانت عند الحرث بن هشام.

فقالت: و الله لا يحبك عمر ابدا، و ما يريد الا ان تكذب نفسك ثم ينزعك.

فقبل راسها، و قال: صدقت.

فابى ان يكذب نفسه.

فامر ابوعبيده بنزع عمامه خالد- الخ.

و روى ان عمر قال يوما فى خلافته لخالد: انت الذى قتلت مالكا.

فقال ان كنت قتلت خالدالهنات كانت بينى و بينه، فقد قتلت لكم سعد بن عباده لهنات كانت بينكم و بينه.

و فى (كامل المبرد): لما صلى ابوبكر، قام متمم بن نويره اخو مالك الذى قتله خالد بحذاء ابى بكر، و واتكا على سيه قوسه، و اومى الى ابى بكر، و قال: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ادعوته بالله ثم غررته لو هو دعاك بذمه لم يغدر فقال ابوبكر: و الله ما دعوته و لا غررته (و اقول: لعمر الله صدق متمم، و كذب ابوبكر.

فهل فعل عامله الا فعله مع رضائه به و امضائه له، و لو كان صدق لتبرا من فعل خالد و لاق اد متمما من خالد.

نعم منا لم يكن عمر شريكه حيث انكره غايه الانكار الذى سمعته) الى ان قال- ثم بكى متمم و انحط على سيه قوسه، و كان اعور.

فما زال يبكى حتى دمعت عينه العوراء.

فقام اليه عمر.

فقال: لوددت انى رثيت اخى زيدا بمثل ما رثيت به اخاك مالكا.

و اقول لابى بكر فى قوله لعمر: (لم اكن لاشيم سيفا سله الله على الكافرين.

بل لم تكن لتشيم سيفا سللته على المسلمين لتتظاهر بذلك على اميرالمو منين (ع).

و يا لله لاخواننا فى تبجحهم بهذا الرجل بكونه صاحب الغار، و يقتل عامله برضاه جمعا من المسلمين غدرا، و يقطع هو و جنده رووسهم، و يجعلونها اثافى قدورهم.

قال الطبرى: كان مالك بن نويره من اكثر الناس شعرا، و ان اهل العسكر اثفوا برووسهم القدور.

فما منهم راس الا وصلت النار الى بشرته ما خلا مالكا.

فان القدر نضجت و ما نضج راسه من كثره شعره.

فهل ينبغى ان يقال له فى عمله ذاك الاصاحب العار مع ان كونه صاحب الغار ايضا كان عارا حيث صار سببا لاضطراب النبى (ص) حتى انزل الله سكينته على رسوله و ابقاه فى عواره، و سموه الصديق، و هل ذاك (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) العمل عمل صديق ام زنديق.

و من الغريب ان من مسلماتهم كون خالد سيف الله، و لعم ر الله ان كان الا سيف ابى بكر.

فان كان ابوبكر الههم فهو سيف الههم لا سيف الله.

و من المضحك انهم وضعوا له ان النبى (ص) و صفه بذلك الا ان الله تعالى الذى يخزى الكاذب فضحهم بان قالوا لقبه النبى بذلك لما كان بموته و جعلوا الراوى لذلك ابا قتاده.

فقال الطبرى: قال ابوقتاده: بعث النبى (ص) جيش الامراء.

فقال: عليكم زيد بن حارثه.

فان اصيب فجعفر، فان اصيب جعفر فعبد الله بن رواحه.

فوثب جعفر فقال: يا رسول الله ما كنت اذهب ان تستعمل زيدا على، قال: امض فانك لا تدرى اى ذلك خير.

فانطلقوا- الى ان قال- فقال النبى (ص): اخبركم عن جيشكم- الى ان قال بعد ذكر الاخبار عن شهاده عبدالله بن رواحه- قال النبى: ثم اخذ اللواء خالد بن الوليد، و لم يكن من الامراء هو امر نفسه.

ثم قال النبى (ص): (اللهم انه سيف من سيوفك فانت تنصره) فمنذ يومئذ سمى خالد سيف الله.

مع ان خالدا لما رجع من موته مع الجيش جعل الناس يحثون التراب على خالد و جيشه، و يقولون: (يا فرار فى سبيل الله) فهل يقولون لسيف الله و ان ابا قتاده كان من منكرى خالد، و عاهد الله تعالى ان لايشهد معه حربا فرار فى سبيل الله؟ فكيف يمكن ان يكون سمع النبى (ص) سماه سيف الله كما و ضعوا على لسانه و ي عاهد الله تعالى الا يشهد مع خالد حربا.

اما ان خالدا و جيشه لما رجعوا كان الناس يقولون لهم: يا فرار.

فقال الطبرى قال عروه بن الزبير حين انصرف خالد بن الوليد بالناس قافلا: لما دنوا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) من دخول المدينه تلقاهم النبى (ص) و المسلمون، و جعل الناس يحثون على الجيش التراب، و يقولون: يا فرار فى سبيل الله- و قالت ام سلمه لامراه سلمه بن هشام بن المغيره: مالى لا ارى سلمه يحضر الصلاه مع النبى (ص) قالت: و الله ما يستطيع ان يخرج، كلما خرج صاح الناس افررتم فى سبيل الله.

و اما ان ابا قتاده عاهد الله تعالى ان لا يشهد حربا مع خالد.

ففى (الطبرى): ان ابا قتاده ممن شهد لمالك بن نويره بالاسلام، و خاصم خالدا و تركه، و جاء الى المدينه، و اخبر الناس بغدر خالد بمالك، و عاهد الله تعالى ان لا يشهد مع خالد حربا.

لكن تلقيب صديقهم له بسيف الله محقق.

فقد عرفت انه قال لعمر: (لم اكن لا شيم سيفا سله الله على الكافرين) الا ان فاروقهم حكم بضده، و قال له: ان خالدا سيف فيه رهق، و سيف الله لا يمكن ان يكون فيه رمق.

و من الغريب انهم تاره يقولون ان النبى جعل خالدا سيف الله، و اخرى لما ارادوا ان يضعوا لعبد الرحمن بن عوف و امثاله فضائل، يروون ما يدل على ان النبى (ص) لم يكن يحسب خالدا من المسلمين حيث لم يجعله من اصحابه، و كل اصحابه مسلمون.

فروى الطبرى- فى قصه غدر خالد فى زمن النبى ببنى جذيمه الذين قتلوا عمه فى الجاهليه كما قتلوا عوفا والد عبدالرحمن بن عوف- عن ابن ابى سلمه قال: كان بين خالد و عبد الرحمن بن عوف فيما بلغنى كلام فى ذلك.

فقال له (عبدالرحمن): عملت بامر الجاهليه فى الاسلام.

فقال: خالد انما ثارت بابيك.

فقال عبدالرحمن: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) كذبت قد قتلت قاتل ابى، مولكنك انما ثارت بعمك الفاكه حتى كان بينهما شى ء.

فبلغ ذلك النبى (ص) فقال: مهلا يا خالد دع عنك اصحابى.

فوالله لو كان لك احد ذهبا ثم انفقته فى سبيل الله ما ادركت غدوه رجل من اصحابى و لا رو حته.

ثم من العجب انهم لم يعنونوا مالكا فى كتبهم فى الصحابه مع انهم يعنونون المنافقين فلم يذكره ابن منده فى كتابه، و لا ابونعيم فى كتابه، و لا ابوعمر فى استيعابه و لا غيرهم ممن كتب فى الصحابه.

و قد تعجب ابن الاثير الذى جمع اقوال اولنك الثلاثه فى كتابه (اسد الغابه) مع شده نصبه من ذلك.

فعنونه من نفسه، و نقل ترجمته من (تاريخ الطبرى)، و قال: (هذا يدل على ان مالكا لم ي رتد، و قد ذكروا فى الصحابه ابعد من هذا فتركهم هذا عجب، و عمر يقول لخالد: (قتلت امرا مسلما).

ابوقتاده يشهد انهم اذنوا و صلوا، و ابوبكر يرد السبى و يعطى ديه مالك من بيت المال.

فهذا جميعه يدل على انه مسلم، و وصف متمم اخاه مالكا.

فقال (كان يركب الفرس الحرون، و يقود الجمل الثقال و هو بين المزادتين النضوحتين فى الليله القره، و عليه شمله فلوت معتقلا رمحا خطيا.

فيسرى ليلته ثم يصبح وجهه ضاحكا كانه فلقه قمر.

و اقول للجزرى: لا تلم اصحابك فى ذلك.

فانهم ارادوا اخفاء عار صاحب غارهم، و هل كان جوابه لاخيه فى قوله: (ادعوته باالله ثم غررته) (و الله ما دعوته و لا غررته) جوابا؟ هل قال له: انت بشخصك فعلت كذا حتى يجيبه بما اجاب؟ و هل جوابه الا جواب مكابر؟ (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) كما انهم وضعوا له ان النبى (ص) سماه صديقا لكونه صدق خبر اسرائه الى بيت المقدس.

فان كان كذلك.

فالمسلمون كلهم صدقوا ذلك.

فيلزم ان يكونوا كلهم صديقين.

ثم لازم ذلك عدم تصديق فاروقهم، و ذى نوريهم لاسرائه الى بيت المقدس و كان اسراوه قبل هجرته بسنه، و قد نطق باسرائه القرآن فيلزم ان يكونا كافرين.

مع ان فى خبرهم: ان النبى (ص) قال لجبرئيل (ع): ان قومى ل ا يصدقونى فقال جبرئيل (يصدقك ابوبكر و هو الصديق) و لا ربط للجواب.

فان مراد النبى (ص) بقومه قريش الكفار فاى فائده لتصديق ابى بكر له، و هو احد اصحابه.

و الدليل على ان المراد بقومه قريش الكفار قوله تعالى: (و قال الرسول يا رب ان قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا) و قوله تعالى: (و كذب به قومك و هو الحق)، و قوله تعالى: (و لما ضرب ابن مريم مثلا اذا قومك منه يصدون).

فان كانت الالقاب جزافا كالقاب العباسيه المتوكل على الله، و المعتصم بالله، و غير ذلك فلا مشاحه، فكم اسم ليس تحته مسمى، بل كم اسم مسماه بالضد كما قيل بالفارسيه: بر عكس نهند نام زنگى كافور (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و ان كانت عن حقيقه، فلابد ان يعاين فى الملقب علائم المعنى كما قال الذى نجا من صاحبى يوسف (ع) له (ع) لما كان شاهد فى السجن صدقه فى اعماله و اقواله (يوسف ايها الصديق افتنا فى سبع بقرات) الايه.

و الرجل لم يكن صادقا فضلا عن كونه صديقا.

فللصادق اوصاف ذكرها الله تعالى فى قوله (ولكن البر من آمن باالله و اليوم الاخر و الملائكه و الكتاب و النبيين و آتى المال على حبه ذوى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و السائلين و فى الرقاب و اقام الصلاه و آتى الزكاه و الموفون بعهدهم اذا عاهدوا و الصابرين فى الباساء و الضراء و حين الباس اولئك الذين صدقوا).

اثبتوا وجود واحد من هذه الاوصاف فيه بالبرهان لا بما بذل معاويه الاموال فى الوضع و الجعل له و لصاحبه، تضعيفا لامر حجه الله.

و كيف و فقدانه لكثير منها بالعيان.

فلم يصبر فى الباساء و الضراء اذ كان فى الغار حتى نهاه النبى (ص) عن الجزع، و بقى مضطربا لتخصيص الله تعالى انزال السكينه بنبيه (ص).

و لم يصبر حين الباس.

فاخذ هو كصاحبه الرايه فى خيبر و رجع منهزما يجبن اصحابه و يجبنه اصحابه حتى قال النبى (ص): (لاعطين الرايه غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله) فاعطاها امير المومنين (ع).

و فى كلام النبى (ص) هذا اشاره لمن القى السمع و هو شهيد ان الرجل (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و صاحبه كانا لا يحبان الله و رسوله، و لا يحبهما الله و رسوله.

و يوم حنين قال: (اليوم لن نغلب عن قله) ثم انهزم فى من انهزم.

فانزل تعالى فيه: (و يوم حنين اذا اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم انزل الله سكينته على رسوله و على المومنين و انزل جنودا لم تروها).

و اخرجه تعالى هنا ايضا كايه ال غار ممن انزل عليه السكينه حيث غير الخطاب، و قال: (على المومنين) و لم يقل: (و عليكم) فيفهم اخراجه عن المومنين ايضا.

و من العجب انهم لم يصفوا اميرالمومنين (ع) بالصديق مع كونه اول من صدق النبى (ص) بالعيان.

قال الاسكافى فى (نقض سفيانيه الجاحظ): قال النبى (ص): لقد صلت الملائكه على و على على سبع سنين، و ذلك انه لم يصل معى رجل فيهاغيره.

و قال عباد بن عبدالله الاسدى ايضا: سمعت عليا (ع) يقول: انا عبدالله و اخو رسوله، و انا الصديق الاكبر، لا يقولها غيرى الا كذاب.

و لقد صليت قبل الناس سبع سنين.

و فى (الطبرى) عن اميرالمومنين قال: لما نزلت على النبى (ص) (و انذر عشيرتك الاقربين) دعانى النبى (ص) فقال: ان الله تعالى امرنى ان انذر عشيرتى الاقربين فضقت بذلك ذرعا و عرفت انى متى اباديهم بهذا الامر ارى منهم ما اكره، فصمت عليه حتى جاءنى جبرئيل و قال: (ان لاتفعل (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ما تومر به يعذبك ربك) فاصنع يا على لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاه، واملا لنا عسا من لبن، ثم اجمع لى بنى عبدالمطلب حتى اكلمهم و ابلغهم ما امرت به.

ففعلت ما امرنى به ثم دعوتهم له، و هم يومئذ اربعون رجلا يزيدون رجلا او ينقصونه، فيهم ا عمامه ابوطالب، و حمزه و العباس و ابو لهب، فلما اجتمعوا اليه دعانى بالطعام الذى صنعت لهم، فجئت به.

فلما وضعته تناول النبى (ص) حذيه من اللحم فشقها باسنانه ثم القاها فى نواحى الصفحه ثم قال: خذوا بسم الله.

فاكل القوم حتى مالهم بشى ء حاجه، و ما ارى الا موضع ايديهم، و ايم الله الذى نفس على بيده و ان كان الرجل الواحد منهم لياكل ما قدمت لجميعهم.

ثم قال: اسق القوم.

فجئتهم بذلك العس.

فشربوا حتى رووا منه جميعا، و ايم الله ان كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلما اراد النبى (ص) ان ينكلم بدره ابولهب الى الكلام فقال: (لقد سحركم صاحبكم) فتفرق القوم.

و لم يكلمهم النبى (ص) فقال فى الغد: يا على! ان هذا الرجل سبقنى الى ما قد سمعت من القول.

فتفرق القوم قبل ان اكلمهم.

فعدلنا من الطعام بمثل ما صنعت.

اجمعهم الى.

ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعانى بالطعام، فقربته لهم.

ففعل كما فعل بالامس، فاكلوا حتى مالهم بشى ء حاجه.

ثم قال: اسقهم.

فجئتهم بذلك العس.

فشربوا حتى رووا جميعا.

ثم تكلم النبى (ص).

فقال: يا بنى عبدالمطلب انى و الله ما اعلم شابا فى العرب جاء قومه بافضل مما قد جئتكم به.

انى قد جئتكم بخير الدنيا و الاخره، و قد امرنى الله تعالى ان ادعو كم اليه.

فايكم يوازرنى على هذا الامر على ان يكون اخى و وصيى و خليفتى فيكم.

فاحجم القوم عنها جميعا، و قلت و انا لاحدثهم سنا وارمصهم عينا، و اعظمهم بطنا، و احمشهم ساقا: انا يا نبى الله اكون وزيرك عليه.

فاخذ برقبتى ثم قال: ان هذا اخى و وصيى، و خليفتى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فيكم.

فاسمعوا له و اطيعوا.

فقام القوم يضحكون، و يقولون لابى طالب: قد امرك ان تسمع لابنك و تطيع.

و روى خبر آخر بمضمونه.

و من العجب انهم ينقلون استخلاف النبى (ص) له فى اول امره فضلا عن باقى ايامه ثم ينكرونه.

فهل كان النبى (ص) مثل الامراء الدنيويه يعدون من يوازرهم مقاما فاذا استقر امرهم لم يفوا لهم؟ و لو لم يكن نص النبى (ص) على اميرالمومنين (ع) الا هذا الكفاه بعد صراحته.

فقد عرفت ان القوم قاموا يستهزئون بابى طالب بان ابن اخيك اوجب عليك طاعه ابنك.

مع ان النصوص عليه (ع) لا تحصى.

فان لم يثبت استخلافه بها كما زعمه اخواننا لم يثبت شى ء فى العالم.

كما انهم نقلوا ان بعض من قال للنبى (ص) او ازرك على امرك على ان اكون خليفتك بعدك انكر عليهم ذلك.

و قال لهم: ان هذا امر بيد الله لا بيدى.

فكيف جعلوا استخلاف ابى بكر بيد الناس.

ففى (تفسيرالثعلبى) ف ى قوله تعالى: (له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر الله) ان عامر بن الطفيل جاء الى النبى (ص) فقال: ما لى ان اسلمت؟ قال: ليس ذلك الى انما ذلك الى الله- عز و جل- يجعله حيث يشاء.

و فى (الطبرى): لما كان النبى (ص) يعرض نفسه على القبائل جاء الى بنى كلاب.

فقالوا: نبايعك على ان يكون لنا الامر بعدك.

فقال: الامر لله فان شاء (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) كان فيكم او فى غيركم) فمضوا، و لم يبايعوه، و قالوا: لا نضرب لحربك باسيافنا ثم تحكم علينا غيرنا.

و فى (الطبرى) ايضا قال الزمرى: ان النبى (ص) اتى بنى عامر بن صعصعه فدعاهم الى الله و عرض عليهم نفسه.

فقال رجل منهم يقال له بيحره بن فراس: و الله لو انى اخذت هذا الفتى من قريش لاكلت به العرب.

ثم قال له: (ارايت ان نحن تابعناك على امرك ثم اظهرك الله على من خالفك ايكون لنا الامر من بعدك؟) قال: (الامر الى الله يضعه حيث يشاء) فقال له: (افنهدف نحورنا للعرب دونك فاذا ظهرت كان الامر لغيرنا؟!).

و قد قال تعالى: (و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيره) و خليفه النبى لابد ان يكون من سنخ النبى للفرق بين النبوه و الملك: (الله اعلم حيث يجعل رسالته).

(و يكدح) اى: يكد ( فيها مومن).

(حتى يلقى ربه): عرف (ع) (الصغير) و (الكبير) و نكر (مومن) اما لا راده التكثير بالصغير و الكبير، و التقليل بالمومن.

فان المومن انما كان هو (ع) و اصحابه، و المستفاد من الاخبار ان اصحابه (ع) بعد النبى (ص) انما كانوا ثلاثه: سلمان و ابوذر و المقداد.

ثم صاروا الى حين وفاه الصديقه سبعه، و لم يبلغوا الى يوم صفين اربعين، و اما لان المراد بالصغير و الكبير الجنس، و بمومن الشخص اى: نفسه (ع).

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) (فرايت ان الصبر على هاتا) اى: هذه الاخيره و هى الصبر على طخيه عمياء يشيب فيها الصغير، و يهرم فيها الكبير، و يكدح فيها مومن حتى يلقى ربه.

(احجى) اى: اجدر و اخلق بالعقل و الشرع من الاولى، و هى الصوله بيد جذاء لانه القاء للنفس الى التهلكه باليد، و قد نهى الله تعالى عنه و لانه يودى الى رجوع الناس الى الكفر.

فروى الكلبى و قد نقله ابن ابى الحديد: انه (ع) لما اراد المسير الى البصره خطب فقال: ان الله لما قبض نبيه (ص) استاثرت علينا قريش بالامر، و دفعتنا عن حق نحن احق به من الناس كافه، فرايت ان الصبر على ذلك افضل من تفريق كلمه المسلمين، وسفك دمائهم، و الناس حديثو عهد بالاسلام، و الدين يمخض مخض ا لوطب يفسده ادنى وهن، و يعكسه اقل خلق.

(فصبرت و فى العين قذى) و القذى: ما يقع فى العين من الاذى.

روى (سنن ابى داود) عن حذيفه قال: قلت للنبى (ص): هل بعد هذا الخير شر.

قال: فتنه و شر.

قلت: هل بعد هذا الشر خير.

قال: (ياحذيفه! تعلم كتاب الله واتبع ما فيه)- ثلاث مرار- قلت: يا رسول الله! هل بعد هذا الشر خير؟ قال: هدنه على دخن، و جماعه على اقذاء فيها او فيهم.

قلت: يا رسول الله! الهدنه على الدخن ما مى؟ قال: لا ترجع قلوب اقوام على الذى كانت عليه- الخبر.

و بمضمون قوله (و فى العين قذى) قول الشاعر: يكلفنى اغضاء عينى على القذى زمان غبى جائر الحكم جابره و قال الهذلى فى بنيه: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فالعين بعدهم كان حداقها كحلت بشوك فهى عورى تدمع و قال ايضا: كان عينى فيها الصاب مدبوج و الصاب: عصاره شجر مر.

و قال اخر: و كان العين خالطها قذاها بعوار فلم تقض كراها و قالت الادباء المتاخرون فى الكنايه عن الثقيل: (هو بين الجفن و العين قذاه، و بين الاخمص و النعل حصاه).

(و فى الحل شجا) الشجا: ما ينشب فى الحلق من عظم و غيره قال: و يرانى كالشجا فى حلقه عسرا مخرجه ما ينتزع صبر (ع) ايام ابى بكر ص بر من فى عينه قذى و فى حلقه شجا لما يرى من امر اختلاط امور الشريعه غير غصب خلافته.

فكان من بدعه اخذه الناس بحمل زكواتهم اليه، و ترك فقرائهم محتاجين، و تسميه من خالفه فى ذلك مرتدا.

مع ان النبى (ص) امر بصرف زكاه كل موضع الى محتاجيه.

و قد عمل بذلك عمر بن عبدالعزيز، فقالوا فى سيرته انه كتب الى عدى بن ارطاه: (انى كنت كتبت الى عمرو بن عبدالله ان يقسم ما وجد بعمان من عشور التمر، و الحب فى فقراء اهلها، و من سقط اليها من اهل الباديه، و من اضافته اليها الحاجه و المسكنه، و انقطاع السبيل.

فكتب الى انه سال عاملك قبله عن ذلك الطعام و التمر.

فذكر انه باعه، و حمل اليك ثمنه.

فاردد الى عمرو ما كان حمل اليك عاملك على عمان من ثمن التمر و الحب (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ليضعه فى المواضع التى امرته بها).

و نقل ابن ابى الحديد فى موضع اخر عن شيخه ابى جعفر النقيب ان ابا بكر كان يقضى بقضاء.

فينقضه عليه اصاغر الصحابه كبلال و صهيب و نحوهما، و قد روى فى ذلك عده قضايا.

و روى محمد بن يعقوب الكلينى فى (كافيه) عن ابى عبدالله (ع) قال: لقد قضى اميرالمومنين (ع) بقضيه ما قضى بها احد قبله، و كان اول قضيه قضى بها بعد النبى (ص).

فلما قضى النبى (ص) و افضى الامر الى ابى بكر اتى برجل قد شرب الخمر، فقال له: اشربت الخمر؟ قال: نعم.

قال: و لم و هى محرمه؟ قال: انى اسلمت بين ظهرانى قوم يستحلون الخمر، و لو علمت انها حرام لا جتنبتها.

فالتفت ابوبكر الى عمر فقال له: ما تقول فى امره؟ قال: عمر معضله و ابوالحسن لها.

فقال ابى بكر: يا غلام! ادع لنا عليا.

فقال عمر: يوتى الحكم فى منزله فاته وعنده سلمان الفارسى.

فاخبروه بقصه الرجل.

فقال (ع) لابى بكر: (ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين و الانصار.

فمن كان تلا عليه ايه التحريم.

فليشهد عليه.

فان لم تكن تليت عليه فلا شى ء عليه) ففعل ابوبكر بالرجل ما قال (ع).

فلم يشهد عليه احد فخلى سبيله.

فقال سلمان له (ع) م: لقد ارشدتهم.

فقال (ع): انما اردت ان اجدد تاكيد هذه الايه فى و فيهم (افمن يهدى الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى فمالكم كيف تحكمون).

و روى محمد بن الحسن الطوسى فى (تهذيبه)، عن القاسم بن محمد بن (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ابى بكر: ان رجلا توفى على عهد ابى بكر، و ترك جدتين: ام امه، و ام ابيه مورث ابوبكر ام امه، و ترك الاخرى، فاعترض عليه انصارى.

فورثها.

و روى فيه عن قبيصه بن ذويب قال: جاءت ا لجده الى ابى بكر.

فقالت: ان ابن ابنى مات.

فاعطنى حقى.

فقال: ما اعلم لك فى كتاب الله شيئا و ساسال الناس.

فشهد لها المغيره بن شعبه، فقال.

ان النبى (ص) اعطاها السدس.

فقال: من سمع معك.

فقال: محمد بن مسلمه.

فاعطاها السدس.

قال: فجاءت ام الام.

فقالت: ان ابن ابنتى مات.

فاعطنى حقى.

فقال: ما انت التى شهد لها ان النبى اعطاها السدس.

فان اقتسمتموه بينكما.

فانتم اعلم.

و قال محمد بن محمد بن النعمان المفيد فى (ارشاده): رووا ان ابابكر سئل عن قوله تعالى: (و فاكهه و ابا) فلم يعرف معنى الاب من القرآن.

فقال: اى سماء تظلنى ام اى ارض تقلنى ام كيف اصنع ان قلت فى كتاب الله بما لا اعلم؟! ! اما الفاكهه فنعرفها، و اما الاب فالله اعلم به، فبلغ اميرالمومنين مقاله ذلك فى ذلك فقال: يا سبحان الله! اما علم ان الادب هو الكلاء و المرعى فقال تعالى بعده: (متاعا لكم و لانعامكم).

و سئل ابوبكر عن الكلاله.

فقال: اقول فيها برايى.

فان اصبت فمن الله و ان اخطات فمن نفسى و من الشيطان.

فبلغ ذلك اميرالمومنين فقال: ما اغناه عن الراى فى هذا المكان! اما علم ان الكلاله هم الاخوه و الاخوات من قبل الاب و الام، و من قبل الاب على انفرداه، و من قبل الام ايضا على حدت ها قال الله تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلاله ان امرو هلك ليس له ولد (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و له اخت فلها نصف ما ترك) و قال تعالى (و ان كان رجل يورث كلاله او امراه و له اخ او اخت فكل واحد منهما السدس فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء فى الثلث).

و قال: و جاءت الروايه ان بعض احبار اليهود جاء الى ابى بكر فقال: انت خليفه نبى هذه الامه؟ قال: نعم.

قال: فانا نجد فى التوراه ان خلفاء الانبياء اعلم اممهم.

فاخبرنى عن الله اين هو افى السماء ام فى الارض.

فقال ابوبكر: هو فى السماء على العرش.

فقال اليهودى: فارى الارض خاليه منه، و اراه على هذا القول فى مكان دون مكان.

فقال له ابوبكر: هذا كلام الزنادقه اعزب عنى و الا قتلتك.

فولى الحبر متعجبا يستهزى بالاسلام.

فاستقبله اميرالمومنين (ع) فقال: يا يهودى عرفت ما سالت عنه، و ما اجبت به.

انا نقول: ان الله عزوجل اين الاين.

فلا اين له، و جل عن ان يحويه مكان، و هو فى كل مكان بغير مماسه و لا مجاوره، يحيط علما بمافيها، و لا يخلو شى ء منها من تدبيره، و انى مخبرك بما جاء فى كتاب من كتبكم يصدق ما ذكرته لك.

فان عرفته اتومن؟ قال: نعم.

قال (ع): الستم تجدون فى بعض كتبكم ان مو سى بن عمران (ع) كان ذات يوم جالسا اذ جاءه ملك من المشرق.

فقال له موسى (ع): من اين اقبلت.

قال: من عند الله عز و جل، ثم جاءه ملك من المغرب.

فقال له من اين جئت فقال: من عند الله عز و جل، ثم جاءه ملك.

فقال له: جئتك من السماء السابعه من عند الله عز و جل، و جاءه ملك آخر.

فقال له: قد جئتك من الارض السفلى السابعه من عند الله عز و جل، فقال موسى (ع): سبحان من لا يخلو منه مكان، (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و لا يكون له الى مكان اقرب من مكان.

فقال اليهودى: اشهد ان هذا هو الحق و انك احق بمقام نبيك ممن استولى عليه.

و فى (الفاظ كتابيه الهمدانى): (يقال فى التصبر و الاحتمال تجرع الغصه و غص بالجرعه، و شرق بالريق، و اطرق على المضض، و اغضى على القذى، و اساغ الشجا.

هذا و قالوا: يقال لحصين بن يزيد الحارثى الذى راس مئه سنه بنى الحارث بن كعب: ذو الغصه لانه كان فى حلقه شبه الحوصله.

لا يبين بها الكلام و من قبله صارت الغصه فى ولد يحيى بن سعيد بن العاص.

(ارى تراثى) اى: ميراثى من النبى (ص).

(نهبا) بين تيم و عدى و اميه.

قال المغيره بن شعبه لما مات النبى (ص)- لابى بكر و عمر: و سعوها فى قريش تتسع.

و فى (سنن ابى داود): عن جبير بن مطعم قال: ان النبى (ص) لم يقسم لبنى عبدشمس، و لا لبنى نوفل من الخمس شيئا كما قسم لبنى هاشم و بنى المطلب، و كان ابى بكر يقسم الخمس نحو قسم النبى (ص) غيرانه لم يكن يعطى قربى النبى (ص) كما كان يعطيهم رسول الله (ص).

و عن الزهرى ان نجده الحرورى لما حج فى فتنه ابن الزبير ارسل الى ابن عباس يساله عن سهم ذى القربى، و يقول: لمن تراه؟ قال ابن عباس: لقربى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) النبى (ص) قسمه لهم النبى (ص) و قد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رايناه دون حقنا فرددناه عليه و ابينا ان نقبله.

و قال الكميت مشيرا الى النبى (ص) و اهل بيته كما فى (شعراء ابن قتيبه): يقولون لم يورث و لو لا تراثه لما شاركت فيه بكيل و ارحب و لا انتشلت عضوين منها يحابر و كان لعبد القيس عضو مورب و من قول الحميرى فى قصيدته للمهدى: منعوا تراث محمد اعمامه و بنيه و ابنته عديله مريما و فى (طبقات كاتب الواقدى): ان الحسين (ع) جاء يوما الى عمر و هو يخطب على منبر النبى (ص) فقال له: انزل عن منبر ابى.

فاخذه فاقعده الى جنبه، و قال: و هل انبت الشعر على رووسنا الا ابوك.

و رواه الخطيب هكذا قال له: انزل عن منبر ابى، و اذهب الى منبر ابيك.

فقال: لم يكن لابى منبر، و لما نزل قال له: من علمك.

قال: ما علمنى احد.

و فى (الطبقات) ايضا: قال على بن الحسين (ع): اصبحنا فى قومنا بمنزله بنى اسرائيل فى آل فرعون ان كانوا يذبحون ابناءنا، و يلعنون سيدنا و شيخنا على المنابر و يمنعونا حقنا.

و قال الباقر (ع) كما رواه ابن ابى الحديد فى عنوان اختلاف الخبر: ان النبى (ص) قبض، و قد اخبر انا اولى الناس بالناس.

فما لات علينا قريش حتى اخرجت الامر عن معدنه، و احتجت على الانصار بحقنا و حجتنا ثم (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) تداولتها قريش و احدا بعد واحد.

و روى الطبرى و غيره عن ربيعه بن ناجد ان رجلا قال لعلى (ع): بم ورثت ابن عمك دون عمك.

فقال (ع) هاوم- ثلاث مرات- حتى اشراب الناس، و نشروا آذانهم ثم قال (ع): دعا النبى (ص) بنى عبدالمطلب منهم رهطه كلهم ياكل الجذعه، و يشرب الفرق.

فصنع لهم مدا من طعام.

فاكلوا حتى شبعوا و بقى الطعام كما هو كانه لم يمس.

ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا، و بقى الشراب كانه لم يمس و لم يشربوا.

ثم قال: (يا بنى عبد المطلب! انى بعثت اليكم بخاصه، و الى الناس بعامه، و قد رايتم من هذا الامر ما قد رايتم.

فايكم يبايعنى على ان يكون اخى و صاحبى و وارثى) فلم يق م اليه احد.

فقمت اليه و كنت اصغر القوم.

فقال: اجلس.

ثم قال (ما قال اولا) ثلاث مرات كل ذلك اقوم اليه فيقول لى: اجلس حتى كان فى الثالثه.

فضرب بيده على يدى.

فبذلك ورثت ابن عمى دون عمى.

و سال السلطان سنجر بن ملكشاه، سنائى الشاعر عن مذهبه.

فقال قصيده بالفارسيه فى جوابه، و من ابياتها: از پى سلطان ملكشاه چون نميدارى روا تاج و تخت پادشاهى جز كه سنجر داشتن از پى سلطان دين چون هميدارى روا جز على و عترتش محراب و منبر داشتن هذا، و فى (الاستيعاب لابن عبدالبر): قدم الحتات بن يزيد التميمى على (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) النبى (ص) فى وفد بنى تميم فاسلموا، و آخى النبى (ص) بين حتات و معاويه، و لما صار معاويه خليفه قدم عليه الحتات و جاريه بن قدامه، و الاحنف بن قيس، و هما ايضا من تميم، و هما من اصحاب على (ع)، و كان حتات عثمانيا فاعطاهما معاويه اكثر مما اعطى الحتات.

فرجع اليه، و قال: فضلتهما على.

قال: اشتريت منهما دينهما، و وكلتك الى هو اك فى عثمان.

قال: و انا ايضا اشتر منى دينى.

فاتمها له، و الحقه بهما.

فلم يات عليه اسبوع حتى مات عنده فورثه معاويه بتلك الاخوه، فقال الفرزدق: قلت و كان ايضا من تميم: ابوك و عمى يا معاوى اورثا تراثا فيختار التراث اقاربه فما بال ميراث الحتات اكلته و ميراث صخر جامد لك دائبه قلت: و كان المناسب ان يقول معاويه لحتات فى قوله (و انا ايضا اشتر منى دينى) بان الشراء منك دينك اما تحصيل للحاصل، و اما شراء معدوم، و كلاهما محال لكنه سامحه لقله شعوره.

هذا، و مما يناسب قوله (ع) (ارى تراثى نهبا) قول نهيك بن اساف الانصارى: تقسم جيرانى حلوبى كانما تقسمها ذوبان زور و منور و (زور) و (منور) جبلان ذوا ذوبان شديده لا حيان من اعداء نهيك كما توهمه اللسان فى (حلب).

(حتى مضى الاول لسبيله) قال ابن قتييه: اختلفوا فى مرض ابى بكر الذى مات فيه، و فى اليوم الذى مات فيه.

قال ابو اليقظان عن سلام بن ابى مطيع: انه (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) سم فمات يوم الاثنين فى آخره، و قال غيره: انه كان سبب موته انه اعتل فى يوم بارد فحم و مرض خمسه عشر يوما، و قال ابن اسحاق: توفى يوم الجمعه لتسع ليال بقين من جمادى الاخره سنه ثلاث عشره.

فكانت خلافته سنتين و ثلاثه اشهر و تسع ليال، و اوصى ان تغسله اسماء بنت عميس امراته.

و فى (المسترشد): كان يقول فى احتضاره: ليتنى كنت لبنه او تبنه.

و فى (خلفاء ابن قتيبه): قال ابوبكر فى مرض موته: ليتنى تركت بيت على و ان كان اعلن على الحرب.

(فادلى بها) اى: دفع الخلافه، و ارسلها من (ادلى دلوه) ارسلها.

(الى فلان بعده) هكذا فى (المصريه)، و يصدقها ابن ميثم الذى نسخته كانت بخط المصنف و نقله ابن ابى الحديد (الى ابن الخطاب بعده) و روايه المعانى بدلت الفقره بقوله: (عقدها لاخى عدى بعده).

اما (فلان) كما فى (ابن ميثم) ففى تفاسير الاماميه فى قوله تعالى: (و يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا يا و يلتى ليتنى لم اتخذ فلانا خليلا لقد اضلن ى عن الذكر بعد اذ جاءنى و كان الشيطان للانسان خذولا) ما كنى الله فى كتابه الا فى قوله فلانا و الظالم الاول و فلانا الثانى.

و عن (الاستدراك) للمتوكل: ان اباالحسن- يعنى الهادى (ع) يفسر (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) قوله تعالى (يوم يعض الظالم) الى آخر الايه فى الاول و الثانى.

قال: فكيف الوجه فى امره؟ قالوا: تجمع له الناس و تساله بحضرتهم.

فان فسرما بهذا كفاك الحاضرون امره، و ان فسرما بخلاف ذلك افتضح عند اصحابه.

فوجه الى القضاه و بنى هاشم و اولياء، و سئل (ع) فقال: مذان رجلان كنى الله عنهما، و من بالستر عليهما افيحب الخليفه كشف ما ستره الله؟ فقال: لا احب.

و فى (الاغانى): قال ابراهيم بن المهدى: رايت عليا فى النوم.

فقلت له: ان الناس قد اكثروا فيك، و فى ابى بكر و عمر.

فما عندك فى ذلك.

فقال لى: اخسا و لم يزدنى على ذلك.

و فى (المروج) ان ابراهيم بن المهدى كان قال: فصل على النبى و صاحبيه وزيريه و جاريه برمسه فى قبال قول المامون: فجدد عنده ذكرى على وصل على النبى و آل بيته و روى ابن المغازلى فى قوله تعالى: (و اتقوا فتنه لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصه) ان النبى (ص) قال: من ظلم عليا مقعدى هذابعد وفاتى، فكان ما جحد نبوتى و نبوه الانبياء قبلى.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و روى ابوالفرج فى (اغانيه) عن محمد بن سهل صاحب الكميت قال: دخلت مع الكميت على ابى عبدالله جعفر بن محمد (ع) من.

فقال له: جعلت فداك الا انشدك؟ قال: انها ايام عظام.

قال: انها فيكم.

قال: هات، و بعث الى بعض اهله فقرب فانشده فكثرالبكاء بهذا البيت: يصيب به الرامون عن قوس غيرهم فيا آخرا اسدى له الغى اول فرفع يديه، و قال: اللهم اغفر للكميت ما قدم و ما اخر، و ما اعلن و ما اسر.

و فى (خلفاء ابن قتيبه) فى عنوان (كيفيه بيعه على): تفقد ابوبكر قوما تخلفوا عن بيعته عند على، فبعث اليهم عمر.

فجاء فناداهم، و هم فى دار على.

فابوا ان يخرجوا فدعا بالحطب، و قال: و الذى نفس عمر بيده لتخرجن او لاحرقنها على من فيها.

فقيل له: ان فيها فاطمه.

قال: و ان.

فخرجوا فبايعوا الا عليا فانه زعم انه قال: (حلفت ان لا اخرج، و لا اضع ثوبى على عاتقى حتى اجمع القران).

فوقفت فاطمه على بابها.

فقالت: لا عهد لى بقوم حضروا اسوا محضر منكم، تركتم رسول الله (ص) جنازه بين ايدينا، و قطعتم امركم بينكم لم تستامرونا، و لم تردوا لنا حقا.

فاتى عمر ابابكر فقال له: الا تاخذ هذا المتخلف عنك بالبي عه.

فقال ابوبكر لقنفذ مولى له: ادع لى عليا، فذهب اليه، و قال: يدعوك خليفه رسول الله.

فقال: لسريع ما كذبتم على رسول الله.

فرجع.

فابلغ الرساله.

فبكى ابوبكر طويلا فقال عمر الثانيه: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعه.

فقال ابوبكر لقنفذ: عد اليه فقل له: اميرالمومنين يدعوك لتبايع فجاءه قنفذ.

فادى ما امر به.

فرفع على صوته.

فقال: سبحان الله لقد ادعى ما ليس له.

فرجع قنفذ فابلغ الرساله، فبكى ابوبكر طويلا.

ثم قام عمر.

فمشى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) معه جماعه حتى اتوا بيت فاطمه.

فدقوا الباب.

فلما سمعت اصواتهم نادت باعلى صوتها يا ابه يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، و ابن ابى قحافه، فلما سمع القوم صوتها و بكاءها انصرفوا باكين، و كادت قلوبهم تتصدع، و اكبادهم تتفطر، و بقى عمر و معه قوم.

فاخرجوا عليا.

فمضوا به الى ابى بكر.

فقالوا له: بايع فقال: ان انا لم افعل فمه، قالوا: اذن و الله الذى لا اله الا هو نضرب عنقك، قال: اذن تقتلون عبدالله و اخا رسوله.

قال عمر: اما عبدالله فنعم، و اما اخو رسول الله فلا.

و ابوبكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: الا تامر فيه بامرك، فقال: لا اكرهه على شى ء ما كانت فاطمه الى جنبه.

فلح ق على بقبر رسول الله (ص) يصيح و ينادى: (يا ابن ام ان القوم استضعفونى و كادوا يقتلونى).

فقال عمر لابى بكر: انطلق بنا الى فاطمه، فانا قد اغضبناها.

فانطلقا جميعا.

فاستاذنا على فاطمه.

فلم تاذن لهما.

فاتيا عليا.

فكلماه.

فادخلهما.

فلما قعدا عندها حولت وجهها الى الحائط.

فسلما عليها.

فلم ترد عليهما السلام فتكلم ابوبكر.

فقال: يا حبيبه رسول الله! و الله ان قرابه رسول الله احب الى من قرابتى افترانى اعرفك.

و اعرف فضلك و امنعك حقك و ميراثك من رسول الله الا انى سمعت اباك يقول: لا نورث ما تركنا فهو صدقه.

فقالت: ارايتكما ان حدثتكما حديثا عن رسول الله (ص) تعرفانه تقولان به؟ قالا: نعم.

فقالت: نشدتكما بالله الم تسمعا رسول الله يقول: (رضى فاطمه من رضاى، و سخط فاطمه من سخطى فمن ارضى فاطمه ابنتى فقد ارضانى، و من اسخط فاطمه فقد اسخطنى)؟ فقالا: نعم.

سمعناه من رسول الله.

فقالت: (فانى اشهد الله و ملائكته انكما اسخطتمانى و ما ارضيتمانى، و لئن لقيت النبى (ص) لاشكونكما اليه) فقال ابوبكر: (انا عائذ بالله تعالى من سخطه، و سخطك يا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فاطمه) ثم انتحب يبكى حتى كادت نفسه ان تزهق، و هى تقول: (و الله لادعون الله عليك فى كل صلاه اصليها.

و قال النظام- كما فى (ملل الشهرستانى)- و هو احد شيوخ المعتزله، و استاذ الجاحط- ان النبى (ص) نص على على- كرم الله وجهه فى مواضع، و اظهره اظهارا لم يشتبه على الجماعه الا ان عمر كتم ذلك، و هو الذى تولى بيعه ابى بكر يوم السقيفه، و هو الذى ضرب بطن فاطمه يوم البيعه حتى القت الجنين من بطنها، و كان يصيح (احرقوها بمن كان فيها و ما كان فى الدار غير على و فاطمه و الحسن و الحسين.

و قال ابن ابى الحديد: و عمر هو الذى شيد بيعه ابى بكر، و وقم المخالفين فيها، فكسر سيف الزبير لما جرده، و دفع فى صدر المقداد، و وطا فى السقيفه سعد بن عباده، و قال: اقتلوا سعدا قتل الله سعدا، و حطم انف الحباب بن المنذر الذى قال يوم السقيفه: انا جذيلها المحك و عذيقها المرجب، و توعد من لجا الى دار فاطمه من الهاشميين، و اخرجهم منها، و لولاه لم يثبت لابى بكر امر، و لا قامت له قائمه.

و قال: و روى ابومخنف عن الكلبى و ابى صالح، و عن رجاله عن زائده بن قدامه، قال: كان جماعه من الاعراب قد دخلوا المدينه ليمتاروا منها.

فشغل الناس عنهم بموت النبى (ص) فشهدوا البيعه و حضروا الامر.

فانفذ اليهم عمر و استدعاهم، و قال لهم: خذوا بالحظ من المعون ه على بيعه خليفه رسول الله، و اخرجوا الى الناس، و احشروهم ليبايعوا.

فمن امتنع فاضربوا راسه (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و جنبيه.

و الله لقد رايت الاعراب قد تحزموا و اتشحوا بالازر الصنعانيه، و اخذوا بايديهم الخشب، و خرجوا حتى خبطوا الناس خبطا، و جاءوا بهم مكرهين الى البيعه.

و قال البراء بن عازب، و رواه ابن ابى الحديد فى موضع آخر: لم ازل لبنى هاشم محبا، فلما قبض النبى (ص خفت ان تتمالا قريش على اخراج هذا الامر عنهم فاخذنى ما ياخذ الوالهه العجول مع ما فى نفسى من الحزن لوفاه النبى (ص فكنت اتردد الى بنى هاشم و هم عند النبى (ص فى الحجره، و افقد وجوه قريش.

فانى كذلك اذ فقدت ابابكر و عمر و اذا قائل يقول: القوم فى سقيفه بنى ساعده، و اذا قائل آخر يقول: قد بويع ابوبكر فلم البث، و اذا انا بابى بكر قد اقبل و معه عمر و ابو عبيده، و جماعه من اصحاب السقيفه، و هم محتجزون بالازر الصنعانيه، لا يمرون باحد الا خبطوه و قدموه، و مدوا يده.

فمسحوها على يد ابى بكر يبايعه شاء ذلك او ابى.

فانكرت عقلى و خرجت اشتد حتى انتهيت الى بنى هاشم، و الباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضربا عنيفا، و قلت: قد بايع الناس لابى بكر بن ابى قحافه.

فقال ا لعباس: تربت ايديهم الى آخر الدهر فمكثت اكابد ما فى نفسى و رايت فى الليل المقداد و سلمان و اباذر، و عباده بن الصامت، و ابا الهيثم بن التيهان و حذيفه و عمارا، و هم يريدون ان يعيدوا الامر شورى بين المهاجرين، و بلغ ذلك الى ابى بكر و عمر، فارسلا الى ابى عبيده، و المغيره بن شعبه فسالاهما عن الراى.

فقال المغيره: الراى ان تلقوا العباس، فتجعلوا له و لولده فى هذا الامر نصييا لتقطعوا بذلك ناحيه على بن ابى طالب.

فانطلقوا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) حتى دخلوا على العباس و ذلك فى الليله الثانيه من و فاه النبى (ص الى ان قال-.

فقال ابوبكر للعباس: قد خلى النبى على الناس امورهم ليختاروا لانفسهم متفقين غير مختلفين.

فاختارونى عليهم واليا- الى ان قال- قال ابوبكر: و ما انفك يبلغنى عن طاعن يقول بخلاف قول عامه المسلمين يتخذكم لجا فتكونوا حصنه المنيع، فاما دخلتم فى ما دخل فيه الناس او صرفتموهم عما مالوا اليه.

فقد جئناك و نحن نريد ان نجعل لك فى هذا الامر نصيبا، و لمن بعدك من عقبك اذ كنت عم النبى، و ان كان المسلمون قد راوا مكانك منه، و مكان اهلك ثم عدلوا بهذا الامر عنكم، و على رسلكم بنى هاشم .

فان النبى منا و منكم، فاعترض كلام ه عمر و قال اى: و الله، و اخرى انا لم ناتكم حاجه اليكم، ولكن كرهنا ان يكون الطعن فى ما اجتمع عليه المسلمون منكم فيتفاقم الخطب بكم و بهم، فانظروا لانفسكم و لعامتهم- الى ان قال-.

فقال العباس لا بى بكر: فان كنت برسول الله (ص طلبت، فحقنا اخذت، و ان كنت اخذت بالمومنين فنحن منهم ما تقدمنا فى امركم فرطا، و لا حللنا وسطا، و لا نزحنا شحطا.

فان كان هذا الامر يجب لك بالمومنين فما وجب اذ كنا كارهين، و ما ابعد قولك انهم طعنوا عليك من قولك انهم مالوا اليك، و اما ما بذلت لنا، فان يكن حقك اعطيتناه فامسكه عليك، و ان يكن حق المومنين فليس لك ان تحكم فيه، و ان يكن حقنا لم نرض منك ببعض دون بعض، و ما اقول هذا اروم صرفك عما دخلت فيه، ولكن للحجه نصيبها من البيان، و اما قولك يا عمر: انك تخاف الناس علينا، فهذا الذى قدمتموه اول ذلك.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و قلنا: ان ابن ابى الحديد نقل كلامه (ع (فادلى بها الى ابن الخطاب و فى السير: ان عمر لما بعث محمد بن مسلمه الى عمرو بن العاص بمصر لتشطير ماله لما كان و اليه عليها قال عمرو بن العاص: لعن الله زمانا صرت فيه عاملا لعمر.

و الله لقد رايته و اباه على كل واحد منهما عباءه قطوانيه لا يجاوز مابض ركبيته، و على عنقه حزمه حطب، و العاص بن وائل فى مزررات الد يباج.

و قال ابن ابى الحديد: قدم عمرو بن العاص على عمر من مصر.

فقال له: فى كم سرت قال: فى عشرين.

قال عمر: لقد سرت سير عاشق.

فقال عمرو: انى و الله ما تابطتنى الاماء، و لا حملتنى النساء فى غبرات المالى- اراد خرق الحيض-.

قال ابن ابى الحديد: و سالت النقيب عن الخبر فقال: فخر عمرو على عمر لان ام الخطاب كانت زنجيه تعرف بباطحلى تسمى بصهاك.

و قال ابن ابى الحديد ايضا: ذكر ابوعبيد القاسم بن سلام فى غريب حديثه ان رجلا اتى عمر يساله- الى ان قال- ثم انشا عمر يحدث عن نفسه.

فقال: لقد رايتنى و اختا لى نرعى على ابوينا ناضحا لنا.

قد البستنا امنا نقبتها و زودتنا يمنيتها هبيدا، فنخرج بناضحنا فاذا طلعت الشمس القيت النقبه الى اختى، و خرجت اسعى عريانا فنرجع الى امنا و قد جعلت لنا لفتيه من ذلك فاحصيناه.

الهبيد و (الهبيد): حب الحنظل، و (اللفتيه ضرب من البطيخ كالحساء.

قال: حج عمر.

فلما كان بضجنان قال: اذكر و انا ارعى ابل الخطاب بهذا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) الوادى فى مدرعه صوف، و كان فظا يتعبنى اذا عملت، و يضربنى اذا قصرت.

و فى (الطرائف): قال مولف كتاب (نهايه الطلب): الحنبلى كان عمر قبل الاسلام نخاس الحمير، و قال هشام الكلبى فى (مثالبه): كانت صهاك امه حبشيه لهاشم بن عبدمناف.

فوقع نضله.

بن هاشم عليها.

ثم وقع عليها عبد العزى بن رباح فجاءت بنفيل جد عمر.

و كان ابوسفيان يكنى عمرا اباحجر لبخله كما كان يكنى ابابكر ابا فصيل.

فقال لعثمان لما ولى: (بابى انت، انفق و لا تكن كابى حجر).

و روى القمى فى تفسير قوله تعالى: (لا تسالوا عن اشياء ان تبد لكم تسوكم) ان صفيه بنت عبدالمطلب مات ابن لها فاقبلت.

فقال لها عمر: غطى قرطك.

فان قرابتك من النبى لا تنفعك شيئا.

فقالت: و هل رايت لى قرطايا ابن اللخناء.

ثم دخلت على النبى (ص) فاخبرته بذلك، و بكت فخرج النبى (ص) و نادى: الصلاه جامعه.

فاجتمع الناس فقال: لا يسالنى اليوم احد من ابوه الا اخبرته.

فقام رجل فقال من ابى؟ فقال: غير الذى تدعى اليه، ابوك فلان بن فلان، فقام آخر فقال.

من ابى؟ قال: الذى تدعى اليه.

ثم قال النبى (ص) ما بال الذى يزعم ان قرابتى لا تنفع لا يسالنى عن ابيه.

فقام اليه عمر و قال: اعوذ بالله من غضب رسوله.

اعف عنى.

الخبر.

و قال ابن ابى الحديد فى موضع آخر: ان هذا الخبر (اى خبر قول عمر على المنبر اياكم و ذكر العيوب و البحث عن الاصول، فلو قلت لا يخرج اليوم (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) من هذه الابواب الا من لا وصمه فيه لم يخرج منكم احد) رواه المدائنى فى كتاب (امهات الخلفاء) و قال: ان ذاك الخبر روى عند جعفر بن محمد (ع) بالمدينه فقال: لا تلمه يا ابن اخى انه اشفق ان يخدج بقصه نفيل بن عبد العزى، و صهاك امه الزبير بن عبدالمطلب.

قلت: و الاصل فى قول المدائنى ما رواه الكلينى فى (روضته): ان رجلا من ولد عمر تعرض لجاريه رجل من ولد عقيل.

فقالت الجاريه لمولاها: ان هذا العمرى قد آذانى.

فقال لها: عديه و ادخليه الدهليز.

فادخلته.

فشد مولاها عليه فقتله و القاه فى الطريق.

فاجتمع البكريون و العمريون و العثمانيون و قالوا: ما لصاحبنا كفو يقتل به الا جعفر بن محمد، و ما قتل صاحبنا غيره، و كان (ع) قد مضى نحو قبا.

فلقيه سماعه بما اجتمعوا عليه.

فقال: دعهم فلما جاءوا و ثبوا عليه، و قالوا: ما قتل صاحبنا احد غيرك، و ما نقتل به غيرك.

فقال: ليكلمنى منكم جماعه، فاعتزل قوم منهم.

فاخذ بايديهم، و ادخلهم المسجد.

فخرجوا و هم يقولون: شيخنا ابوعبدالله جعفر بن محمد معاذ الله ان يكون مثله يفعل هذا او يامر به.

فانصرفوا.

فقال له سماعه: جعلت فداك، ما اقرب رضاهم من سخطه م.

قال: قلت لهم: امسكوا و الا اخرجت الصحيفه.

ان ام الخطاب كانت امه للزبير بن عبد المطلب، فشطر بها نفيل فاحبلها.

فطلبه الزبير.

فخرج هاربا الى الطائف.

فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف.

فقالوا: ما تفعل هاهنا.

قال: جاريتى شطر بها نفيلكم.

فهرب منها الى الشام، و خرج الزبير فى تجاره الى الشام.

فدخل على ملك الدومه فقال له: الملك لى اليك حاجه.

قال و ماهى؟ قال: رجل من اهلك اخذت ولده، فاحب ان ترده عليه.

قال: ليظهر لى لاعرفه.

فلما كان الغد دخل (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) على الملك.

فلما رآه الملك ضحك، و قال له: ما اظن هذا الرجل ولدته عربيه.

فلما رآك قد دخلت لم يملك استه.

فقال للملك: اذا دخلت مكه قضيت حاجتك.

فلما قدم تحمل عليه نفيل ببطون قريش كلها ان يدفع اليه ابنه فابى الى ان قال-.

فقال لهم الزبير: ان الشيطان له دوله، و ان ابن هذا ابن الشيطان، و لست آمن من ان يتراس علينا، ولكن ادخلوه من باب المسجد على ان احمى له حديده و اخط فى وجهه خطوطا، و اكتب عليه و على ابنه الا يتصدر فى مجلس، و لا يتامر فى اولادنا، و لا يضرب هنا بسهم.

ففعلوا و خط وجهه بالحديده، و كتب عليه الكتاب، و ذلك الكتاب عندنا، فقلت لهم ان امسكتم، و الا ا خرجت الكتاب و فيه فضيحتكم- الخبر.

هذا و ذكر (انساب قريش مصعب الزبيرى)، و (العقد الفريد)، و (استيعاب) ابى عمر نسب الخطاب (ابن نفيل بن عبدالعزى بن رياح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدى) و ذكره ابن قتيبه و المسعودى (ابن عبدالعزى بن قرط بن رياح بن عبدالله بن رزاح بن عدى).

و ام عمر حنتمه بنت هاشم بن المغيره بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، و قال المسعودى و ابن قتيبه: بنت مشام بن المغيره، و هو خطا فقالوا امه كانت بنت عم ابى جهل بن هشام و على قولهما تصير اخته.

و لعلهما رايا انهم قالوا: ان عمر قتل ببدر خاله العاص بن هشام اخا ابى جهل الذى عدوه فى الحمقى، و كان ابولهب اتخذه عبدا.

ففى (عيون ابن قتيبه): (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) (من حمقى قريش، العاص بن هاشم اخو ابى جهل، و كان ابولهب قامره فقمره ماله ثم داره ثم قليله ثم كثيره، و اهله و نفسه.

فاتخذه عبدا و اسلمه قينا.

فلما كان يوم بدر بعث به عن نفسه، فقتل ببدر كافرا، قتله عمر و كان خاله).

الا ان التعبير بكونه خاله على قاعده العرب من التعبير عن رجل كان من قبيله انه اخوهم، و عن مراه كانت من قبيله انها اختهم، و لذا قالوا: ان بنى زهره اخوال النبى امن (ص) لكون امه منهم، و سمى شمر بنى امير المومنين (ع) من ام البنين بنى اخته، و انما كانت من قبيلته لا اخته.

هذا و قال ابن عبدالبر: هاشم ابوحنتمه هو ذو الرمحين و تبعه (القاموس)، و هو ايضا و هم، فصرح الزبيرى فى (انسابه): ان ذا الرمحين هو ابوربيعه جد عمر بن ابى ربيعه، و هو عمر بن بحير بن ابى ربيعه اشتهر بالنسبه الى جده، و قال: مدح ابن الزبعرى اباه بحيرا.

فقال: بحير بن ذى الرمحين قرب مجلسى يروح علينا فضله غير عاتم و قال: قاتل ذو الرمحين يوم شرب برمحين فسمى ذا الرمحين و اسمه عمرو.

مع ان القاموس ناقض.

فقال فى (حنتم) ذو الرمحين ابو ام عمر بن الخطاب، و قال فى (رمح): (ذو الرمحين عمر بن المغيره سمى لطول رجليه) و قد عرفت ان وجه تسميه عمر والد عمر بن ابى ربيعه به هو قتاله برمحين.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) كما انه اراد استقصاء المسميات بحنتمه، و لم يستقص.

فقال (حنتمه اسم ام عمر بن الخطاب، و اسم بنت عبدالرحمن بن الحارث) مع ان منهن حنتمه بنت شيطان ام عماره بن الوليد بن المغيره الذى بعثته قريش مع عمرو بن العاص الى النجاشى لرد جعفر بن ابى طالب.

و اما كونه (اخاعدى) كما فى روايه (معانى الاخبار) للخطبه.

ففى (عين العبره) ان ابابكر حض النا س على الجهاد.

فتثاقلوا.

قال عمر (لو كان عرضا قريبا و سفرا قاصدا لا تبعوك) فقال له خالد بن سعيد بن العاص: يا ابن ام عمر! النا تضرب امثال المنافقين و الله لقد اسلمت و ان لبنى عدى صنما اذا جاعوا اكلوه، و اذا شبعوا استانفوه.

و فى ديوان حسان بن ثابت: (و قال يهجو بنى عدى بن كعب): قوم لئام اقل الله خيرهم كما تناثر خلف الراكب البعر كان ريحهم فى الناس اذ خرجوا ريح الحشاش اذا ما بلها المطر و فى (نسب قريش) مصعب الزبيرى: كان آل عبدمناف قد كثروا، وآل عبدالدار بن قصى قد قلوا.

فاراد آل عبدمناف انتزاع الحجابه من بنى عبدالدار.

فاختلفت فى ذلك قريش.

فكانت طائفه مع هولاء، و اخرى مع اولئك.

فاخرجت ام حكيم بنت عبدالمطلب توامه ابى النبى) (ص) جفنه فيها طيب.

فوضعتها فى الحجر، و قالت من كان منا فليدخل يده فى هذا الطيب.

فادخلت بنوعبدمناف، و بنواسد بن عبدالعزى، و بنوزهره، و بنوتيم، و بنوالحارث بن فهر ايديهم فيها فسموا المطيبين، فعمدت بنو سهم بن عمرو فنحرت (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) جزورا و قالوا.

من كان منا فليدخل يده فى هذه الجزور، فادخلت عبدالدار، و سهم، و جمح، و مخزوم، و عدى ايديهم فيها فسموا الاحلاف، ثم قام الاسود ب ن حارثه العدوى.

فادخل يده فى الدم ثم لعقها.

فلعقت بنوعدى كلها بايديها فسموا لعقه الدم.

و عن (ربيع ابرار الزمخشرى): انزل تعالى فى الخمر: (يسالونك عن الخمر و الميسر قل فيهما اثم كبير) الى آخر الايه- فكان المسلمون بين شارب وتارك الى ان شربها رجل و دخل فى صلاته فهجر، فنزل: (يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاه و انتم سكارى) فشربها من شربها من المسلمين حتى شربها عمر.

فاخذ لحى بعير فشج راس عبدالرحمن بن عوف.

ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الاسود بن يعفر: و كاين بالقليب قليب بدر من القينات و الشرب الكرام ايو عدنا ابن كبشه ان تنحى و كيف حياه اصداء وهام ايعجز ان يرد الموت عنى و ينشرنى اذا بليت عظامى الا من مبلغ الرحمن عنى بانى تارك شهرالصيام فقل لله يمنعنى شرابى و قل لله يمنعنى طعامى بلغ ذلك النبى (ص) فخرج مغضبا يجر رداءه.

فرفع شيئا كان فى يده ليضربه.

فقال: اعوذ بالله من غضب الله و غضب رسوله.

فانزل الله تعالى (انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوه و البغضاء فى الخمر و الميسر)- الى آخر الايه.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) هذا و قال ابن ابى الحديد: ان قوله (ع) (فادلى بها الى ابن الخطاب) من قول ه تعالى: (و تدلوا بها الى الحكام) اى تدفعوها اليهم رشوه و اصله من ادليت الدلو فى البئر ارسلتها.

فان قلت فان ابابكر انما دفعها الى عمر حين مات، و لا معنى للرشوه عند الموت؟ قلت: لما كان (ع) يرى ان العدول بها عنه الى غيره اخراج لها الى غير جهه الاستحقاق شبه ذلك بادلاء الانسان بماله الى الحاكم.

فانه اخراج للمال على غير وجهه فكان ذلك من باب الاسنعاره.

قلت: كلامه كله خبط و خلط فان الادلاء انما هو بمعنى مطلق الدفع، و انما صار المراد بتدلوا فى الايه الرشوه بالقرينه، و هى اضافه الى الحكام، و معلوم ان من يدفع ماله الى الحكام يدفعها رشوه، و قبله: (و لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل) و بعده، (لتاكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم) فهذه تجعل الكلام صريحا فى اراده الرشوه.

كما ان مجرد الاخراج الى غير جهه الاستحقاق لا يصحح الاستعاره كما لا يخفى، و كيف يصح ان يقال: ان ابابكر رشا عمر بالخلافه، و انما عمر رشا ابابكر بالخلافه اى: بتمهيدها له بشرح مر، ليرد عليه بعده.

ففى (خلفاء ابن قتيبه)- بعد ذكر احتجاج اميرالمومنين (ع) عليهم لما جاءوا به للبيعه- قال على: (فانصفونا ان كنتم مومنين و الا فبووا بالظلم و انتم تعلمون).

فقال له عمر: انك لست متروكا حتى تبايع.

فقال له على: (احلب حلبا لك شطره، و اشدد له اليوم يردده عليك غدا).

و فى (الخلفاء) ايضا: لما كتب ابوبكر عهده قال لعمر: خذ هذا الكتاب، (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و اخرج به الى الناس، و اخبرهم انه عهدى، و سلهم عن سمعهم و طاعتهم.

فخرج عمر بالكتاب، و اعلمهم، فقالوا: سمعا و طاعه.

فقال له رجل: ما فى الكتاب يا اباحفص؟ قال: لا ادرى، ولكنى اول من سمع و اطاع.

قال: لكنى و الله ادرى ما فيه امرته عام اول و امرك العام.

و انما رشا عثمان عمر بان كتب فى غشوه ابى بكر اسم عمر فى عهده ليرده اليه بعده.

فقال ابن ابى الحديد: احضر ابوبكر عثمان و هو يجود بنفسه، فامره ان يكتب عهدا و قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد عبدالله بن عثمان الى المسلمين اما بعد ثم اغمى عليه و كتب عثمان: قد استخلفت عليكم عمر ابن الخطاب، و افاق ابوبكر فقال: اقرا، فقرا فكبر ابوبكر و سر و قال: اراك خفت ان يختلف الناس ان مت فى غشيتى.

قال: نعم.

قال جزاك الله خيرا عن الاسلام.

و اقول: لو كان ابوبكر قال لعثمان (جزاك عمر عن عملك بتوليتك و ان كان فيه هدم الاسلام) حيث ان سلطانه سلطان بنى اميه اعداء الاسلام لكان قد قال مطلبا حقا.

و لقد جزاه عمر بتدبير الشورى، و جعل عبدالرحمن حكما، و لما بايع عبدالرحمن عثمان قال اميرالمومنين (ع) لعبدالرحمن: و الله ما املت منه الا ما امل صاحبك من صاحبه، دق الله بينكما عطر منشم.

(ثم تمثل بقول الاعشى) و الاعشى: هذا هو ميمون بن قيس من قيس بن ثعلبه، و يكنى ابابصير، و كان يقال لابيه قتيل الجوع لانه دخل غارا يستظل (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فيه من الحر.

فوقعت صخره عظيمه من الجبل.

فسدت فم الغار فمات فيه جوعا.

و قال يونس النحوى: اشعر الناس امرو القيس اذا غضب، و النابغه اذا رهب، و زهير اذا رغب، و الاعشى اذا طرب.

و فى (الاغانى): اراد الاعشى الوفود على النبى (ص) و قال قصيده فى مدحه منها: نبى يرى ما لا ترون و ذكره اغار لعمرى فى البلاد و انجدا فرصدته قريش على طريقه، و قالوا: هذا صناجه العرب.

فقالوا له: اين اردت؟ قال: صاحبكم هذا لاسلم.

قالوا: انه ينهاك عن خلال كلها لك موافق قال: و ما هن؟ قال ابوسفيان: الزنا قال الاعشى: لقد تركنى الزنا و ما تركته.

ثم ماذا؟ قال: القمار.

قال لعلى ان لقيته ان اصيب منه عوضا من القمار.

ثم ماذا؟ قالوا: الربا.

قال: ما دنت، و لا ادنت.

ثم ماذا؟ قالوا: الخمر.

قال: اوه! ارجع الى صباب ه قد بقيت لى فى المهراس فاشربها.

فقال له ابوسفيان: هل لك فى خير مما هممت به؟ قال: و ما هو؟ قال: نحن و هو الان فى هدنه.

فتاخذ مئه من الابل، و ترجع الى بلدك سنتك هذه، و تنظر ما يصير اليه امرنا.

فان ظهرنا عليه كنت قد اخذت خلفا، و ان ظهر علينا اتيته.

فقال: ما اكره ذلك.

فقال ابوسفيان: يا معشر قريش هذا الاعشى و الله لئن اتى محمدا او اتبعه ليضرمن عليكم نيران العرب بشعره، فاجمعوا له مئه من الابل.

ففعلوا.

فاخذها و انطلق الى بلده.

فلما كان بقاع منفوحه رمى به بعيره فقتله.

هذا و فى (الصحاح): الاعشى، من يبصر بالنهار، و لا يبصر بالليل.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) هذا و كان غير هذا جمعا آخر عدهم القاموس.

فقال اعشى باهله، عامر، و اعشى بنى نهشل، اسود بن يعفر، و اعشى همدان، عبدالرحمن، و بنى ابى ربيعه، و طرود، و بنى الحرماز، و بنى اسد، و عكل، كهمس، و ابن معروف خيثمه، و بنى عقيل و بنى مالك، و بنى عوف ضابى، و بنى ضوزه عبدالله، و بنى جلان سلمه بنى قيس، ابوبصير، و الاعشى التغلبى، النعمان: شعراء.

(شتان ما يومى على كورما و يوم حيان اخى جابر) قال ابن ابى الحديد: قاله الاعشى فى معاقره علقمه بن علاثه، و عامر بن الطفيل و اول ها: علقم ما انت الى عامر الناقض الاوتار و الواتر و قبل البيت: و قد اسلى الهم اذ يعترى بحسره دوسره عاقر زيافه بالرحل خطاره تلوى بشرخى ميسه فاتر و بعد البيت: ارمى بها البيداء اذ هجرت و انت بين القرو و العاصر فى مجدل شيد بنيانه يزل عنه ظفر الطائر و كان حيان صاحب شراب و معاقره خمر، و كان نديم الاعشى، و كان اخوه جابر اصغر سنا منه.

فيقال: ان حيان قال للاعشى: نسبتنى الى اخى.

و هو اصغر سنا منى.

فقال: ان الروى اضطرنى الى ذلك.

فقال: و الله لانازعنك كاسا ابدا ما عشت، و حيان ابن السمين الحنفى.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) قلت: و روى (الاغانى) و (ديوان المعانى) معاقرتهما مفصله و قال الاول قال الاعشى: علقم ما انت الى عامر الناقض الاوتار و الواتر ان تسد الحوص فلم تعدهم و عامر ساد بنى عامر عهدى بها فى الحى قد درعت صفراء مثل المهره الضامر قد حجم الثدى على نحرها فى مشرق ذى بهجه ناضر لو اسندت ميتا الى نحرها عاش و لم ينقل الى قابر حتى يقول الناس مما راوا يا عجبا للميت الناصر و روى ان النبى (ص) ربما حدث اصحابه، و ربما تركهم يتحدثون، و يصغى اليهم، و يتبسم.

فبينا هم يوما على ذلك يتذاكرون الشعر و ايام العرب اذ سمع حسان بن ثابت ينشد هجاء اعشى قيس لعلقمه، و مدحه عامر بن الطقيل: علقم ما انت الى عامر الناقض الاوتار و الواتر ان تسد الحوص و لم تعدهم فعامر ساد بنى عامر ساد و الفى قومه ساده و كابرا سادوك عن كابر فقال النبى (ص) كف عن ذكره يا حسان.

فان اباسفيان لما شعث منى عند هرقل رد عليه علقمه.

فقال حسان: من نالتك يده، وجب علينا شكره.

و مثله فى (كنايات الثعالبى) الا انه قال: انشد حسان النبى (ص) من هجاء حسان لعلقمه: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) كلا ابويكم كان فرعا دعامه ولكنهم زادوا و اصبحت ناقصا تبيتون فى المشتى ملاء بطونكم و جاراتكم غرثى يبتن خمائصا و قال الثانى: قال الاعشى: حكمتموه فقضى بينكم ابلج مثل القمرالزاهر لا ياخذ الرشوه فى حكمه و لا يبالى غبن الخاسر علقم ما انت الى عامر الناقض الاوتار و الواتر و اللامس الخيل بخيل اذا ثار عجاج الكبه الثائر سادو الفى رهطه ساده و كابرا سادوك عن كابر و مما نسب اليه فى تلك القصيده: ما يجعل الجد الظنون الذى جنب صوب اللجب الماطر مثل الفراتى اذا ما طما يقذف بالبوصى و الماهر و من القصيد ه: قد قلت شعرى فمضى فيكما و اعترف المنفور للنافر قالوا: و نذر علقمه دمه.

فخرج الاعشى يريد وجها فاخطا به الدليل فاخذوه و اتوه به.

فقال الاعشى: علقم قد صيرتنى اليك الا مور و ما انت لى منقص فهب لى ذنبى فدتك النف وس لا تزال تنمو و لا تنقص فعفا عنه.

فقال الاعشى: علقم يا خير بنى عامر للضيف و الصاحب و الزائر و الضاحك السن على همه و الغافرالعثره للعاثر (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) قال ابن ميثم فى قوله: (و يوم حيان) كان حيان صاحب الحصن باليمامه و كان سيدا مطاعا يصله كسرى فى كل سنه، و كان فى نعمه و رفاهيه مصونامن و عثاء السفر.

قلت: و فى (امثال العسكرى): من امثالهم (انعم من حيان) كان حيان رجلا منعما، و فيه قال الاعشى: (شتان ما يومى)- البيت.

و اما قوله: (اخى جابر) ففى (فتوح البلاذرى): قال ابومسعود: حمام اعين فى الكوفه نسب الى اعين مولى سعد بن ابى وقاص، و سمعت ان الحمام قبله كان لرجل من العباد يقال له: جابر اخو حيان الذى ذكره الاعشى، و هو صاحب مسناه جابر بالحيره.

هذا و قالوا فى الاعشى: فلا تلومانى و لو ما جابرا فجابر كلفنى الهواجرا ان المراد بجابر فيه الخبز.

قال ابن السكيت: يقال للخبز جابر بن حبه و كنوه ايضا اباجابر.

قال ابن ابى الحديد: يقال (شتان ما هما) و (شتان هما) و لا يجوز (شتان ما بينهما).

قلت: الاصل فى كلامه قول الاصمعى، ففى (الصحاح) قال الاصمعى: لا يقال شتان ما بينهما، و قول الشاعر: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) لشتان ما بين اليزيدين فى الندى يزيد سليم و الاغر ابن حاتم (يعنى يزيد بن اسيد السلمى، و يزيد بن حاتم المهلبى) ليس بحجه انما هو مولد، و الحجه قول الاعشى شتان ما يومى البيت.

الا ان قول الاصمعى هنا غلط ككثير من اقواله فى مواضع اخر، و منها انكاره (ارعد و ابرق) كما ياتى عند قوله (ع) فى اصحاب الجمل (و قد ارعدوا و ابرقوا).

ففى (الاغانى): قيل لابى زيد النحوى: ان الاصمعى قال: لا يقال (شتان ما بينهما) و انما يقال: (شتان ما هما) كقول الاعشى.

فقال: كذب الاصمعى، يقال (شتان ما هما) و (شتان ما بينهما) و انشد لربيعه الرقى، و احتح به (لشتان ما بين اليزيدين)- البيت.

و اقول: الاشعار و الكلام المنثور ممن قوله حجه فى العربيه كثيره، و منها قول ابى الاسود فى جار يوذيه على ما فى (الاغانى): و شتان ما بينى و بينك اننى على كل حال استقيم و تضلع و منها قول ابن عباس لما بلله و فاه اخيه قثم بسمرقند على ما فى (فتوح البلاذرى): (شتان ما بين مولده و مقبره).

و فى خطبه ابى حمزه الخارجى الذى خرج بالمدينه سنه: (فشتان لعمر الله ما بين الغى و الرشد)، و قال البعيث و هو الذى يهاجى جريرا: اميه فى الرزق الذى الله قاسم لشتان ما بينى و بين ابن خالد (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و فى (النهح): (شتان، بين عملين عمل تذهب لذته، و تبقى تبعته، و عمل تذهب موونته، و يبقى اجره).

و فى (دعاء الصباح) المروى فى (المصباح) عن الهادى (ع): (انك انت الرب الجليل و انا العبد الذليل، و شتان ما بيننا يا حنان يا منان).

و فى (السير): ان الحجاج اتخذ ابن جعده الشيبانى و كان يرى راى الخوارج سميرا لادبه.

فكتب اليه قطرى ايام حربه مع المهلب: لشتان ما بين ابن جعد و بيننا اذا نحن رحنا فى الحديد المظاهر نجاهد فرسان المهلب كلنا صبور على وقع السيوف البواتر و راح يجر الخر عند اميره امير بتقوى الله غير امر فلما قرا الكتاب لحق بقطرى، و طلبه الحجاج فلم يقدر عليه.

و فى (وزراء الجهشيارى): صحب المختم الراسبى الشاعر محمد بن منصور الذى كان الرشيد لقبه فتى العسكر و كان كريما فافاد معه مئه الف درهم.

فمات محمد بن منصور.

فاتصل بمحمد بن يحيى الب رمكى، و كان بخيلا فانفقها معه.

فقال: شتان بين محمد و محمد حى امات و ميت احيانى فصحبت حيا فى عطايا ميت و بقيت مشتملا على الخسران و بالجمله فان بيت الاعشى غايه ما يدل عليه عدم لزوم الاتيان بكلمه بين، و اما لزوم تركها فلا، و يفهم من موارد استعمال (شتان) جواز استعماله مع ما بدون (بين) كبيت الاعشى المتقدم، و كما فى بيت نصر بن قدامه (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) التميمى لما هاجر اخوه صفوان مع ابنيه الى النبى (ص) و ابى قومه و بنو اخيه ان يهاجروا: تحمل صفوان فاصبح غاديا بابنائه عمدا و خلى المواليا طلاب الذى يبقى و آثرت غيره فشتان ما يفنى و ما كان باقيا و كقول شاعر: شتان ما قبله التلاق و قبله ساعه الفراق و مع بين، كبيت ابى الاسود، و بيت قطرى، و بيت البعيث، و بيت ربيعه الرقى، و كلام ابن عباس، و كلام ابى حمزه الخارجى، و فقره دعاء الصباح و قد تقدم كلها، و بدون (ما) مع (بين) كما فى كلامه (ع) فى القصار، و كما فى كلام المختم الراسبى، و بدون (ما) و (بين) كما فى قول لقيط بن زراره يوم شعب جبله: شتان هذا و العناق و النوم و المضجع البارد فى ظل الدوم و قول كعب بن مالك فى قتلى بدر و احد من المسلمين و المشركين.

شتان من هو فى جهنم ثاو ابدا و من هو فى الجنان مخلد و قول شاعر آخر ذكره (اساس الزمخشرى): شتان خلو نائم و هو على سهر مكب و قول شاعر لما عزل يزيد بن المهلب عن خراسان و كان لابيه المهلب بن ابى صفره سوابق و اثار فى حروبه مع الخوارج و وليها قتيبه بن مسلم و كان ابوقتيبه، مسلم بن عمرو الباملى نديما ليزيد بن معاويه يشرب معه و يغنيه- كما فى (انساب البلاذرى): (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) شتان من بالصبح ادرك و الذى بالسيف ادرك و الحروب تسعر هذا، و لبعض المتاخرين فى طبيب غير حاذق مسمى بعيسى: شتان ما بين عيسى و عيسى المسيح فذاك محيى موات و ذا مميت الصحيح هذا و قد عرفت ان الصدوق فى كتابيه لم ينقل التمثل بالبيت، و اتفق غيره على نقله الا ان المفيد و الشيخ، و الطبرسى نقلوه بعد قوله (ع): (لشد ما تشطرا ضرعيها) و سبط ابن الجوزى بعد قوله (ع): (و لسقيت آخرما بكاس اولها) و الظاهر اصحيه نقل الشيخين له، و هو المفهوم من المرتضى حيث قال فى بيان مراده (ع) من التمثيل كما نقل ابن ميثم عنه ان القوم لما فازوا بمقاصدهم و طفروا بمطالبهم و هو (ع) فى اثناء ذلك كله محقق فى حقه مكذب فى نصيبه كما اشار اليه بق وله (و فى العين قذى و فى الحق شجا) كان بين حالهم و حاله بعد بعيد، و افتراق شديد.

و اما على نقل المصنف البيت هنا، فلابد ان يكون المراد به انه (ع) قال: شتان بين يومى مع النبى (ص)، و يومى مع الرجلين، و قد عرفت ان معاويه كتب فى جواب محمد بن ابى بكر: (فقد كنا و ابوك فينا نعرف فضل ابن ابى طالب، و حقه لازما لنا مبرورا علينا.

فلما قبضه الله اليه كان ابوك و فاروقه اول من ابتزه حقه و خالفه على ذلك اتفقا و اتسقا.

و فى المثل: (العنوق بعد النوق) يضرب للشده بعد السعه.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و لما ملك الذر مملوك شهاب الدين الغورى غزنه فى سنه (206) بعد سيده شهاب الدين الزم وزيره مويد الملك ان يكون وزيره.

فاجابه على كره فهناه صديق له.

فقال له: بماذا تهنئنى بركوب الحمار بعد الجواد بينا ياتى الذر الف مره على بابى حتى آذن له فى الدخول اصبح على بابه.

قال ابن ابى الحديد: و قريب من تمثله (ع) تمثل الفضل بن الربيع بابيات البعيث فى حرب الامين و المامون، و رخاوه الاول و شده الثانى.

لشتان ما بينى و بين ابن خالد اميه فى الرزق الذى الله يقسم يقارع اتراك بن خاقان ليله الى ان يرى الاصباح لا يتلعثم و آخذها حمراء كالمسك ريحها لها ارج من دنها يتنسم فيصبح من طول الطراد و جسمه نحيل و اضحى فى النعيم اصمم قلت: البيت الثالث لا ربط له بما قبله و ما بعده، و قد نقل الطبرى الابيات و لم ينقله فيها.

و تمثل الرشيد بقول ربيعه الرقى: (شتان ما بين اليزيدين فى الندى) البيت المتقدم لما حج و لقيه قبل دخول مكه رجلان من قريش فتكلم احدهما فاحسن، و تكلم الاخر فلم يات بشى ء.

و عرض نخاس جاريتين على ابن يزيد سليم الذى هجا ابوه بالبيت.

فقال له: ايهما احسن.

فقال له: بينهما كما قال الشاعر، و انشد البيت.

فامر بجر رجله و اخراجه معهما.

(فيا عجبا بينا هو يستقيلها فى حياته اذ عقدها لاخر بعد وفاته) اما استقاله ابى بكر بعد تصديه.

فتواتر عنه انه قال: (اقيلونى فلست بخيركم).

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و معنى كلامه (ع): ان ابابكر راى عدم صلاحيه نفسه للخلافه فكيف عقدها لعمر بعده.

ثم كيف خالف النبى (ص) فى زعمه تركه الناس بلاتعبين خليفه.

و قال سبط ابن الجوزى فى (تذكرته): قال صاحب (بيت العلوم)، و صاحب (عقلاء المجانين): قال ابوالهذيل العلاف: سافرت مع المامون الى الرقه، فبينا انا اسير فى الفرات اذ مررنا بدير فوصف لى مجنون يتكلم بالحكمه، فدخلت الدير و اذ ا برجل و سيم نظيف فصيح و هو مقيد.

فسلمت عليه.

فرد السلام.

ثم قال: قلبى يحدثنى انك لست من اهل هذه المدينه القليل عقول اهلها يعنى الرقه قلت: نعم.

انا من اهل العراق.

فقال: انى اسالك فافهم ما اقول، فقلت: سل، فقال اخبرنى عن النبى (ص) هل اوصى؟ قلت: لا.

قال: فكيف ولى ابوبكر مجلسه من غير وصيه؟ فقلت: اختاره المهاجرون و الانصار و رضى به الناس.

فقال، كيف اجازه المهاجرون، و قد قال الزبير بن العوام: لا ابايع الا على بن ابى طالب، و كذا العباس، و كيف اختاره الانصار، و قد قالت: منا امير و منكم امير، و ولوا سعد بن عباده يوم السقيفه، و قال عمر: اقتلوا سعدا قتله الله؟ و كيف تقول: رضى به الناس و قد قال سلمان الفارسى: (كرديد و نكرديد) اى فعلتموها.

فوجئت عنقه، و قال ابوسفيان بن حرب لعلى: (مد يدك لابايعك و ان شئت ملاتها خيلا و رجلا) ثم قعد بنو هاشم عن بيعه ابى بكر سته اشهر.

ثم لما ولى ابوبكر الخلافه قال: (وليتكم و لست بخيركم)؟ و كيف يتقدم المفضول على الفاضل؟ و لما ولى عمر قال: (وددت انى شعره فى صدر ابى بكر)، ثم قال بعد ذلك: (كانت بيعه ابى بكر فلته وقى الله الامه شرها فمن عاد الى مثلها فاقتلوه) ثم ان عمر رد السبى الذى سباه خالد بن ا لوليد فى ايام ابى بكر.

فان خالداتزوج امراه مالك بن نويره فردها (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) عمر بعدما ولدت منه.

ثم ولى عمر صهيبا على اصحاب النبى (ص) و هو عبد لبنى نمر بن قاسط و كل هذا تناقض؟ و اخبرنى عن عبدالرحمن بن عوف حين ولى عثمان الخلافه و اختاره، هل ولاه الا و هو يعرفه؟ قلت: نعم.

قال: فقد قال عبدالرحمن بعد ذلك ما كنت احب ان اعيش حتى يقول لى عثمان: يا منافق! فمعرفه عثمان حين نسبه الى النفاق كمعرفه عثمان اياه اذ ولاه الخلافه.

و اخبرنى عن عائشه لما كانت تحرض الناس على عثمان يوم الدار و تقول: (اقتلوا نعثلا قتله الله فقد كفر) فلما ولى على (ع) الخلافه قالت: وددت ان هذه سقطت على هذه.

تعنى السماء على الارض ثم خرجت من بيتها تقاتل عليا (ع) مع طلحه و الزبير على دم عثمان و الله تعالى يقول: (و قرن فى بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهليه الاولى) و هذه مخالفه لله تعالى، و لما قتل عثمان جاء المسلمون و الصحابه ارسالا الى على (ع) ليبايعوه.

فلم يفعل حتى قالوا له: و الله لئن لم تفعل لنلحقنك بعثمان، فاخبرنى ايما آكد، من ضرب سعدا و وجا عنق سلمان كمن جاء الناس يكرهونه على البيعه؟ قال ابوالهذيل فلم احر جوابا و سقط فى يدى.

ثم قال: فى كم يجب القطع فى السرقه؟ قلت: فى ربع دينار.

فقال: كم اعطاك الذى جئت معه الى هاهنا؟ - يعنى المامون- قلت: خمسمئه دينار، فقال: يجب ان تقطع اعضاوك بحساب ما اخذت.

قلت: و لم؟ قال: لانك سرقت مال المسلمين.

فقلت: الخليفه اعطانى من ماله.

فقال: و اين ماله؟ المال لله تعالى و لعامه المسلمين، و و الله انك لاحق بهذا السعوط الذى به كل يوم اسعط، و احق بالقيد منى.

قال: ابوالهذيل فخرجت من عنده و انا خجل.

فحدثت (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) المامون حديثه فاستطرفه و بقى زمانا يستعيده منى.

و من تناقضاته كاستقالته لنفسه و عقده لغيره انه قال للعباس: ان الناس اختارونى عليهم واليا، و ما انفك يبلغنى عن طاعن يقول الخلاف على عامه المسلمين، يتخذكم لجا.

فقال: له العباس: ما ابعد قولك انهم طعنوا عليك من قولك انهم اختاروك و مالوا اليك، و ما ابعد تسميتك خليفه رسوله تعالى من قوله خلى رسوله على الناس امورهم ليختاروا فاختاروك.

و يا عجبا بينا هو و صاحبه يطعنان على النبى (ص) فى تامير اسامه عليهما و يتخلفان عن جيشه مع حث النبى (ص) على تجهيزه، و لعنه المتخلف عنه ينفذه من قبله باسم اجراء امر النبى.

قال الجزرى: بعث النبى (ص) فى محرم سنه ) 11) بعثا الى الشام، و امرهم اسامه بن زيد مولاه، و امره ان يوطى الخيل تخوم البلقاء و الداروم من ارض فلسطين.

فتكلم المنافقون فى امارته، و قالوا: امر غلاما على جله المهاجرين و الانصار.

فقال النبى (ص): ان تطعنوا فى امارته.

فقد طعنتم فى اماره ابيه من قبل، و انه لخليق للاماره، و كان ابوه خليقا لها، و اوعب مع اسامه المهاجرون الاولون منهم ابوبكر و عمر فبينما الناس على ذلك ابتدا بالنبى (ص) مرضه- الخ.

و هو و ان اجمل الطاعن الا ان المراد معلوم.

فالمنافقون لم يكن لهم اعتقاد بالله و رسوله.

فكيف يكون لهم اعتقاد بالمهاجرين و الانصار، و ان الرجلين اذا كانا فى مقام التسليم لله و رسوله كيف يغضب لهما غيرهما.

و قال الجزرى ايضا- بعد ذكر بيعه ابى بكر و ارتداد جمع، و ارادته انفاذ (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) جيش اسامه قال الناس لابى بكر: ان مولاء- يعنون جيش اسامه- جند المسلمين، و العرب على ما ترى قد انتقضت بك، فلا ينبغى ان تفرق جماعه المسلمين عنك.

فقال: و الذى نفسى بيده لو ظننت ان السباع تختطفنى لانفذت جيش اسامه كما امر النبى (ص).

فخاطب الناس و امرهم بالتجهز للغزو، و ان يخرج كل من هو من جيش اسامه الى معسكره بالجرف.

فخرجوا ك ما امرهم، و جيش ابوبكر من بقى من تلك القبائل التى كانت لهم الهجره فى ديارهم.

فصاروا مسالح حول قبائلهم و هم قليل.

فلما خرج الجيش الى معسكرهم بالجرف، و تكاملوا ارسل اسامه عمر، و كان معه فى جيشه الى ابى بكر يستاذنه ان يرجع بالناس، و قال: ان معى وجوه الناس و جلتهم، و لا آمن على خليفه رسول الله و حرم رسول الله و المسلمين ان يتخطفهم المشركون، و قال من مع اسامه من الانصار لعمر: ابلغ الخليفه عنا و اطلب اليه ان يولى امرنا اقدم سنا من اسامه.

فخرج عمر بامر اسامه الى ابى بكر.

فاخبره بما قال اسامه.

فقال: لو خطفتنى الكلاب و الذئاب لانفذته كما امر به النبى، و لا ارد قضاء قضى به النبى، و لو لم يبق فى القرى غيرى.

فقال عمر: ان الانصار تظلب رجلا اقدم سنا من اسامه.

فوثب ابوبكر، و كان جالسا و اخذ بلحيه عمر، و قال: ثكلتك امك يا ابن الخطاب! استعمله النبى، و تامرنى ان اعزله، ثم خرج ابوبكر حتى اتاهم و اشخصهم، و شيعهم.

و هو ماش و اسامه راكب- الى ان قال- فلما اراد ان يرجع، قال لاسامه: ارايت ان تعيننى بعمر.

فاذن له- الخ.

و لعمر الله هل هذه الا صفات اهل النفاق! ! و اين كان هذا التصلب منه فى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) اجراء حكم النبى (ص) فى وقت حكمه (ص) فانه (ص) انما حكم بتجهيز جيش اسامه فى حياته، و هو و صاحبه كانا من جيشه، و الانسان قد يامر بشى ء لغرض فى وقت، و بعد ذاك الوقت لا يريده لعدم حصول غرض منه، و من اين ان النبى (ص) لم يكن غرضه من بعث اسامه فى شده مرضه، و حثه عليه كلما افاق، و لعنه من تخلف عنه، خروج الرجل و خروج صاحبه حين وفاته حتى لا يبقى حين وفاته فى المدينه مخالف لاميرالمومنين (ع)؟ و من العجب ان ابن ابى الحديد قال: و تزعم الشيعه ان النبى (ص) كان يعلم موته و انه سير ابابكر و عمر فى بعث اسامه لتخلو دار الهجره منهما.

فيصفو الامر لعلى (ع) و يبايعه من تخلف من المسلمين بالمدينه على سكون و طمانينه.

فاذا جاءهما الخبر بموت النبى (ص) و بيعه الناس لعلى (ع) بعده كانا عن المنازعه و الخلاف ابعد لان العرب كانت تلتزم باتمام تلك البيعه، و يحتاج فى نقضها الى حروب شديده.

فلم يتم له ما قدر، و تثاقل اسامه بالجيش اياما مع شده حث النبى (ص) على نفوذه و خروجه بالجيش حتى مات (ص) و هما بالمدينه فسبقا عليا (ع) الى البيعه و جرى ما جرى.

قال ابن ابى الحديد: و هذا عندى غير منقدح لانه ان كان النبى (ص) يعلم موته فهو ايضا يعلم ان ابابكر سيلى الخلافه، و ما يعلمه لا يحترس منه، و انما يتم هذا و يصح اذا فرضنا انه (ع) كان يظن موته، و لا يعلمه حقيقه، و يظن ان ابابكر و عمر يتمالان على ابن عمه، و يخاف وقوع ذلك منهما و لا يعلمه حقيقه، فيجوز ان كانت الحال هكذا ان ينقدح هذا التوهم، و يتطرق هذا الظن.

فان جوابه مما يضحك الثكلى.

فان النبى (ص) فعل ما كان عليه لاتمام (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) الحجه من الامر بخروجهما، كما انه فعل ما كان واجبا عليه من الامر باتيانه بقلم و صحيفه ليكتب لهم كتاب وصيه لئلا يضلوا بعده.

فان منه الثانى عن الكتابه و تخلف هو و صاحبه عن الخروج فى جيش اسامه اى شى ء يرد على النبى (ص).

ثم لو اراد ابوبكر انفاذ امر النبى (ص) بعده لم لم يخرج بنفسه، و كان فى جملتهم كما صرح به ابن سعد كاتب الواقدى مع نصبه و جهده فى ستر ما يرد به عار على صديقه حتى انه اقتصر فى ذكر بعث النبى (ص) له للحج و لم يذكر بعثه لتبليغ البراءه ليخفى عزله عن الله تعالى.

و كان من اهميه المطلب ان النبى (ص) مع مرضه عقد اللواء بيده كما صرح به ابن سعد ايضا و لم لم يخل عمر، و كان مامورا من النبى (ص) بالحركه فى ذاك الجيش بالاتفاق لا من اسامه، و اذا كان بيد اسامه حيث طلب منه ترك عمر له فاس امه اراد ترك ذاك الامر كله فلم انكر عليه.

و انما اراد ابوبكر بانفاذ جيش اسامه امرين: التباس الامر على العامه بكلماته التى لفقها من قوله: (لو ظننت ان السباع تختطفنى لانفذت جيش اسامه كما امر النبى (ص) و الثانى: ان يتجلد للعرب.

قال الجزرى: و كان انفاذ جيش اسامه اعظم الامور نفعا للمسلمين، فان العرب قالوا: لو لم تكن بهم قوه لما ارسلوا هذا الجيش.

فكفوا عن كثير مما كانوا يريدون ان يفعلوه.

ثم لم لم يستخلف ابوبكر اسامه و قد امره النبى (ص) و انما خدعه هو (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و صاحبه بان كانا يخاطبانه بايها الامير مادام حياتهما.

ثم و اعجبا من ابن قتيبه فى (خلفائه) يقول فى عنوان: كيف كانت بيعه على (قام عمر مع جماعه فمشوا حتى اتوا بيت فاطمه فدقوا الباب فلما سمعت اصواتهم نادت باعلى صوتها: يا ابه يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب و ابن ابى قحافه- الى ان قال- فلحق على بقبر النبى (ص) يصيح و يبكى و ينادى: (يا ابن ام ان القوم استضعفونى و كادوا يقتلوننى).

و هل معنى ذلك الا جعل اميرالمومنين (ع) لابى بكر و عمر كالعجل و السامرى، و مبايعى ابى بكر كعابدى العجل، و ان الرجلين و اتباعهما ارادوا قتل اميرالمومنين (ع) لانكاره امرهم و بيعتهم لابى بكر.

ثم يقول ابن قتيبه فى آخر كلامه: (فلما تمت البيعه لابى بكر اقام ثلاثه ايام يقيل الناس و يستقيلهم يقول قد اقلتكم فى بيعتى هل من كاره هل من مبغض فيقوم على فى اول الناس فيقول و الله لا نقيلك و لا نستقيلك ابدا قد قدمك رسول الله (ص) لتوحيد ديننا من ذا الذى يوخرك لتوجيه دنيانا) فهل كان اميرالمومنين (ع) شطارا يقول الامس ما مر و يقول اليوم ما قال انا استحى لهذا الرجل من هذا التناقض اولا و اخيرا، و ان ما نسبه اليه (ع) هو كلام عمر لابى بكر.

فلما اراد عقد البيعه له قال له (قدمك النبى لديننا- يعنى فى صلاته بالناس- افلا نرضاك لدنيانا- يعنى خلافه النبى (ص).

و من العجب ان ابن ابى الحديد قال: و من الناس من انكر استقاله ابى بكر، و قال انما قال ابوبكر (وليتكم و لست بخيركم) هب جحدوا و انكروا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) النص على اميرالمومنين (ع) كيف يجحدون ما قاله صديقهم فى الملا، و على رووس الاشهاد.

فيالله لهولاء تاره ينكرون اصل ما تواتر عن اولهم، و اخرى يضعون ان اميرالمومنين (ع) لم يقبل منه استقالته.

و كيف يقول ابن ابى الحديد ما قال و قد روى ابن قتيبه مع نصبه استقاله ابى بكر مرتين ث انيتهما- بعد ذكر عيادته مع صاحبه عمر لسيده نساء العالمين و ذكر اخذها عليهاالسلام اقرارهما بقول النبى (ص) فيها: (سخط فاطمه من سخطى و سخطى سخط الله) و ذكر قولها عليهاالسلام ابى بكر: (لادعون الله عليك فى كل صلاه اصليها- قال: فخرج ابوبكر باكيا و قال: لاحاجه لى فى بيعتكم، اقيلونى بيعتى).

(لشد ما تشطرا ضرعيها) الضرع للحيوان كالثدى للمراه، و الشطر النصف قال فضاله بن شريك فى اعور من بنى شطير: لنصف امرى من نصف حى يسبنى لعمرى لقد لا قيت خطبامن الخطب جعله نصف امرى لكونه اعور، و من نصف حى لكونه من بنى شطير.

و يقال (ولد فلان شطره) اى: نصف ذكور و نصف اناث، و يقال (شعر شطران) اى: نصفه اسود و نصفه ابيض.

و معنى كلامه (ع) ان كلا من الاول و الثانى اخذ بالشده ضرعا من ضرعى الخلافه.

ثم الظاهر ان (ما) فى (شد ما) للتعجب فيكون (شد ما) فى معنى (ما اشد).

و قال ابن ابى الحديد (شد ما) اى صار شديدا كما ان حبذا معناه صار حبيبا.

و هو كما ترى فان معنى (شد ما) ان الشى ء كان فى غايه الشده يشهد (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) له موارد استعماله من كلامه (ع) و كلام آخرين.

فقالوا فى قصه بهرا مجور و جاريته التى اقترحت عليه اشياء صعبه انه ا خذها و ضرب بها الارض و قال لها (لشد ما اشتطت على لاظهار عجزى).

و فى (الاغانى): اعطى عبدالله بن الحشرج لما كان امير خراسان الناس كل شى ء له حتى منشفه عليه و فراشه و لحافه، فقالت له امراته: لشد ما يتلاعب بك الشيطان.

و فى (الطبرى): بعث المنصور باقياد لتقييد بنى الحسن، و فيها قيد ثقيل كلما قرب من واحد منهم استعفى.

فقال على بن الحسن المثنى (لشد ما جزعتم) و مد رجليه فقيد به.

و فى (انساب البلاذرى): كان مسلم بن عمرو الباهلى ابوقتيبه بن مسلم نديما ليزيد بن معاويه يشرب معه و يغنيه.

فقال الشاعر حين عزل يزيد بن المهلب (و كان ابوه ذا سابقه فى الحروب مع الخوارج) عن خراسان و وليها قتيبه: شتان من بالصبح ادرك و الذى بالسيف ادرك و الحروب تسعر و لما اوفد سعد بن ابى وقاص عمرو بن معد يكرب بعد فتح القادسيه الى عمر، و اثنى عليه فى كتابه.

فساله عمر عن سعد، فاثنى عمرو عليه فقال له عمر لشد ما تقارضتما الثناء.

و قال الاشعث بن قيس لشريح القاضى فى كلام دار بينهما: لشد ما ارتفعت.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و لما قرا يزيد كتابا للحسين (ع) فى معنى حجر و عمرو بن الحمق الى معاويه قال لابيه: لشد ما فخر عليك الحسين و قال الشاعر:

لشد ما نال منى الدهر و اعتلقت يد الزمان و اوهت من قوى مررى و قال اعرابى: فلما كتمت الحب قالت لشد ما صبرت و ما هذا بفعل شجى القلب و قال الفضل بن سهل لطاهر بن الحسين لشد ما سموت.

هذا و قريب من قوله (ع): (لشد ما تشطرا ضرعيها) قول رجل من ولد ربيعه بن عبدالعزى بن عبدشمس لمروان الحمار: مريت يا مروان اطباءها حتى استمرت بدم حائل و قول السلولى: و ذموا لنا الدنيا و هم يرضعونها افاويق حتى ما يدرلها ثعل و الثعل بالضم: خلف زائد لا يدر، و انما ذكره مبالغه و الخلف حلمه الضرع.

روى المفيد فى (اماليه) عن الربيع بن المنذر قال: سمعت الحسن بن على (ع) يقول: ان ابابكر و عمر عمدا الى هذا الامر و هو لنا كله فاخذاه دوننا، و جعلا لنا فيه سهما كسهم الجده.

اما و الله لتهمنهما انفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا.

و الظاهر ان المراد بقوله (ع): (كسهم الجده) انهما جعلا لهم من الخلافه و باقى حقوقهم مجرد طعمه كالجده مع الوالدين.

(فصيرها فى حوزه خشناء) قال الزبير بن بكار: كان عمر اذا غضب على (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) بعض اهله لم يسكن غضبه حتى يعض يده عضا شديدا و يدميها.

و قالوا: كانت دره عمر اهيب من سيف الحجاج، و كان الحجاج يتشبه بزياد، و كان زياد يتشبه بعمر.

و لما اراد عمر منع زياد عن اقامه الشهاده على المغيره، و رآه اقبل صاح به صيحه حكاها المشاهد للراوى- كما رواه ابوالفرج الاصبهانى- فكاد ان يغشى عليه.

و جعله ابوبكر قاضيا فى خلافته.

فمكث سنه لم يخاصم اليه احد.

و جاءت اليه سريه لابنه عبيدالله.

فقالت له: الا تعذرنى من ابى عيسى قال: و من ابوعيسى.

قال: ابنك عبيدالله، قال: ويحك و قد تكنى بابى عيسى، و دعاه و قال: ويحك! اكتنيت بابى عيسى.

فحذر و فزع.

فاخذ يده.

فعضها حتى صاح ثم ضربه، و قال: ويلك هل لعيسى اب؟ اما تدرى ما كنى العرب؟ ابوسلمه، ابوحنظله، او عرفطه، ابومره.

و فى (الخلفاء): قال عمرو بن ميمون: شهدت عمر بن الخطاب يوم طعن فما منعنى ان اكون فى الصف الاول الا هيبته.

فكنت فى الصف الذى يليه و كان عمر لا يكبر حتى يستقبل الصف المتقدم بوجهه.

فان راى رجلا متقدما من الصف او متاخرا ضربه بالدره.

فذلك الذى منعنى من التقدم.

فاقبل لصلاه الصبح و كان يغلس بها.

فعرض له ابولولوه غلام المغيره فطعنه.

الخ.

و عد (معارف ابن قتييه) فى (عنوان من كان على دين قبل مبعث (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) النبى (ص) زيد بن عمرو بن نفيل.

قال: كان رغ ب عن عباده الاوثان و طلب الدين (فاولع به عمر، و كان ابن عمه، و سلط عليه سفهاء مكه.

قاذوه فخرج الى الشام) فقتله النصارى بالشام.

و فى (سيره ابن هشام)- فى حديث ام عبدالله عن اسلام عمر- قال لها زوجها: اطمعت فى اسلام عمر؟ قالت: نعم، قال: فلا يسلم الذى رايت حتى يسلم حمار الخطاب- قالت: قال ذلك ياسا منه عن الاسلام لما كان يرى من غلظته و قسوته.

و فى (اسد الغابه): روى مجاهد عن ابن عباس قال: سالت عمر عن اسلامه فقال: خرجت بعد اسلام حمزه بثلاثه ايام فاذا فلان المخزومى، و كان قد اسلم.

فقلت: تركت دين آبائك و اتبعت دين محمد؟ قال: ان فعلت فقد فعله من هو اعظم عليك حقا منى.

قلت: من هو؟ قال: اختك و ختنك.

قال: فانطلقت.

فوجدت الباب مغلقا، و سمعت همهمه.

ففتح الباب.

فدخلت فقلت: ما هذا الذى اسمع؟ قالت: ما سمعت شيئا.

فمازال الكلام بيننا حتى اخذت براس ختنى فضربته فادميته.

الخ.

و فى (سيره ابن هشام): مر ابوبكر بجاريه بنى مومل- حتى من بنى عدى بن كعب- و كانت مسلمه، و عمر يعذبها لتترك الاسلام، و هو يومئذ مشرك و هو يضربها حتى اذا مل قال انى اعتذر اليك انى لم اتركك الا ملاله.

فتقول: كذلك فعل الله بك.

و فيه مسندا عن عمر قال: مررت بهشام بن حكيم بن حزام، و هو يقرا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) الفرقان فى حياه النبى (ص) فاذا هو يقرا على حروف لم يقرئنيها النبى، فكدت اساوره فى الصلاه.

فنظرت حتى سلم.

فلببته بردائه، فقلت: من اقراك هذه السوره.

قال النبى (ص): فقلت له، كذبت انه اقرانى هذه السوره.

فانطلقت اقوده الى النبى.

فقلت: انى سمعت هذا يقرا السوره على حروف لم تقرئنيها.

فقال النبى: ارسله يا عمر.

اقرا يا هشام.

فقرا.

فقال النبى: هكذا انزلت.

الخ.

و فى (الاستيعاب): لما مات سعد بن معاذ جعلت امه تبكى.

فقال لها عمر: انظرى ما تقولين.

فقال النبى (ص): دعها يا عمر! كل باكيه مكثره الا ام سعد ما قالت من خير فلن تكذب.

و فى (العقد الفريد): مر النبى (ص) بنسوه من الانصار يبكين ميتا فزجرهن عمر.

فقال له النبى (ص): دعهن يا عمر.

فان النفس مصابه و العين دامعه، و العهد قريب.

و رووا ايضا: ان عمر سمع صوت بكاء فى بيت فدخل و بيده الدره.

فمال عليهم ضربا حتى بلغ النائحه فضربها حتى سقط خمارها.

ثم قال لغلامه: اضرب النائحه، ويلك اضربها.

فانها نائحه لا حرمه لها، انها لا تبكى بشجوكم، انها تهريق دموعها على اخذ دراهمكم.

انها توذى امواتكم فى قبوركم، و احياءكم فى دورهم، انها تنهى عن ال صبر، و قد امر الله به، و تامر بالجزع، و قد نهى الله عنه.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) قلت: لم ينته الرجل بنهى النبى (ص) فاذى المصابات المرحومات، و قوله (توذى امواتكم) خلاف قوله تعالى: (و لا تزر وازره وزر اخرى) و كيف و قد امرالنبى (ص) بالبكاء على عمه حمزه، و بكى النبى (ص) نفسه على ابراهيم ابنه و قال (يحرق القلب، و تدمع العين، و لا نقول ما يسخط الرب) و كسب النائحه اذا لم يكن من النوح الباطل حلال.

و قال ابوعبدالله (ع): لما مات عبدالله بن ابى بن سلول حضر النبى (ص) جنازته فقال له عمر: الم ينهك الله ان تقوم على قبره؟! فسكت النبى (ص).

فقال عمر ثانيه: الم ينهك الله ان تقوم على قبره؟! فقال له النبى (ص): ويلك، و ما يدريك ما قلت؟ انى قلت: (اللهم احش جوفه نارا و املا قبره نارا) فابدى عمر من النبى (ص) ما كان يكره ابداءه.

قلت: و من الغريب ان العامه نقلوا هذه القصه هكذا: (ان عبدالله بن ابى لما توفى جاء ابنه و اهله الى النبى (ص)، و سالوه ان يصلى عليه.

فقام بين يدى الصف يريد ذلك فجاء عمر.

فجذبه من خلفه، و قال له: الم ينهك الله ان تصلى على المنافقين.

فقال: انى خيرت فاخترت فقيل لى: (استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تسغفر لهم سبعين مره فلن يغفر الله لهم) و لو اعلم انى اذ ازدت على السبعين غفر له لزدت.

ثم صلى عليه و مشى معه، و قام على قبره، فعجب الناس من جراه عمر على النبى (ص) فلم يلبث الناس ان نزل قوله تعالى: (و لا تصل على احد منهم مات ابدا و لا تقم على قبره) فلم يصل (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) النبى (ص) على احد من المنافقين.

فارادوا تبديل قدحه بمدح الا انهم لم يتفظنوا لتناقض صدر كلامهم و ذيله فيقولون اولا: ان عمر جذب النبى من خلفه فى صلاته على الرجل، و قال له: الم ينهك الله عن ذلك فى قوله: (و لا تصل على احد منهم) و يقولون اخيرا: انه نزل قوله (و لا تصل على احد منهم) تصديقا لعمر.

و نظيره ما رووا له انه لما اسر النبى (ص) فى بدر سبعين من المشركين استشار جمعا من اصحابه فيهم ابوبكر و عمر فى امرهم.

فقال ابوبكر: هولاء بنو العم و العشيره و الاخوان، ارى ان تاخذ منهم الفديه، فيكون ما اخذنا منهم قوه لنا على المشركين، و عسى الله ان يهديهم بعد اليوم.

فيكونوا لنا عضدا.

فقال النبى لعمر ما تقول انت؟ قال: ارى ان تمكننى من فلان- قريب لعمر- فاضرب عنقه، و تمكن عليا من عقيل.

فيضرب عنقه، و تمكن حمزه من اخيه العباس.

فيضرب عنقه حتى يعلم الله انه ليس فى قلوبنا هواده للمشركين اقتلهم فانهم صناديدهم و قادتهم، فلم يهو النبى ما قاله عمر و هوى ما قاله ابوبكر.

فاخذ منهم الفديه، و خلى سبيلهم فانزل عليه ما انزل.

قال عمر: فجئت الى النبى.

فوجدته قاعدا و ابوبكر يبكيان.

فقلت: ما يبكيكما حدثنانى.

فان وجدت بكاء بكيت و الا تباكيت.

فقال النبى: ابكى لاخذ الفداء.

لقد عرض على عذابكم ادنى من هذه الشجره.

لشجره قريبه قال ابن عمر: قال النبى: كدنا ان يصيبنا شر فى مخالفه عمر.

فانه اذا كان عمر هو الذى و افق مراده مراد الله، و النبى (ص) خالفه (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) كان عمر اولى بالنبوه، و لم يكن قوله تعالى: (الله اعلم حيث يجعل رسالته) بحق، و ايضا لم يقول النبى (ص) لعمر عرض على عذابكم و كان الواجب عليه ان يقول له عذابى و عذاب امتى غيرك.

و كذا ما رووا ان اباهريره قال: كنا قعودا حول النبى فقام من بين اظهرنا.

فابطا علينا.

فخشينا ان يقتطع دوننا ففزعنا، و كنت اول من فزع فخرجت ابتغيه حتى اتيت حائطا لقوم من بنى النجار فلم اجد للحائط بابا الا ربيعا اى جدولا، فدخلت فى جوف الحائط بعد ان احتفرته.

فاذا النبى.

فقال: ما شانك قلت: كنت بين اظهرنا.

فقمت و ابطات فخشينا ان تقتطع د وننا ففزعنا، و كنت اول من فزع فاتيت هذا الحائط.

فاحتفرت كما يحتفر الثعلب، و الناس ورائى فقال: اذهب بنعلى هاتين فمن لقيته وراء هذا الحائط يشهد الا اله الا الله مستيقنا بها قلبه بشرته بالجنه- الى ان قال- قال ابوهريره فضرب عمر فى صدرى فخررت لاستى، و قال: ارجع الى النبى.

فاجهشت بالبكاء راجعا- الى ان قال فخرج النبى (ص) و اذا عمر، فقال: ما حملك يا عمر على ما فعلت؟ فقال عمر: انت بعثت اباهريره بكذا؟ قال: نعم.

قال: فلا تفعل فانى اخشى ان يتكل الناس عليها فيتركوا العمل.

خلهم يعملون فقال النبى: خلهم يعملون.

فلم يتفطنوا ان ما وضعوه للرجل يكذب الله تعالى فى قوله جل و علا: (و ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى) و يستلزم ان يكون عمر اعرف بمصالح الناس و مفاسدهم من الله تعالى و رسوله.

هب ذلك كله، لم ضرب اباهريره ضربا خر لاسته و اجهش بالبكاء؟ هل (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فعل ابوهريره ما فعل الا بامر النبى (ص) على نقلهم؟ و لم لم يطلب منه الكف بلا اذيه حتى يراجع النبى (ص).

و كذا روى الغزالى ان النبى (ص) كان جالسا و عنده جوار يتغنين و يلعبن فجاء عمر فاستاذن.

فقال النبى (ص) اسكتن فسكتن، فدخل عمر فقضى حاجته ثم خرج فقال ل هن النبى (ص) عدن الى الغناء.

فقلن: يا رسول الله من هذا الذى لما جاء قلت: اسكتن، و لما خرج قلت: عدن الى الغناء قال: هذا رجل لا يوثر سماع الباطل.

فيالله من هذه الاحاديث الخبيثه التى غرستها الشجره الامويه الملعونه فى القرآن فى قلوب هولاء.

فيجعلون عمر اورع و اعرف و افضل من رسول رب العالمين.

ثم الغريب انهم تاره يروون كونه افضل من النبى (ص) و اخرى يروون كفره و ارتداده.

فقالوا: لما كتب النبى (ص) فى الحديبيه كتاب الصلح بينه و بين سهيل بن عمرو على ان من خرج من المسلمين الى قريش لايرد و من خرج من المشركين الى النبى (ص) يرد اليهم، غضب عمر، و قال لابى بكر: ما هذا ايرد المسلمون الى المشركين ثم جاء الى النبى (ص) فجلس بين يديه، و قال: الست رسول الله حقا؟ قال: نعم.

قال: و نحن المسلمون حقا؟ قال: نعم.

قال: و هم الكافرون؟ قال: نعم.

قال فعلام نعطى الدنيه فى ديننا؟ فقال النبى: انا رسول الله افعل ما يامرنى الله به، و لن يضيعنى.

فقام عمر مغضبا، و قال: و الله لو اجد اعوانا ما اعطيت الدنيه ابدا، و جاء الى ابى بكر.

فقال له: او ما و عدنا انه سيدخل مكه.

فاين ما وعدنا به.

فقال له ابوبكر: اقال لك: انه العام يدخلها.

قال: لا.

قال: فسيدخلها.

قال: فما هذه الصحيفه التى كتبت، و كيف (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) نعطى الدنيه من انفسنا.

فقال ابوبكر: يا هذا الزم غزره.

فو الله انه لرسوله ان الله لا يضيعه.

فلما كان يوم الفتح، و اخذ النبى (ص) مفاتيح الكعبه.

قال: ادعوا لى عمر.

فجاء.

فقال: هذا الذى كنت عدتكم.

الا ان الاولى روايات مفتعله يكذبها العقل، و الاخيره روايات صحيحه يشهد لها الدرايه، و لذا قال النظام كما نقله ملل الشهرستانى ان قول عمر ذاك شك فى الدين، و وجدان خرج فى النفس مما قضى وحكم.

بل هو نفسه اقر بشكه فى ذاك اليوم كما رووا.

و فى (الطبرى): ان عمر خطب ام ابان بنت عتبه بن ربيعه فكرهته، و قالت: يغلق بابه، و يمنع خيره، يدخل عابسا و يخرج عابسا.

و فيه: خطب عمر الى عائشه ام كلثوم بنت ابى بكر.

فقالت ام كلثوم: لا حاجه لى فيه.

فارسلت عائشه الى عمرو بن العاص فاخبرته.

فقال: انا اكفيك.

فاتى عمر.

فقال: بلغنى خبر اعيذك بالله منه.

قال: و ما هو؟ قال: خطبت ام كلثوم بنت ابى بكر.

قال: نعم افرغبت بى عنها ام رغبت بها عنى؟ قال: و لا واحده، ولكنها حدثه نشات تحت كنف عائشه فى لين و رفق، و فيك غلظه، و نحن نهابك، و ما نقدر ان نردك عن خلق من اخلاقك، فكيف بها ان خالفتك ف ى شى ء فسطوت بها كنت قد خلفت ابابكر فى ولده بغير ما يحق عليك- الخ.

و فى (صحيح البخارى) عن عائشه قالت: ان ازواج النبى كن يخرجن بالليل اذا تبرزن الى المناصع- و هو صعيد افيح- فكان عمر يقول (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) للنبى (ص): احجب نساءك.

قلم يكن النبى (ص) يفعل.

فخرجت سوده بنت زمعه زوج النبى (ص) ليله من الليالى عشاء و كانت طويله، فناداها عمر الاقد عرفناك يا سوده حرصا على ان ينزل الحجاب فانزل الله آيه الحجاب.

قلت: على ما اصلحوا له الخبر بكون عمله ذاك حرصا على نزول الحجاب كان عمر اعلم بالحكم من الله تعالى فضلا عن رسوله.

و فى (خلفاء ابن قتيبه): ان المهاجرين و الانصار دخلوا على ابى بكر حين بلغهم انه استخلف عمر.

فقالوا: نراك استخلفت علينا عمر، و قد عرفته، و علمت بوائقه فينا و انت بين اظهرنا.

فكيف اذا وليت عنا و انت لاقى الله عز و جل فسائلك.

فما انت قائل.

فقال ابوبكر: لئن سالنى الله لاقولن له استخلفت عليهم خيرهم فى نفسى.

قلت: جواب ابى بكر للمهاجرين و الانصار كجواب معاويه لعائشه لما قالت له: ما تقول لله اذا سالك عن قتل حجر بن عدى مع مقامه فى العباده؟ قال لها: دعينى و حجرا حتى نلقى ربنا، انى رايت قتله صلاحا لل امه.

و فى (عيونه): تقدمت امراه الى عمر، فقالت (يا اب عمر حفص الله لك) (ارادت ان تقول (يا اباحفص عمرك الله) فقال عمر: مالك اعقرت اى: دمشت؟ قالت: (صلعت فرقتك) (ارادت ان تقول (فرقت صلعتك).

و فى (الطبرى): لما اتى كتاب ابى بكر الى خالد بن الوليد بالحيره ان يمد اهل الشام، قال: هذا عمل الاعيسر ابن ام شمله- يعنى عمر- حسدنى ان يكون فتح العراق على يدى.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و فى (الطبرى): قال الفضل بن العباس: قال النبى (ص) فى مرضه: ايها الناس من خشى من نفسه شيئا فليقم ادع له.

فقام رجل فقال: يا رسول الله! ان من شى ء الا و قد جئته، فقام عمر فقال: ايها الرجل فضحت نفسك.

فقال النبى (ص): يا ابن الخطاب فضوح الدنيا اهون من فضوح الاخره.

اللهم صير امره الى خير.

و فى (ادب كاتب الصولى): اقطع ابوبكر طلحه ارضا، و كتب له كتابا، و اشهد له ناسا فيهم عمر.

فاتى طلحه عمر بالكتاب ليختمه، فقال: هذا كله لك دون الناس لا اختم هذا فرجع طلحه مغضبا الى ابى بكر.

فقال: انت الخليفه ام عمر؟ و فيه، و اقطع ابوبكر لعيينه بن حصن الفزارى قطيعه، و كتب له بها كتابا فاتى عيينه عمر فاعطاه الكتاب فبصق فيه و محاه.

(يغلظ كلمها) قال الجوهرى: الكلم:

الجراحه، و قرا بعضهم (دابه من الارض تكلمهم) اى: تجرحهم.

و لابى سعيد الخوارزمى فى وصف رجل (جعل لسانه سنانه، و اشفار عينيه الصلبه شفاره.

فاذا تكلم كلم بلسانه اكثر مما يكلم بسنانه، و اذا لمح ببصره جرح القلوب بلحظه اشد مما جرح الاذان بلفظه، يظهر للناس فى زى مظلوم و انه لظالم، و يشكوا اليهم وجع السليم و هو سالم).

و فى (لسان العرب): يروى ان عمر راى جاريه متكمكمه.

فسال عنها فقالوا: امه آل فلان، فضربها بالدره.

و قال: يالكعاء اتشبهين بالحرائر قال: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ارادوا متكممه فضاعفوا، و اصله من الكمه، و هى القلنسوه فشبه قناعها بها.

و فى (كامل الجزرى): ارتد ابوشجره السلمى، و هو ابن الخنساء فى من ارتد من سليم و قال ابياتا منها.

فرويت رمحى من كتيبه خالد و انى لارجو بعدما ان اعمرا ثم انه اسلم.

فلما كان زمن عمر قدم المدينه فرآه يقسم فى المساكين.

فقال: اعطنى فانى ذو حاجه فقال: و من انت؟ قال: انا ابوشجره.

قال: اى عدو الله لا و الله الست القائل (فرويت رمحى)- البيت؟ و جعل يعلو راسه بالدره، فسبقه عدوا الى ناقته.

فركبها و لحق بقومه، و قال: ضن علينا ابوحفص بنائله و كل مختبط يوما له ورق و فى (استيعاب) ابى عمر: كان سواد بن قارب يتكهن فى الجاهليه.

فقال له عمر يوما: ما فعلت كهانتك يا سواد؟ فغضب سواد، و قال: ما كنا عليه نحن و انت يا عمر من جاهليتنا و كفرنا شر من الكهانه.

فمالك تعيرنى بشى ء تبت منه؟! و فى (الطبرى) فى غزوه هوازن: (و لما سمع بهم النبى (ص) بعث اليهم عبدالله بن ابى حدرد الاسلمى و امره ان يدخل فى الناس فيقيم فيهم حتى ياتيه بخبر منهم و يعلم من علمهم.

فانطلق ابن ابى حدرد فدخل فيهم فاقام معهم حتى سمع و علم ما قد اجمعوا له من حرب النبى (ص) و علم امر مالك و امر هوازن و ما هم عليه ثم اتى النبى (ص) فاخبره الخبر.

فدعا النبى (ص) عمر، فاخبره خبر ابن ابى حدرد.

فقال عمر: كذب.

فقال ابن (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ابى حدرد: ان تكذبنى فطال.

ما كذبت بالحق يا عمر.

(و يخشن مسها) فى (عيون ابن قتيبه) عن عم الاصعمى قال: كلم الناس عبدالرحمن بن عوف ان يكلم عمر فى ان يلين لهم.

فانه قد اخافهم حتى انه قد اخاف الابكار فى خدورهن.

فقال عمر: انى لا اجد لهم الا ذلك، انهم لو يعلمون ما لهم عندى لا خذوا ثوبى عن عاتقى.

و فى (خلفائه): خظب عثمان فقال: لقد عبتم على اشياء، و نقمتم امورا قد اقررتم لابن الخطاب، مثلها، و لكنه و قمك م و قمعكم، و لم يجترى احد يملا بصره منه، و لا يشير بطرفه اليه).

(و يكثر العثار فيها) قال النظام- و هو احد شيوخ المعتزله-: ابداع عمر التروايح و نهيه عن متعه الحج، و مصادرته العمال، و تغريبه نصر بن الحجاج من المدينه الى البصره كل ذلك احداث.

و فى (حليه ابى نعيم): قدم سلمان الفارسى من سفر فتلقاه عمر فقال له: ارضاك لله عبدا.

قال: فبر حاجتى.

فسكت عنه.

فقال له سلمان: اترضانى لله عبدا، و لا ترضانى لنفسك؟ و فى (استيعاب ابى عمر): ان النبى (ص) اشترى سلمان من قوم يهود بكذا و كذا درهما، و على ان يغرس لهم كذا و كذا من النخيل يعمل فيها سلمان حتى تدرك.

فغرس النبى (ص) النخل كله الا نخله واحده غرسها عمر.

فاطعم النخل كله الا تلك النخله.

فقال النبى (ص): من غرسها؟ فقالوا: عمر.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فقلعها النبى (ص) و غرسها بيده فاطعمت من عامها.

و روى العياشى عن ابى بكر بن حزم: ان رجلا توضا فمسح على خفيه فصلى.

فجاء على (ع) فوطا على رقبته.

فقال: ويلك تصلى على غير وضوء فقال امرنى عمر.

فاخذ بيده فانتهى به اليه فقال: انظر ما يروى هذا عليك - ورفع صوته- فقال: نعم انا امرته ان النبى مسح قال: قبل المائده او بعدها؟ قال: لا ا درى.

قال: فلم تفتى، و انت لا تدرى؟ سبق الكتاب الخفين.

و روى الخطيب فى (تاريخ بغداد): ان عمر خطب الناس بالجابيه فقال: (ان الله يضل من يشاء و يهدى من يشاء) فقال قس من تلك القسوس: ما يقول اميركم هذا؟ قالوا: يقول: (ان الله يضل من يشاء و يهدى من يشاء) فقال القس برقست، الله اعدل من ان يضل احدا.

فبلغ ذلك عمر.

فبعث اليه.

فقال: بل الله اضلك، و لولا عهدك لضربت عنقك.

قلت: اللفظ و ان ورد فى القرآن، الا انه من الايات المتشابهه التى لا يجوز الاخذ بظاهرها، و يجب تاويلها بدلاله العقل، و قد دل الله تعالى على المراد بعده بقوله: (و ما يضل به الا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما امر الله به ان يوصل و يفسدون فى الارض اولئك هم الخاسرون).

و فى (اخبار حكماء القفطى): كان يحيى النحوى دخل على عمرو بن العاص لما فتح مصر و الاسكندريه، و سمع منه عمرو كلامه فى ابطال التثليث الذى يعتقده يعقوبيه النصارى اعجبه فلازمه.

فقال له يحيى يوما: انك احطت (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) بحواصل الاسكندريه.

فما كان لك به انتفاع لا اعارضك، و اما ما لا نفع لكم به فنحن اولى به.

فقال له عمرو: و ما الذى تحتاج اليه قال: كتب الحكمه ف ى الخزائن الملوكيه.

ثم ذكر له قصه جمعها فعجب منه عمرو، و قال له: لا يمكننى ان آمر فيها بامر الا بعد استيذان عمر.

فكتب الى عمر، و عرفه قول يحيى.

فكتب اليه عمر: (اما الكتب التى ذكرتها فان كان فيها ما يوافق كتاب الله.

ففى كتاب الله عنه غنى، و ان كان فيها ما يخالفه فلا حاجه اليها فتقدم باعدامها) فشرع عمرو فى تفريقها على حمامات الاسكندريه و احراقها فى مواقدها، و ذكروا انها استنفدت فى مده سته اشهر.

فاسمع ما جرى و اعجب.

قلت: كتب الطب، و كثير من الفنون ليست مخالفه القرآن و لا موافقته لاختلاف موضوعها، الا ان الرجل لم يكن له علم بكتاب الله و لا بكتاب آخر.

و روى الخطيب فى (عنوان الهياج) عن الخدرى قال: خطبنا عمر فقال: انى لعلى انهاكم عن اشياء تصلح لكم، و آمركم باشياء لاتصلح لكم، و ان من آخر القرآن نزولا آيه الربا انه قد مات النبى (ص) و لم يبينها لنا- قلت: قوله هذا يكذب قوله تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم).

و فى (اذكياء ابن الجوزى) قال عمر: لا تزيدوا فى مهر النساء على اربعين اوقيه و ان كانت بنت ذى الغصه، يعنى يزيد بن الحصين (الذى راس بنى الحارث مئه سنه) فمن زاد القيت الزياده فى بيت المال.

فقالت امراه من صف النساء طويله فى ا نفها فطس: ما ذاك لك؟ قال: و لم؟ قالت: لان الله عز (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و جل قال: (و آتيتم احداهن قنطارا فلا تاخذوا منه شيئا اتاخذونه بهتانا و اثما مبينا) قال عمر: امراه اصابت، و رجل اخطا.

و رواه ابن ابى الحديد و فى روايته.

فقال عمر: كل الناس افقه من عمر، حتى ربات الحجال.

الا تعجبون من امام اخطا، و امراه اصابت، فاضلت امامكم ففضلته.

و قال ابن ابى الحديد: ان عمر مر يوما بشاب من فتيان الانصار، و هو ظمان فاستسقاه فجدح له ماء بعسل فلم يشربه، و قال: ان الله تعالى يقول: (اذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا) فقال له الفتى: انها ليست لك و لا لاحد من اهل هذه القبله.

اقرا ما قبلها (و يوم يعرض الذين كفروا على النار اذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا) فقال عمر: كل الناس افقه من عمر.

و قال ابن ابى الحديد ايضا: و قيل: ان عمر كان يعس بالليل.

فسمع صوت رجل و امراه فى بيت فارتاب فتسور الحائط، فوجد امراه و رجلا و عندهما زق خمر.

فقال: يا عدو الله! اكنت ترى ان الله يسترك و انت على معصيته؟ قال: ان كنت اخطات فى واحده، فقد اخطات فى ثلاث: قال الله تعالى: (و لا تجسسوا) و قد تجسست، و قال: (و اتوا البيوت من ابوابها) و قد تسورت، و قال: (فاذا دخلتم بيوتا فسلموا) (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ما سلمت.

و قال ابن ابى الحديد ايضا: كان الناس بعد وفاه النبى (ص) ياتون الشجره التى كانت بيعه الرضوان تحتها فيصلون عندها.

فقال عمر: اراكم ايها الناس رجعتم الى العزى، الا لا اوتى منذ اليوم باحد عاد لمثلها الا قتلته بالسيف كما يقتل المرتد.

ثم امر بها فقطعت.

قلت: و على ما راى تكون الصلاه فى مقام ابراهيم (ع) رجوعا الى اللات و مناه.

و روى الواحدى فى (تفسيره الوسيط) و ابونعيم فى (حليته) عن ابى عسيب موليب النبى (ص) قال: خرج النبى (ص) ليلا فدعانى فخرجت اليه.

ثم مر بابى بكر فدعاه فخرج اليه.

ثم مر بعمر فدعاه فخرج اليه.

ثم انطلق يمشى، و نحن معه حتى دخل حائطا لبعض الانصار.

فقال لصاحب الحائط اطعمنا بسرا.

فجاء بعذق فوضعه.

فاكل النبى (ص) و اصحابه ثم دعا بماء فشرب.

ثم قال: انكم لمسوولون عن هذا يوم القيامه، فاخذ عمر العذق فضرب به الارض حتى تناثر البسر بين يدى رسول الله ثم قال: انا لمسوولون عن هذا يوم القيامه قال: نعم الا عن ثلاث: خرقه يوارى الرجل بها عورته، او كسره يسدبها جوعته، او جحر يدخل فيه من الحر و البرد.

و عن جمع (صحيحى الحميدى) من (مسند عائشه) قالت: اع تم النبى (ص) بالعشاء حتى ناداه عمر للصلاه فقال: نام الصبيان و النساء و- فى روايه ابن شهاب- ان النبى (ص) قال: و ما كان لكم ان تقرروا رسول (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) الله على الصلاه و ذلك حين صاح عمر بن الخطاب.

و روى الخطيب فى محمد بن على السجستانى عن فاطمه بنت قيس الفهريه قالت طلقنى زوجى ثلاثا فلم يجعل النبى صلى الله عليه و آله لى سكنى و لا نفقه، فرفع ذلك الى عمر فقال: لا ندع كتاب الله لقول امراه لعلها نسيت.

و اقول: الكتاب انما جعلا السكنى و النفقه للرجعيه تكون عنده لعل الله يحدث بعد ذلك امرا.

فيراجعها و ترجع اليه لا التى لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ولكن الرجل لم يكن من اهل فهم الكتاب فلم رد السنه؟ و ام مومنيهم ايضا كذبتها كفاروقهم، و كذبها مروان تبعا لهما فاحتجت بالايه.

فكانت افقه من امامهم و من صديقتهم روى ذلك (سنن ابى داود).

و روى (الكافى): ان موضع مقام ابراهيم عليه السلام كان عند جدار البيت، فحوله اهل الجاهليه الى المكان الذى هو فيه اليوم.

فلما فتح النبى صلى الله عليه و آله مكه رده الى الموضع الذى وضعه فيه ابراهيم عليه السلام فلما ولى عمر رده الى مكان اهل الجاهليه.

و قال ابوموسى كما فى (اسد الغ ابه) روى ابن شاهين باسناده عن ابن اسحاق، عن ابن شهاب قال: حدثت عن المغيره.

قال قدمت على عمر فوجدته لا يورث الجدتين ام الام و لا ام الاب قال: فقلت له يا اميرالمومنين! قد عرفت خصماء اتوا رسول الله صلى الله عليه و آله يعنى فى الجده فورثها قال و وجدته لا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) يورث الورثه من الديه شيئا.

فقلت يا اميرالمومنين! كان حمل بن مالك الهذلى تحته امراتان احداهما حبلى، و ان امراته الاخرى قتلت الحبلى.

فرفع امرهما الى النبى صلى الله عليه و آله و سلم فقضى ان يعقل عن القاتله عصبتها، و ان يرث المقتوله و رثتها- و ذكر الحديث- فاقبل رجل من هذيل يقال له شريك بن وائله الى عمر فقص عليه حديث امراتى حمل.

و (فى لسان): العرب كان عمر جعل الثلث للاخوه للام، و لم يجعل للاخوه للاب و الام شيئا.

فراجعه الاخوه للاب و الام، و قالوا له: هب ان ابانا كان حمارا فاشركنا بقرابه امنا فاشرك بينهم.

فسميت الفريضه مشركه.

و فى (الطبرى): ان و قد مصر اتوا عثمان.

فقالوا له: ادع بالمصحف.

فدعابه.

فقالوا له: افتح السابعه- و كانوا يسمون سوره يونس السابعه- فقراها الى (قل ارايتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما و حلالا قل الله اذ ن لكم ام على الله تفترون) فقالوا له: قف ارايت ما حميت من الحمى الله اذن لك ام على الله تفترى.

قال: ان عمر حمى قبلى لابل الصدقه.

فلما وليت زادت ابل الصدقه فزدت فى الحمى لما زادت ابل الصدقه.

قلت: فعل عمر لم يكن حجه لعثمان، و الايه تتوجه بعمومها عليهما و الزياده و النقصان لا مدخليه لهما فى المشروعه و عدمها.

و الاعتذار منها قال ابن ابى الحديد: لما مات النبى صلى الله عليه و آله و سلم و شاع بين الناس موته طاف عمر على الناس قائلا: انه لم يمت، ولكنه غاب عنا كما غاب موسى عن قومه، و ليرجعن فليقطعن ايدى رجال و ارجلهم يزعمون انه مات (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فجعل لا يمر باحد يقول انه مات الا و يخبطه، و يتوعده حتى جاء ابوبكر فقال: ايها الناس من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات، و من كان يعبد رب محمد فانه حى لم يمت.

ثم تلا قوله تعالى (افان مات او قتل انقلبتم على على اعقابكم) قالوا فو الله لكان الناس ما سمعوا هذه الايه حتى تلاها ابوبكر.

و قال عمر: لما سمعته يتلوها هويت الى الارض و علمت ان النبى (ص) قدمات.

قلت: و لهم اعتذارات عن هذا كالعذرات منها لعمر نفسه.

فروى محمد بن اسحق عن الزهرى عن انس قال: لما بويع ابوبكر فى السقيفه، و كان الغد جلس ابوبكر على المنبر.

فقام عمر فتكلم قبل ابى بكر.

فقال: ايها الناس! انى كنت قلت لكم مقاله بالامس ما كانت الا عن راى و ما وجدتها فى كتاب الله، و لا كانت بعهد من النبى.

ولكنى كنت ارى ان الرسول مستدبر امرنا حتى يكون آخرنا موتا، و فى خبر آخر قال عمر لابن عباس: انه اول آيه (و كذللك جعلناكم امه وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا) على ان النبى سيبقى بعد امته حتى يشهد علينا باخر اعمالها.

قلت: كيف ظن ذلك و قد منعه من الوصيه؟ و هل الوصيه الا لما بهد الموت؟ و منها للشارح ابن ابى الحديد فقال: لم ينكر عمر ذلك على وجه الاعتقاد، بل على الاستصلاح و للخوف من ثوران الفتنه قبل مجى ء ابى بكر فلما جاء ابوبكر قوى به جاشه فسكت عن هذه الدعوى لانه قد امن (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) بحضوره من خطب بحدث او فساد، فقد روى جميع ارباب السير ان النبى (ص) لما توفى كان ابوبكر فى منزله باسنح.

قلت: الامر كما قال، الا انه دال على ان عمله كان عملا نفاقيا و سياسه دنيويه منقطعه عن الدين، اراد بذلك احكام الامر له و لصاحبه.

فلم سماه استصلاحا؟ (و اذا قيل لهم لا تفسدوا فى الارض قالوا انما نحن مصلحون) و ل م قال: للخوف من ثوران الفتنه و عمله كان اول الفتن و سببا لاخرها (الا فى الفتنه سقطوا).

و منها لبعضهم انه غلب على عمر شده حال المصيبه فخرج عن حال العلم و المعرفه.

قلت: و لعل لشده مصيبه النبى (ص) عليه بتلك الدرجه اراد احراق اهل بيته فاطمه و الحسنين و على عليهم صلوات الله.

و قال ابن ابى الحديد: قال عمر: (متعتان كانتا على عهد النبى (ص) و انا محرمها و معاقب عليها، متعه النساء و متعه الحج) قال: و هذا الكلام و ان كان ظاهره منكرا فله عندنا مخرج و تاويل.

قلت: تاويلهم له كتاويل يحيى بن اكثم قوله تعالى: (او يزوجهم ذكرانا و اناثا) بان المراد تحليل اللواط.

و فى (تاريخ بغداد): ان المامون امر فى طريق الشام بتحليل المتعه، و كان يقول مغتاظا على قول عمر: (متعتان كانتا على عهد رسول الله و على عهد ابى بكر و انا انهى عنهما): من انت يا احول حتى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) تنهى عما فعله النبى (ص).

و روى (سنن ابى داود): ان المغيره تكنى بابى عيسى.

فقال له عمر: اما يكفيك ان تكنى بابى عبدالله؟ فقال: ان النبى (ص) كنانى.

فقال عمر: (ان النبى قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تاخر، و انا فى جلجتنا): اى ضيق كضيق الحباب على ما فى النها يه.

قلت: اى ربط لقوله: ان النبى قد غفر له، الا انه اخطا فى فعله، و ان ذلك كان ذنبا منه، و ان وعده تعالى بالغفران، مع ان كل احد يعلم ان فعل النبى (ص) حجه.

و روى ايضا عن ابى موسى الاشعرى انه اتى عمر فاستاذن ثلاثا.

فقال: يستاذن ابوموسى، يستاذن الاشعرى، يستاذن عبدالله بن قيس.

فلم يوذن له.

فرجع.

فبعث اليه عمر ما ردك؟ قال: قال النبى (ص): يستاذن احدكم ثلاثا فان اذن له و الا فليرجع.

قال: ايتنى ببينه على هذا.

فذهب ثم رجع.

فقال: هذا ابى فقال ابى: يا عمر! لا تكن عذابا على اصحاب رسول الله.

و روى فى خبر آخر.

فانطلق بابى سعيد الخدرى فشهد له.

فقال عمر: اخفى على هذا من امر النبى (ص)؟ الهانى الصفق بالاسواق.

و رووا ان عمر اول من زاد فى الاذان (الصلاه خير من النوم) مع كون العبادات توقيفيه.

و قال ابن ابى الحديد: و كان فى اخلاق عمر و الفاظه جفاء و عنجهيه (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) ظاهره يحسبه السامع لها انه اراد بها ما لم يكن قد اراد، و يتوهم من تحكى له انه قصد بها ظاهرا ما لم يقصده، فمنها الكلمه التى قالها فى مرض النبى (ص) و معاذ الله ان يقصد بها ظاهرما، ولكنه ارسلها على مقتضى خشونه غريزته، و لم يتحفط منها، و كان الاح سن ان يقول مغمور او مغلوب بالمرض، و حاشاه ان يعنى بها غير ذلك، و لجفاه الاعراب من هذا الفن كثير.

سمع سليمان بن عبدالملك اعرابيا يقول فى سنه قحط.

رب العباد ما لنا و مالكا قد كنت تسقينا فما بدالكا انزل علينا القطر لا ابا لكا فقال سليمان: (اشهد انه لا اب له و لا صاحبه و لا ولد) فاخرجه احسن مخرج.

قلت: كان سليمان بن عبدالملك مع كفر بنى اميه قاطبه الشجره الملعونه فى القرآن آدب من عمر.

ثم انه و ان اول قول عمر مشيرا الى النبى (ص) (ان الرجل ليهجر) تاويلا هجرا كتوصيه الجاحظ لصديق ابى العيناء و شكره على توصيته.

فما يقول فى منعه النبى (ص) عن الوصيه، و ضلال الامه بسببه؟ و ما يفعل فى اغضابه النبى (ص) حتى اخرجه من عنده؟ فعقد ابن سعد مع نصبه فى (طبقاته) بابا لذلك.

و روى فى اسناد عن سعيد بن جبير قال: جعل ابن عباس يبكى، و يقول: يوم الخميس و ما يوم الخميس! اشتد بالنبى (ص) وجعه.

فقال: ايتونى بدواه و صحيفه اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا فقال بعض من كان عنده: ان نبى الله ليهجر فقيل له: الا ناتيك بما طلبت؟ قال: او بعد ماذا؟ فلم يدع به.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و فى اسناد آخر قال ابن عباس: يوم الخميس و ما يوم ال خميس! اشتد بالنبى (ص) وجعه فى ذلك اليوم.

فقال: ايتونى بدواه و صحيفه اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا، فسارعوا و لا ينبغى عندى تنازع.

فقالوا: ما شانه اهجر استفهموه؟ فذهبوا يعيدون عليه.

فقال: دعونى.

فالذى انا فيه خير مما تدعوننى اليه.

الخبر.

و روى عن جابر الانصارى قال: لما كان فى مرض النبى (ص) الذى توفى فيه دعا بصحيفه ليكتب فيها لامته كتابا لا يضلون و لا يضلون.

فكان فى البيت لغط و كلام، و تكلم عمر بن الخطاب فرفضه النبى (ص).

و عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبه قال: قال ابن عباس: لما حضر النبى (ص) الوفاه و فى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب.

فقال النبى (ص): هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده.

فقال عمر: ان النبى (ص) قد غلبه الوجع، و عندكم القرآن حسبنا كتاب الله.

فاختلف اهل البيت، و اختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبى (ص)، و منهم من يقول ما قال عمر.

فلما كثر اللغط، و الاختلاف و غموا النبى (ص) قال: قوموا عنى.

قال عبيدالله: فكان ابن عباس يقول: ان الرزيه كل الرزيه ما حال بين النبى (ص) و بين ان يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم و لغطهم.

و روى عن عمر قال: كنا عند النبى، و بيننا و بين النساء حجاب.

فقال: ايتونى بصحيفه و دواه اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا.

فقال النسوه: ايتوا النبى بحاجته.

فقلت: اسكتن.

فانكن صواحبه اذا مرض عصرتن اعينكن، و اذا صح اخذتن بعنقه.

فقال النبى: هن خير منكم.

و روى عن ابن عباس، قال النبى (ص) فى مرضه الذى مات فيه: ايتونى بدواه و صحيفه اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا.

فقال عمر: من (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) لفلانه و فلانه- مدائن الروم- ان النبى ليس بميت حتى نفتتحها، و لو مات لانتظرناه كما انتظرت بنو اسرائيل موسى.

فقالت زينب زوج النبى: الا تسمعون النبى (ص) يعهد اليكم.

فلغطوا.

فقال: قوموا عنى فلما قاموا قبض مكانه.

و روى الطبرى ان عمران بن سوده قال لعمر: عابت امتك اربعا.

فوضع راس درته فى ذقنه، و اسفلها على فخذه.

ثم قال: هات قال: ذكروا انك حرمت العمره فى اشهر الحج، و لم يفعل ذلك النبى (ص) و لا ابوبكر و هى حلال.

فقال: لو انهم اعتمروا فى اشهر الحج راوها مجزيه عن حجهم، فكانت قائبه قوب عامها فقرع حجهم و هو بهاء من بهاء الله و قد اصبت.

قال: و ذكروا انك حرمت متعه النساء، و قد كانت رخصه من الله يستمتع بقبضه، و يفارق عن ثلاث.

قال: ان النبى احلها فى زمان ضروره.

ثم رجع الناس الى سعه.

ثم لم اعلم احدا من المسلمين عمل بها و لا عاد اليها.

فالان من شاء نكح بقبضه، و فارق عن ثلاث، و قد اصبت.

قال: و اعتقت الامه ان وضعت ذا بطنها بغير عتاقه سيدها.

قال: الحقت حرمه بحرمه، و ما اردت الا الخير.

قال: و تشكو منك نهر الرعيه و عنف السياق.

قال: فشرع الدره ثم مسحها.

(فصاحبها كراكب الصعبه) اى: فمصاحب تلك الحوزه الخشناء الغليظ كلمها، الخشن مسها، الكثير العثار فيها و الاعتذار منها، كراكب دابه صعبه و المصعب جمل لم يركب و لم يمسسه حبل.

قال الشاعر: كان راكبها غصن بمروحه اذا تدلت به او شارب ثمل (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و مروحه موضع تخترق فيه الريح.

قال ابن قتيبه فى (خلفائه): لما قعد عمر فى الخلافه اتاه رجل فقال: ادنو منك.

فان لى حاجه.

قال: لا.

قال الرجل: اذن اذهب.

فيغنينى الله عنك.

فولى ذاهبا.

قاتبعه عمر ببصره ثم قام فاخذ بثوبه و قال له: ما حاجتك قال: بغضك الناس و كرهك الناس.

قال: و لم ويحك! فقال: للسانك و عصاك.

و قال ابن قتيبه ايضا: كان اهل الشام قد بلغهم مرض ابى بكر، و استبطووا الخبر.

فقالوا: انا نخاف ان يكون الخليفه قد مات، و ولى بعده عمر فان كان عمر هو الوالى فليس لنا بصاحب، و انا نرى خلعه.

فقال بعضهم: فابعثوا ر جلا ترضون عقله.

فانتخبوا لذلك.

فقدم على عمر، و كان عمر قد استبطا خبر الشام.

فقال له: كيف الناس؟ قال: صالحون، و هم لو لايتك كارهون، و من شرك مشفقون فارسلونى احلو انت ام مر- الخ؟ و من المضحك ان ابن قتيبه قال بعد نقل القضيتين: ان عمر دعا لحب الناس له فاستجيب له.

قلت: و استجابه دعائه فى ذلك كاستجابه دعائه حين موته بعد تعيينه سته الشورى.

فقال فى دعائه: (اللهم الفهم و لا تردهم على اعقابهم، و ول امر امه محمد خيرهم) فاستجيب دعاوه فصار الامر الى بنى اميه الذين لا يعتقدون ثوابا و لا عقابا، و كانوا يلعبون بالدين لعب الاطفال بالكرات.

هذا، و فى (تاريخ بغداد): قال اسماعيل حماد بن ابى حنيفه: كان لنا جار طحان رافضى و كان له بغلان سمى احدهما ابابكر، و الاخر عمر فرمحه ذات ليله احدهما فقتله فاخبر ابوحنيفه فقال: انظروا البغل الذى رمحه الذى سماه (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) عمر.

فنظروا فكان كذلك.

قلت: و لا غرو و نظيره نقل عن الحجاج ففى (العقد): اقبل رجل الى يزيد بن ابى مسلم- و كان كاتب الحجاج، و ولاه الوليد بعد موته مكانه- فقال له: انى كنت رايت الحجاج فى المنام فقلت: ما صنع الله بك؟ فقال (قتلنى بكل قتيل قتلته قتله) ثم ر ايته بعد حول فقلت: ما صنع الله بك؟ فقال يا عاض بظر امه اما سالتنى عن هذا عام اول؟ فقال: يزيد اشهد انك رايته حقا.

(ان اشنق لها خرم) قد عرفت ان المصنف فسره بمعنى اذا شدد على الصعبه فى جذب الزمام و هى تنازعه راسها خرم انفها: اى: خرقه، و فى (النهايه): يقال (شنق لها و شنق لها).

هذا، و فى (المقاتل): ان محمدا و ابراهيم ابنى عبدالله بن الحسن المثنى كانا عند ابيهما فوردت ابل لمحمد فيها ناقه شرود لا يرد راسها شى ء.

فجعل ابراهيم يحد النظر اليها.

فقال له محمد: كان نفسك تحدثك انك رادها.

قال: نعم، قال: فان فعلت فهى لك.

فوثب ابراهيم فجعل يتغير لها و يتستر بالابل حتى اذا امكنته جاءها و اخذ بذنبها.

فاحتملته و ادبرت تمخض بذنبها حتى غاب عن عين ابيه.

فاقبل على محمد و قال له: قد عرضت اخاك للهلكه.

فمكث هويا.

ثم اقبل مشتملا بازاره حتى وقف عليهما.

فقال له محمد: كيف رايت؟ زعمت انك رادها، و حابسها، فالقى ذنبها و قد انقطع فى يده.

فقال: ما اعذر من جاءبهذا.

(و ان اسلس لها تقحم) قد عرفت ان المصنف قال: معناه انه ان ارخى لها (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) شيئا مع صعوبتها تقحمت به: اى: ادخلته فى المهالك.

و تقول العرب: الجمل الناد اذا س مى ابوه يسكن، و الناقه الناده اذا سميت امها تسكن.

انشد ابن الاعرابى: اقول و الناقه بى تقحم و انا منها مكلئز معصم ويحك ما اسم امها يا علكم و مما قيل فى التشبيه بمركوب سوء قول شاعر: و صاحب السوء كالداء العياء اذا ما ارفض فى الخوف يجرى متهاونا كمهر سوء اذا رفعت سرته رام الجماح و ان خفضته حرنا و قال عمرو بن سعيد الاشدق فى وصف يزيد بن معاويه (فهو ان عض نهش، و ان سطا فرس).

لقيت خوله بنت حكيم التى نزلت فيها (قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها) عمر حين خرج و يده على المعلى بن جارود فقالت: كنا نعرفك مده عميرا.

ثم صرت من عمير عمر ثم صرت من بعد عمر اميرالمومنين.

فاتق الله يا ابن الخطاب، و انظر فى امور الناس.

و فى (معارف ابن قتيبه) عن سماك بن حرب: كان عمر اروح، و الاروح الذى اذا مشى تتباعد صدور قدميه و تتدانى عقباه و كان خالد بن الوليد يسميه الاعيسر، و الاعسر الذى يعمل بيساره.

(فمنى الناس) اى: ابتلوا.

(لعمر الله) قال الجوهرى: اذا جئت باللام مع عمر بالفتح رفع لان التقدير (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) (لعمر الله قسمى) و بدونها نصبت نصب المصادر تقول: (عمر الله ما فعلت) و معناهما احلف ببقاء الله و دو امه.

قلت: و الصواب ان يقال: ان الثانى منصوب بنزع الخافض لان الاصل فى عمر الله بعمر الله.

قال عمر بن ابى ربيعه: قالت لتربيها بعمركما هل تطمعان بان نرى عمرا نعم اذا قيل (عمرك الله) ينصب بالمصدر قال عمر بن ابى ربيعه: ايها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يجتمعان لانه حينئذ للدعاء و الاصل عمرك الله عمرا.

(بخبط) يقال: خبط عشواء للناقه التى فى بصرها ضعف فتضرب بيدها الارض اذا مشت لا تتوقى شيئا.

و يقال لمن لا شى ء له: (ما له خابط و لا ناطح) اى: بعير و لا ثور، و الخبط ضرب الشجر لتناثر ورقه.

و الرجل كان مختبطا فى الجاهليه، و خابطا فى الاسلام اما اختباطه فى الجاهليه.

ففى (نهايه الجزرى): قال عمر: (لقد رايتنى بهذا الجبل احتطب مره، و اختبط اخرى) اى: اضرب الشجر لينتثر الخبط منه.

و اما خبطه فى الاسلام.

فقال عبيده السلمانى على نقل الجاحظ عن النظام عنه: انى لا حفظ من عمر مئه قضيه فى الحد كلها ينقض بعضها بعضا، مع انه قال: اجراكم على الحد اجراكم على النار.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و فى (خلفاء ابن قتيبه): ان عمر قال لابنه لما قال له الطبيب بعد ضربه: لا ارى ان تمسى: ناولنى الكتف.

فلو اراد الله ان يمضى ما ف يه امضاه، فمحاها بيده و كان فيها فريضه الجد.

و قال النظام: و ليس يشبه راى عمر صنيعه حين خالف ابى بن كعب و ابن مسعود فى الصلاه فى ثوب و احد لانه حين بلغه ذلك خرج مغضبا حتى اسند ظهره الى حجره عائشه و قال: اختلف رجلان من اصحاب النبى ممن يوخذ عنه لا اسمع احدا يختلف فى الحكم بعد مقامى هذا الا فعلت به و صنعت.

افترى ان عمر نسى اختلاف قوله فى الاحكام حتى انكر ما اظهر من الاختلاف بين الرجلين؟! كلا، ولكنه كان يناقض و يخبط خبط عشواء.

و من خبطاته مشاطرته عماله، و عدها النظام من احداثه، و فى (تاريخ اليعقوبى): شاطر عمر جماعه من عماله، سعد بن ابى وقاص عامله على الكوفه، و عمرو بن العاص عامله على مصر، و اباهريره عامله على البحرين - الى ان قال- و يعلى بن منيه عامله على اليمن، و امتنع ابوبكره من المشاطره، و قال لعمر: و الله لئن كان هذا المال لله، فلا يحل لك ان تاخذ بعضا و تترك بعضا، و ان كان لنا، فمالك اخذه- الى ان قال- و لم يكن يموت لمعاويه عامل الا شاطر ورثته ماله.

فكان يكلم فى ذلك فيقول هذه سنه سنها عمر.

و من خبطه ما قالوا: ان النبى (ص) قال يوم بدر فى اول الوقعه: (لا يقتل احد من بنى هاشم فانهم اخرجوا كرها، و من لقى العباس بن عبدالمطلب عمى لا يقتله انما اخرج مكرها) فقال ابوحذيفه بن عتبه: (ايقتل آباونا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و ابناونا و اخواننا و عشائرنا، و نترك العباس، و الله لئن لقيته لالحمنه السيف) فقال النبى (ص) لعمر: (ايضرب وجه عم رسول الله بالسيف)؟ فقال عمر: (دعنى اضرب عنق ابى حذيفه بالسيف فوالله لقد نافق).

مع انه بعد ختم بدر جاء عمر نفسه الى النبى (ص) و قال له: (اطعنى فى ما اشير به عليك فانى لا آلوك نصحا.

قدم عمك العباس فاضرب عنقه بيدك.

و قدم عقيلا الى على اخيه يضرب عنقه) فكره النبى (ص) قوله- الخ- فنسى قول النبى (ص) فى اول الوقعه.

فاراد ضرب عنق ابى حذيفه لانه لم يكترث بقول النبى (ص): (لا تقتلوا عمى فانه كان مكرها على الخروج) ثم يقول للنبى (ص): اضرب عنقه.

و يحلف ان اباحذيفه نافق مع انه كان مسلما، و انما قال ما قال عن العاطفه البشريه بلا قصد، فكان النبى (ص) قتل اباه و اخاه و عمه فى تلك الغزوه.

فقال ما قال، و كان فى عمره يقول: ما انا بامن من تلك الكلمه، و لا ازال خائفا ابدا.

و كان قول ابى حذيفه ذاك نظير قول سوده زوج النبى (ص) لما رات اسارى قومها: (اعطيتم بايديكم؟! الا متم كراما؟!) فقال لها النبى (ص): يا سوده (اعلى الله و رسوله؟) ققالت: و الذى بعثك بالحق.

ما ملكت نفسى حين رايتهم.

و من خبطه و خبط صاحبه انهما لم يقبلا قول فاطمه عليهاالسلام ان النبى (ص) اعطاها فدك مع شهاده الله تعالى لها بالعصمه فى قوله جل و علا: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا) و كونها اقرب الخلق اليه تعالى من النساء فى قوله عز اسمه: (و نساءنا و نساءكم) و شهاده النبى (ص) بجلالها و كونها سيده نساء العالمين، و ان رضاها رضاه و سخطها سخطه، و كانا يقبلان قول كل من ادعى ان النبى (ص) وعده وعدا.

ففى (فتوح البلاذرى): امر المامون فى سنه (210) برد فدك الى ولد فاطمه عليهاالسلام، و كتب الى قثم بن جعفر عامله على المدينه: (اما بعد! فانى بمكانى من دين الله، و خلافه رسوله و القرابه اولى من استن سنته، و نفذ امره، و سلم لمن منحه منحه، و تصدق عليه بصدقه، منحته و صدقته، و بالله توفيقى و عصمتى، و اليه فى العمل بما يقربنى اليه رغبتى، و قد كان النبى (ص) اعطى فاطمه بنته فدك و تصدق بها عليها، و كان ذلك امرا ظاهرا معروفا لا اختلاف فيه بين آل الرسول الله فرايت ان اردها الى و رثتها، و اسلمها اليهم، تقربا الى الله تعالى ب اقامه حقه وعد له و الى رسوله (ص) بتنفيذ امره و صدقته.

فامرت باثبات ذلك فى دواوينى، و الكتاب به الى عمالى فلان كان ينادى فى كل موسم بعد ان قبض الله نبيه (ص) ان يذكر كل من كانت له صدقه او هبه او عده ذلك فيقبل قوله و ينفذ عدته ان فاطمه لاولى ان يصدق قولها فى ما جعل الرسول (ص) لها، و قد كتبت الى المبارك الطبرى مولاى امرته برد فدك على ورثتها.

الخ.

و اقول للمامون: لا تعجب من عملهما فى قبول كل من ادعى على النبى (ص) صدقه او هبه او عده و عدم قبول قول بنته مع ذاك المقام.

فارادا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) بما عملا مع الناس بان يقولا نحن ننجز عدات النبى و نقضى ديونه فى مقابل اميرالمومنين (ع) الذى كان مامورا بذلك من النبى (ص)، و ارادا بما عملا معها استيصال اهل البيت عليهم السلام كما قال اميرالمومنين (ع) فى شكايته (بلى كانت فى ايدينا فدك- الى قوله- و نعم الحكم الله).

و من خبظه انه يقول للزبير بعد جعله فى الشورى و ذكر عيوبه: (انت يوما انسان و يوما شيطان، فمن يكون امام الناس يوم تكون شيطانا؟) مع ان ابابكر الذى نصبه هو اقر بان له شيطانا يعتريه، و راى ذلك منه عيانا فى قصه مالك بن نويره و غدر خالد بن الوليد عامله به، و قتله له مع اسلامه و زناه بامراته و مداهنه ابى بكر فى ذلك.

و من خبطه انه يقول لطلحه بعد تعيينه فى الشورى: (اما انى اعرفك منذ اصيبت اصبعك بالبا و الذى احدث لك، و لقد مات النبى ساخطا عليك للكلمه التى قلتها يوم انزلت آيه الحجاب) قال الجاحظ: يعنى عمر ان آيه الحجاب لما نزلت قال طلحه: (ما الذى يغنيه حجابهن اليوم، و سيموت غدا فننكهحن) فنقل ذلك عنه للنبى (ص).

قال الجاحظ: (لو قال قائل لعمر) انت قلت اولا: (ان النبى مات و هو راض عن هولاء طلحه و غيره) و تقول ثانيا: (مات النبى ساخطا على طلحه لتلك الكلمه) لكان رماه بمشاقصه، ولكن من كان يجسر ان يقول لعمر مادون هذا فكيف هذا؟ و من خبطه عدم تسويته فى العطاء مع كونه خلاف الكتاب و السنه.

قال (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) الاسكافى فى (نقض عثمانيته): قال على (ع) لطلحه و الزبير: الا تخبراننى ادفعتكما عن حق وجب لكما ظلمتكما اياه؟ قالا: معاذ الله- لى ان قال- فقال لهما فما الذى كرهتما من امرى حتى رايتما خلافى؟ قالا: لخلافك على عمر ابن الخطاب فى القسم.

انك جعلت حقنا فى القسم كحق غيرنا- الى ان قال- فقال (ع) لهما: و اما القسم و الاسوه: فان ذلك لم احكم فيه بادى بدء، فقد وجدت انا و انتما الرسول (ص) يحكم بذلك، و كتاب الله ناطق به و هو الكتاب الذى لا ياتيه الباطل من بين يديه، و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

و من خبطه مخالفته النبى (ص) فى الصوم فى السفر، و فى بقائه على حج الافراد فى حج النبى (ص) مع امره الناس بالعدول الى حج التمتع.

و من خبطه رده شهاده المملوكين.

فقد روى عن الصادق (ع) انه اول من فعل ذلك، و جمعه الناس على اربع تكبيرات فى صلاه الجنائز، ففى (اوائل العسكرى) انه اول من فعل ذلك.

و فى (الطبرى) فى غزوه حنين: قال ابن اسحاق: لما سمع بهم النبى (ص) بعث اليهم عبدالله بن ابى حدرد الاسلمى و امره ان يدخل فى الناس فيقيم فيهم حتى ياتيه بخبر منهم و يعلم من علمهم.

فانطلق ابن ابى حدرد فدخل فيهم فاقام معهم حتى سمع و علم ما قد اجمعوا له من حرب النبى (ص)، و علم امر مالك و امر هواون و ما هم عليه، ثم اتى النبى (ص) فاخبره الخبر.

فدعا النبى (ص) عمر فاخبره خبر ابن ابى حدرد.

فقال عمر: كذب فقال ابن ابى حدرد: ان تكذبنى فطالما كذبت بالحق يا عمر.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و فى (استيعاب ابى عمر): (كان ابوخراش الهذلى ممن يعدو على قدميه.

فيسبق الخيل.

فاتاه نفر من اهل اليمن قدموا حجابا، و الماء منهم غير بعيد.

فقال: يا بنى عم! ما امسى عندنا ماء و لكن هذه برمه و شاه.

فردوا الماء و كلوا شاتكم ثم دعوا برمتنا، و قربتنا على الماء حتى ناخذها فقالوا: لا والله ما نحن بسائرين فى ليلتنا هذه.

فلما راى ذلك ابوخراش اخذ قربه و سعى نحو الماء تحت الليل حتى استقى.

ثم استقبل صادرا.

فنهشته حيه قبل ان يصل اليهم.

فاقبل مسرعا حتى اعطاهم الماء، و قال اطبخوا شاتكم و كلوا، و لم يعلمهم ما اصابه.

فباتوا على شاتهم ياكلون حتى اصبحوا، و اصبح ابوخراش فى الموتى.

فلم يبرحوا حنى دفنوه.

فبلغ خبره عمر، فغضب غضبا شديدا، و قال: لولا ان تكون سنه لامرت الا يضاف يمان ابدا، و لكتبت بذلك الى الافاق.

ثم كتب الى عامله باليمن بان ياخذ النفر الذين نزلوا على ابى خراش الهذلى فيلزمهم ديته، و يوذيهم بعد ذلك بعقوبه يمسهم بها جزاء لفعلهم) فهل ما فعله الا خبط خبيط؟ فلم يلزمون الديه و لم يعاقبون.

و فى (كامل الجزرى): (قال الواقدى: اول من جمع الناس على امام يصلى بهم التراويح فى شهر رمضان، و كتب به الى البلدان و امرهم به، عمر)، و قال اليعقوبى: (فقيل له: ان النبى (ص) لم يفعله، و ان ابابكر لم يفعله فقال: ان تكن بدعه، فما احسنها من بدعه).

(و شماس) من قولهم: (بالفرس شماس) قال الجوهرى: يقال: (شمس الفرس شموسا و شماسا: اى: منع ظهره، و هو فرس شموس و به شماس)، (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و قال ابن دريد: (و به سمى الرجل شماسا).

فى (الطبرى): قال الشعبى: لم يمت عمر حتى ملته قريش، و قد كان حصرهم بالمدينه فامتنع عليهم، و قال: (ان اخوف ما اخاف على هذه الامه انتشاركم فى البلاد) فان كان الرجل ليستاذنه فى الغزو، و هو ممن حبس بالمدينه من المهاجرين، و لم يكن فعل ذلك بغيرهم من اهل مكه فيقول: قد كان فى غزوك مع النبى (ص) ما يبلغك- الخبر.

و قال الحسن البصرى: كان عمر قد حجر على اعلام قريش من المهاجرين الخروج فى البلدان الا باذن و اجل.

فشكوه فبلغه.

فقام فقال: (الا انى قد سننت الاسلام سن البعير يبدا فيكون جذعا ثم ثنيا ثم رباعيا ثم سديسا ثم بازلا، الا فهل ينتظر بالبازل الا النقصان؟ الا فان الاسلام قد بزل.

الا و ان قريشا يريدون ان يتخذوا مال الله معونات دون عباده.

الا فاما و ابن الخطاب حى فلا.

انى قائم دون شعب الحره، آخذ بحلاقيم قريش و حجزها ان يتهافتوا فى النار.

قلت: انما منع المهاجرين من الجهاد المفروض فى الاسلام فى حياته لئلا يخلوا بسلطنته، لكنه جعل الامر بعده بين سته حتى لا يصفو ا لامر لاميرالمومنين (ع) يوم يصير اليه كما دبر لتاخيره.

و بشر قريشا فى قوله: (اما و ابن الخطاب حى فلا) ان من يستخلفه لهم يفعل لهم ما يريدون من اتخاذهم مال الله دون عباده.

و انما شكت قريش منه لانهم انما حولوا الامر عن معدنه اليه و الى صاحبه ليكون ذلك وسيله لهم الى غرضهم فى اتخاذهم مال الله دون عباده (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و قد مر ان عمر قال لابن عباس: (نظرت قريش فى اختيارهم لهما فاختاروهما).

و فى (تاريخ اليعقوبى): قال عبدالرحمن بن عوف لعمر: لم تمنعنا من الجهاد؟ فقال له: (لان اسكت عنك فلا اجيبك خير لك من ان اجيبك)، ثم اندفع يحدث عن ابى بكر حتى قال: (كانت بيعه ابى بكر فلته وقى الله شرها، فمن عاد لمثلها فاقتلوه).

و يقال له: الاصل فى خلافتك استخلاف ابى بكر لك، و الاصل فى خلافه ذاك بيعته.

فاذا كانت فلته و استحق من عاد لمثلها القتل.

فباى سبب تصديت للخلافه.

هذا، و معنى قول عمر: (كانت بيعه ابى بكر فلته) ان الدعوه الى انسان بالاتفاق عليه امر غير ممكن عاده، و انما حصلت صدفه لابى بكر بعدم حضور بنى هاشم الذين كانوا اصحاب الامر باشتغالهم بتجهيز النبى (ص) فلما حضر اميرالمومنبن (ع) بعد ذلك، و ادعى حقه قال له بشير بن سعد: لو كنت حضرت اولا ما تخلف عنك احد من الانصار.

و بحسد بشير بن سعد لشخص ابن عمه سعد بن عباده، و بحسد الاوس للخزرج طائفه سعد بن عباده، و عدم وجود سابقه لقريش حتى يمكنهم ادعاء الامر لانفسهم، و لم يكن لهم بد الا مساعده ابى بكر حتى يكون واسطه لهم فى الامر كما اعترف به عمر فى قوله لابن عباس كما مر، و وجود جد مثل جد عمر فى قبال من خالف حتى باعمال ضرب الاعناق و الاحراق بالنار، حتى ان النظام قال: انما نصب ابابكر عمر فقط.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و روى (سنن ابى داود) عن عبدالله بن كعب بن مالك الانصارى ان جيشا من الانصار كانوا بارض فارس مع اميرهم، و كان عمر يعقب الجيوش فى كل عام فشغل عنهم، فلما مر الاجل قفل اهل ذلك الثغر.

فاشتد عليهم و توعدهم، و هم اصحاب رسول الله (ص) فقالوا: يا عمر! انك غفلت عنا، و تركت فينا الذى امر به رسول الله (ص) من اعقاب بعض الغزيه بعضا.

و روى ايضا عن عبدالرحمن بن ابزى قال: كنت عند عمر فجاءه رجل.

فقال: انا نكون بالمكان الشهر و الشهرين.

فقال عمر: اما انا فلم اكن اصلى حتى اجد الماء.

فقال له عمار: اما تذكر اذ كنت انا و انت فى الابل فاصابتنا جنابه؟ فاما انا فتمعكت.

فاتينا النبى (ص) ف ذكرت ذلك له فقال: انما يكفيك - الخبر- و رواه باسناد آخر و فيه (افلم تر عمر لم يقنع بقول عمار).

(و تلون) فكان فى كل وقت بلون، فكان لم ياخذ القصاص من الزبير مع عدم خوف الكفر عليه، و اقتص من جبله بن الايهم من صنائع ملوك الروم مع قرب عهده بالاسلام و انتطار الارتداد منه.

فروى زيد بن اسلم عن ابيه قال: خلا عمر لبعض شانه، و قال: امسك على الباب.

فطلع الزبير فكرهته حين رايته.

فاراد ان يدخل.

فقلت: هو على حاجه، فلم يلتفت الى، و اهوى ليدخل.

فوضعت يدى فى صدره فضرب انفى فادماه.

ثم رجع فدخلت على عمر.

فقال: من فعل بك هذا؟ قلت: الزبير.

فارسل الى الزبير، فلما دخل جئت، فقمت لانظر ما يقول له، فقال له: (ما حملك على ما صنعت ادميتنى للناس) فقال الزبير: يحكيه و يمطط فى كلامه (ادميتنى للناس) اتحتجب عنا يا ابن الخطاب.

فو الله ما احتجب عنى النبى و لا ابوبكر.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فقال عمر كالمعتذر: (انى كنت فى بعض شانى) قال اسلم: فلما سمعته يعتذر اليه يئست من ان ياخذ لى بحقى منه، و خرج الزبير.

فقال عمر: انه الزبير و آثاره ما تعلم.

قلت: هل من كان له آثار يسقط التكليف عنه، و له ان يعمل ما شاء؟ و انما و خروجه عليه.

خاف عمر ا ذا اقتص منه تزلزل سلطناه و قصه جبله فى لطمه رجلا من السوقه فى المطاف و امر عمر باقتصاص الرجل منه، و ارتداد جبله لذلك و لحوقه بملوك الروم ثانيا معروفه، مع ان النبى (ص) كان اعطى من غنائم حنين اباسفيان و معاويه و عيينه و الاقرع و نظراءهم من المولفه منه بعير، و لم يعط الانصار مع سوابقهم فى الاسلام شيئا، و اعتذر اليهم بانى تالفت بما فعلت اولئك، و وكلتكم الى ايمانكم.

و من تلونه انه ضرب ابنه الحد ثانيا حتى انجر الى هلاكه مع اجراء عمرو بن العاص الحد عليه، و ابطل حد الزنا فى المغيره، و حد شرب الخمر فى قدامه بن مظعون.

اما ضربه ابنه اى: عبدالرحمن بن عمر، فرووا انه شرب فضربه عمرو بن العاص الحد فى بيته.

فاتاه كتاب عمر: (ويحك تضرب عبدالرحمن بن عمر فى داخل بيتك، و تحلق راسه فى داخل بيتك؟ فاذا جاءك كتابى هذا فابعث به فى عباءه على قتب حتى يعرف سوء ما صنع) فكتب اليه عمرو بن العاص: (انى ضربته فى صحن الدار و بالله الذى لا يحلف باعظم منه انه الموضع الذى اقيم فيه الحدود على المسلمين- الى ان قالوا- فادخل عليه فى عباءه، و هو لا يقدر على المشى، من مركبه فقال: يا عبدالرحمن! فعلت و فعلت.

السياط (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) السي اط.

فكلمه عبدالرحمن بن عوف، و قال له: قد اقيم عليه الحد مره فلم يلتفت اليه وزبره، فاخذ فى الصياح، انا مريض، و انت و الله قاتلى.

فلم يرق له حتى استوفى الحد و حبسه.

ثم مرض شهرا و مات.

و اما تعطيله حد الزنا على المغيره.

ففى (الاغانى): ان المغيره كان يخرج من دار الاماره فى البصره لما كان واليا عليها من قبل عمر، و كان ابوبكره يلقاه فيقول: اين يذهب الامير، فيقول: الى حاجه.

فيقول له: ان الامير يزار و لا يزور.

و كانت المراه التى ياتيها المغيره جاره لابى بكره.

فبينا ابوبكره فى غرفه له مع اخويه نافع و زياد، و رجل آخر يقال له شبل بن معبد، و كانت غرفه تلك المراه بحذاء غرفه ابى بكره.

فضربت الريح باب غرفه المراه ففتحته.

فنظر القوم، فاذا هم بالمغيره ينكحها، فقال ابوبكره: هذه بليه ابتليتم بها، فانظروا.

فنظروا حتى اثبتوا، فنزل ابوبكره حتى خرج عليه المغيره بيت المراه فقال له: انه كان من امرك ما قد علمت، فاعتزلنا- الى ان قال- فجلس عمر و دعا بالمغيره و الشهود.

فتقدم ابوبكره فقال له: ارايته بين فخذيها قال: نعم و الله لكانى انظر تشريم جدرى بفخذيها.

فقال له المغيره: لقد الطفت النظر.

فقال له: الم اك قد اثبت ما يخزيك الله به.

فقال له عمر: حتى تشهد لقد رايته يلج فيه كما يلج المرود فى المكحله.

فقال: نعم.

اشهد على ذلك فقال له: اذهب مغيره ذهب ربعك.

ثم دعا نافعا فقال له: علام تشهد؟ قال: على مثل شهاده ابى بكره قال: لا.

حتى تشهد انه يلج فيه و لوج المرود فى المكحله فقال: نعم.

حتى بلغ قذذه.

فقال: اذهب مغيره ذهب نصفك.

ثم دعا الثالث فقال: علام تشهد؟ قال: على مثل شهاده صاحبى.

فقال: على (ع) اذهب مغيره ذهب ثلاثه ارباعك- الى ان قال- (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فلما راى عمر زيادا مقبلا قال: انى لارى رجلا لن يخزى الله على لسانه رجلا من المهاجرين- الى ان قال- قال عبدالكريم بن رشيد قال ابوعثمان الهندى: لما شهد عند عمر الشاهد الاول على المغيره تغير لذلك لون عمر.

ثم جاءآخر.

فشهد فانكسر انكسارا شديدا.

ثم جاء رجل شاب يخطر بين يديه فرفع عمر راسه اليه و قال له: ما عندك يا سلح العقاب؟ قال ابن رشيد: و صاح ابوعثمان صيحه تحكى صيحه عمر لقد كدت ان يغشى على، و قال آخرون قال المغيره: فقمت فقلت: يا زياد! و الله لو كنت بين بطنى و بطنها ما رايت اين سلك ذكرى منها.

فبرقت عينا زياد و احمر وجهه، و قال لعمر: اما ان احق ما حق اليوم فليس ذلك عندى، ولكنى رايت مجلسا قبيحا، و سمعت امرا حثيثا و انبهارا و رايته متبطنها.

فقال له: ارايته يدخله كالميل فى المكحله؟ فقال: لا.

و قال غير هولاء: ان زيادا قال له: رايته رافعا برجليها، و رايت خصيتيه تتردان بين فخذيها، و رايت خفرا شديدا، و سمعت نفسا عاليا.

فقال له عمر: ارايته يدخله و يخرجه كالميل فى المكحله؟ فقال: لا فقال عمر (الله اكبر.

قم يا مغيره اليهم فاضربهم)- الى ان قال- فقال ابوبكره بعد ان ضرب.

فانى اشهد ان المغيره فعل كذا و كذا.

فهم عمر بضربه.

فقال له على (ع) ان ضربته رجمت صاحبك- الى ان قال-.

فلما ضربوا الحد قال المغيره: (الله اكبر، الحمد لله الذى اخزاكم) فقال له عمر: (اسكت.

اخزى الله مكانا و اراك)- الى ان قال-.

و وافقت ام جميل التى رمى بها المغيره عمر بالموسم و المغيره هناك فقال عمر للمغيره: اتعرف هذه قال: نعم.

هذه ام كلثوم بنت على فقال له عمر (اتتجاهل على، و الله ما اظن ابابكره كذب عليك و ما رايتك الا خفت ان ارمى بحجاره من السماء)- الى ان قال-.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) قال ابوجعفر: قال على (ع): (لثن لم ينته المغيره لاتبعنه احجاره) و قال غيره: (و قال على (ع): لئن اخذت المغيره لاتبعنه احجاره)- الى ان قال- و لما شخص المغيره الى عمر راى فى طريقه جاريه فاعجبته فتزوجها.

فلما قدم بها على عمر قال له: (انك لفارغ القلب طويل الشبق).

و انما ابطل عمر حد المغيره لاحتياجه اليه لدهائه، و الا فغير شهاده الشهود، و ان منع زيادا من تكميل شهادته بتلك الكلمه كان المغيره نفسه يقر، فلما قال ابوبكره: لكانى انظر الى تشريم جدرى بفخذ تلك المراه قال له المغيره: (لقد الطفت النظر) كما مر.

و قال لزياد: (و الله لو كنت بين بطنى و بطنها ما رايت اين سلك ذكرى منها) فاى اقرار اصرح من هذا؟! و من العجب ان اقراريه ذينك كانا بمحضر عمر.

ثم ليس مكالمه عمر و المغيره لما قال له: اتعرف هذه و اشار الى المراه التى زنا بها- فقال: (نعم هذه ام كلثوم بنت على) الا مكالمه المنافقين فى الاستهزاء بالدين، و لو كانت امراه عمر بدويه ما اجترا المغيره مع اطمينان خاطره من قبل عمر ان يقول له هذه امراتك الا انه لما كان يعرف معاداته لاميرالمومنين (ع) لم يخف من ذاك القول.

و لقد صرح بابطال عمر الحد عمدا سيد شباب اهل الجنه، و من شهد له القرآن بعصمته، و كونه اقرب الخلق اليه جل و علا كباقى الخمسه اهل الكساء الحسن بن على (ع) فقال للمغيره فى مجلس معاويه كما رواه الزبير بن (الفصل الثامن- فى الاما مه الخاصه) بكار فى (مفاخراته): (لقد درا عمر عنك حقا الله سائله عنه).

و قد عرفت قول اميرالمومنين (ع) لعمر: (ان ضربت ابابكره رجمت صاحبك) و قوله (ع): (لئن لم ينته المغيره او لئن اخذت المغيره لاتبعنه احجاره) و فى تعبيره (ع) عن المغيره بصاحبك دليل ايضا على ان عمر ابطل الحد عنه.

ثم لو لم يكن عمر عطل حده عمدا لم يقل له: (ما رايتك الا خفت ان ارمى بحجاره من السماء) فان الامام اذا لم يثبت عنده حد على حده ليس عليه فى تركه مواخذه عند الله تعالى، بل المواخذه عليه فى اجرائه و لو مع علمه.

و مما يشهد انه عطل الحد رعايه لجانب المغيره انه بعد صدور هذا العمل عنه فى البصره، و اشتهاره بين اهلها، و خوضهم فى ذلك، غضب عليه فى الظاهر فعزله عنها، لكن رفع درجته فى الباطن فجعله امير الكوفه.

فصار ذلك مثلا بين الناس.

قال ابن قتيبه فى (عيونه): قال ابن سيرين: كان الرجل يقول غضب الله عليك كما غضب الخليفه على المغيره، عزله عن البصره، و استعمله على الكوفه.

و يقال لعمر فى قوله للمغيره: (انك لفارغ القلب) فى تزوجه بجاريه فى طريق الاتيان به لاقامه الحد عليه ان فراغ قلبه انما كان من قبلك، و كيف لا و تاسف عمر فى كون مكان زناه مكشوفا، فقال له: (اخزى الله مكانا و اراك).

و اما تعطيله حد الشرب على قدامه بن مظعون- و كانت اخت عمر تحته و اخت قدامه تحت عمر- ففى (الاستيعاب لابى عمر): استعمل عمر قدامه بن مظعون على البحرين، فقدم الجارود سيد عبدالقيس على عمر من البحرين، (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و قال له: ان قدامه شرب فسكر، و انى رايت حدا من حدود الله حقا على ان ارفعه اليك.

فقال عمر: من يشهد معك؟ قال: ابوهريره.

فدعى و قال له: بم تشهد؟ فقال: لم اره يشرب، ولكنى رايته سكران يقى ء.

فقال عمر: لقد تنطعت فى الشهاده ثم كتب الى قدامه ان يقدم عليه من البحرين.

فقدم.

فقال الجارود لعمر: اقم على هذا كتاب الله.

فقال عمر: اخصيم انت ام شهيد؟ فقال: شهيد فقال: قد اديت شهادتك.

فصمت الجارود.

ثم غدا على عمر.

فقال: اقم على هذا حد الله.

فقال عمر: ما اراك الا خصيما، و ما شهد معك الا رجل واحد.

فقال الجارود: انى انشدك الله.

قال عمر: لتمسكن لسانك او لاسوءنك.

فقال: يا عمر! اما و الله ما ذلك بالحق ان يشرب الخمر ابن عمك، و تسوونى.

فقال ابوهريره: فان كنت تشك فى شهادتنا.

فارسل الى ابنه الوليد فسلها و هى امراه قدامه.

فارسل عمر الى هند بنت الوليد ينشدها.

فاقامت الشهاده على زوجها.

فقال عمر : لقدامه انى حادك.

فقال: لو شربت كما يقولون ما كان لكم ان تحدونى فقال عمر: لم؟ قال قدامه: قال تعالى: (ليس على الذين آمنوا و عملوا الصالحات جناح فى ما طعموا)- الايه.

و الخبر ان تضمن حده له اخيرا الا انه اضطر الى حده بعد شهاده امراته و لم لم يحده اولا بعد شهاده رجلين بشربه.

و لم يقل احد انه يشترط فى حد الشرب رجلان و امراه.

قلت: و قول الجارود لعمر: (يا عمر! اما و الله ما ذلك بالحق.

ان يشرب الخمر ابن عمك، و تسوونى) نظير قول المسور بن مخرمه لما بلغ يزيد بن (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) معاويه انه قال: ان يزيد يشرب الخمر.

فكتب الى امير المدينه ان يجلده الحد فجلده: ايشربها صرفا بفك ختامها ابوخالد و يجلد الحد مسور و ان شئت قلت قول المسور نظير قول الجارود لانه كان قبل و الاساس لما بعد.

ثم خبره و ان تضمن ان عمر قال لقدامه بعد استناده الى الايه فى سقوط الحد عنه: (لقد اخطات فى التاويل) الا انه كان ذلك منه بعد ارشاد اميرالمومنين (ع) له.

فروى محمد بن يعقوب فى (كافيه): ان قدامه لما قال لعمر لا يجب على حد بالايه، بلغ ذلك اميرالمومنين (ع).

فمشى الى عمر فقال له: لم تركت الحد على قدامه، و قد شرب؟ فقال: انه تلا على هذ ه الايه.

فقال (ع): قدامه ليس من اهل هذه الايه، و لا من سلك سبيله فى ارتكاب ما حرم الله.

ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات لا يستحلون حراما، فاردد قدامه و استتبه مما قال: فان تاب فاقم عليه الحد، و ان لم يتب فاقتله.

فقد خرج عن المله.

فاستيقظ عمر لذلك، و عرف قدامه الخبر، فاظهر التوبه.

و من تلونه انه قال بعد جعله الخلافه شورى: (لو كان سالم مولى ابى حذيفه حيا ما جعلته شورى) مع انه رد على الانصار فى ادعائهم الامر لسعد بن عباده بان النبى قال: (الائمه من قريش) فكيف اراد ان يجعله فى غير قريش.

ثم يجعله فى مولى لا فى عربى مع انهم كانوا يعاملون الموالى معامله العبيد.

قال ابن عبدالبر فى (استيعابه) بعد نقل قول عمر فى سالم كما مر: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) (و هذا عندى على ان عمر كان يصدر فى الخلافه عن رايه).

قلت: و منشا راى عمرو و داعيه الى ذاك الراى فى سالم ان سالما و ان كان مولى الا انه كان له اثر جليل عنده، و عند صاحبه يوم السقيفه و قبله و بعده.

و من تلونه انه قال لاهل الشورى كما فى (الاستيعاب): (لله درهم ان ولوها الاصيلع كيف يحملهم على الحق و لو كان السيف على عنقه) فقلت: اتعلم ذلك منه و لا توليه؟! قال: (ان لم ا ستخلف فاتركهم فقد تركهم من هو خير منى).

قلت: يا لله للجواب من الرجل فهو الذى اجبر النبى (ص) على ترك الوصيه، و يالله لحمق اصحابه لكن لا غرو فقد قال تعالى فى فرعون و قومه: (فاستخف قومه فاطاعوه).

و من تلونه جعله قول الرجل لامراته (انت طالق ثلاثا) كتطليقها ثلاث مرات خلافا للكتاب و السنه: اما الكتاب.

فقال تعالى: (الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح باحسان- الى- فان طلقها فلاتحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره).

و اما السنه ففى (سنن ابى داود) مسندا عن طاووس، ان رجلا يقال له ابوالصهباء كان كثير السوال لابن عباس قال: اما علمت ان الرجل كان اذا طلق امراته ثلاثا قبل ان يدخل بها جعلوها واحده على عهد النبى (ص) و ابى بكر و صدرا من اماره عمر قال ابن عباس: و لما راى عمر الناس تتابعوا (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) فيها قال: (اجيزهن عليهم).

و روى ايضا خبرا آخر عنه قريبا منه، و فيه: (و ثلاثا من اماره عمر).

(واعتراض) فى (النهايه): (الاعتراض، الدخول فى الباطل و الامتناع من الحق).

و مع ابتلاء الناس به باعتراض ايضا كما قال (ع)، كان هو يفتخر بانه يصد الناس عن ذلك.

فكان يقول: (و اضرب العروض): اى: من كان كالابل الذى ياخذ يمينا و شمالا، و لا يلزم المحجه.

روى (سنن ابى داود): ان عمر لم يكن ياخذ الجزيه من المجوس حتى شهد عبدالرحمن بن عوف ان النبى (ص) اخذها من مجوس هجر.

و روى عن سعيد بن المسيب: ان اخوين من الانصار كان بينهما ميراث فسال احدهما صاحبه القسمه فقال: لئن عدت سالتنى القسمه لا اكلمك ابدا، و كل مالى فى رتاج الكعبه.

فقال عمر (ان الكعبه لغنيه عن مالك.

كفر عن يمينك و كلم اخاك فانى سمعت النبى (ص) يقول: (لا يمين عليك، و لا نذر فى معصيه الرب و فى قطيعه الرحم و لا فى ما لا تملك).

فاذا كان النبى (ص) قال ما نقل، فلم امره بالتكفير، و قد رووا ان من حلف على شى ء تركه خير منه، فتركه كفارته.

(الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و قال محيى الدين فى الحديث (558) منه روى سعيد بن المسيب ان عمر كان يجعل فى الابهام خمس عشره، و فى السبابه عشرا و فى الوسطى عشرا، و فى البنصر تسعا، و فى الخنصر ستا حتى وجد كتابا عند آل عمرو بن حزم عن النبى (ص) ان الاصابع كلها سواء.

فاخذ به، و كان يجعل فى ما اقبل من الاسنان خمسه ابعره، و فى الاضراس بعيرا بعيرا- الى ان قال- و اجمع اهل العلم على انه لا تفضيل فى الاصابع و الاسنان ان عملا بالحديث.

و فى (بلاغات نساء احمد بن ابى طاهر البغدادى) عن عايشه بنت عثمان بعد قتل ابيها: (فهلا علنت كلمتكم، و ظهرت حسكتكم اذ ابن الخطاب قائم على رووسكم.

ماثل فى عرصاتكم يرعد و يبرق بارعابكم يقمعكم غير حذر من تراجعكم الامانى بينكم، و هلا نقمتم عليه عودا و بدءا اذ ملك- الى ان قالت- يحكم فى رقابكم و اموالكم.

كانكم عجائز ضلع.

و اماء قصع.

فبدا معلنا لابن ابى قحافه.

بارث نبيكم على بعد رحمه، و ضيق بلده، و قله عدده، فوقى الله شرها زعم- الى ان قالت- او لم يخصم الانصار بقريش ثم حكم بالطاعه لمولى ابى حذيفه؟ يتمايل بكم يمينا و شمالا.

قد خطب عقولكم، و استمهر و جلكم ممتحنا لكم، و معترفا اخطاركم، و هل تسمو هممكم الى منازعته و لو لا تيك لكان قسمه خسيسا، وسعيه تعيسا.

لكن بدر الراى.

و ثنى بالقضاء، و ثلث بالشورى ثم غدا سامرا.

مسلطا درته على عاتقه.

فتطاطاتم له تطاطا الحقه، و وليتموه ادباركم حتى علا اكتافكم.

فلم يزل ينعق بكم فى كل مرتع، و يشد منكم على كل محنق، لا ينبعث لكم هتاف، و لا ياتلف لكم شهاب.

يهجم (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) عليكم بالسراء و يتورط بن حوباء.

عرفتم او نكرتم لاتالمون، و لاتستنطقون حتى اذا عاد الامر فيكم- الخ.

و فى (عيون ابن قتيبه): تنازع اث نان احدهما سلطانى، و الاخر سوقى فضربه السلطانى.

فصاح و اعمراه.

و رفع خبره الى المامون.

فامر بادخاله عليه.

و قال له: من اين انت؟ قال: من اهل فاميه.

قال: (ان عمر بن الخطاب كان يقول من كان جاره نبطيا.

و احتاج الى ثمنه فليبعه.

فان كنت تطلب سيره عمر فهذا حكمه فيكم) و امر له بالف درهم.

و فى (عقد ابن عبد ربه): كان عمر قاعدا، و الدره معه، و الناس حوله اذ اقبل الجارود العامرى.

فقال رجل: هذا سيد ربيعه.

فسمعها عمر و من حوله.

و سمعها الجارود.

فلما دنا منه خفقه بالدره فقال: مالى و لك لقد سمعتها.

قال: و سمعتها فمه، قال: خشيت ان تخالط القوم، و يقال: هذا امير.

فاحببت ان اطاطى ء منك.

و فيه ايضا راى عمر ناسا يتبعون ابى بن كعب فرفع اليه الدره.

فقال له ابى: اتق الله.

قال: فما هذه الجموع خلفك؟ و فى (صحيح مسلم) و (البخارى): ان عمر لما طعن اغمى عليه فصيح عليه.

فلما افاق قال: اما علمتم ان النبى قال: ان الميت ليعذب ببكاء الحى؟! و فى (سنن ابى داود): ذكر قول ابن عمر عن ابيه ان الميت ليعذب ببكاء اهله عليه عند عائشه.

فقالت ذهل: انما مر النبى (ص) على قبر يهودى فقال: ان صاحب هذا ليعذب و اهله يبكون عليه.

ثم قرات عائشه: (الفصل الثامن- فى ا لامامه الخاصه) (و لا تزر وازره وزر اخرى).

و فى (حياه حيوان الدميرى): قال قبيصه بن جابر الاسدى: كنت محرما فرايت ظبيا فرميته.

فاصبته.

فمات.

فوقع فى نفسى من ذلك شى ء فاتيت عمر اساله.

فوجدت الى جنبه رجلا ابيض رقيق الوجه.

و اذا هو عبدالرحمن بن عوف.

فسالت عمر.

فالتفت الى بدالرحمن فقال: ترى شاه تكفيه.

قال: نعم.

فامرنى ان اذبح شاه فلما قمنا من عنده قال صاحب لى: ان الخليفه لم يحسن ان يفتيك حتى سال الرجل.

فسمع عمر بعض كلامه.

فعلاه بالدره ضربا.

ثم اقبل على ليضربنى فقلت له: انى لم اقل شيئا انما هو قاله فتركنى.

و فى (حيوان الجاحظ): تقامر رجلان على عهد عمر بديكين.

فامر عمر بالديكه ان تقتل.

فاتاه رجل من الانصار فقال: امرت بقتل امه من الامم تسبح الله تعالى.

فامر بتركها.

و رووا ان رجلا جاء الى عمر، و قال له: ان ضبيعا التميمى لقينا فجعل يسالنا عن تفسير حروف من القرآن فقال: اللهم امكنى منه.

فبينا عمر كان يوما جالسا يغدى الناس اذ جاءه الضبيع، و عليه ثياب و عمامه فتقدم فاكل حتى اذا فرغ قال لعمر ما معنى قوله تعالى: (و الذاريات ذروا فالحاملات وقرا) فقال عمر: ويحك انت هو؟ فقام اليه فحسر عن ذراعيه.

فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته فا ذا له ضفيرتان.

فقال له: (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) و الذى نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقا لضربت راسك.

ثم امر به فجعل فى بيت.

ثم يخرجه كل يوم فيضربه مئه.

فاذا برا اخرجه فضربه مئه اخرى.

ثم حمله على قتب، و سيره الى البصره، و كتب الى ابى موسى ان يحرم على الناس مجالسته، و يقوم فى الناس خطيبا ثم يقول: (ان ضبيعا قد ابتغى العلم فاخطاه) فلم يزل وضيعا فى قومه و عند الناس حتى هلك، و كان قبل سيد قومه.

و فى (الاغانى): قال ابوعمرو الشيبانى: بعث عمر رجلا من قريش يقال له: ابوسفيان يستقرى اهل الباديه.

فمن لم يقرا شيئا من القرآن عاقبه.

فاقبل حتى نزل بمحله بنى نبهان فاستقرا ابن عم لزيد الخيل.

يقال له: اوس بن خالد.

فلم يقرا شيئا.

فضربه فمات.

فاقامت بنته المكناه ام اوس ماتما تندبه، و اقبل حريث بن زيد الخيل.

فاخبرته.

فاخذ الرمح فشد على ابى سفيان فطعنه فقتله، و قتل ناسا من اصحابه، ثم هرب الى الشام، و قال: الا بكر الناعى باوس بن خالد اخى الشتوه الغبراء فى الزمن المحل فلا تجزعى يا ام اوس فانه يلاقى المنايا كل حاف و ذى نعل فان يقتلوا اوسا عزيزا فاننى تركت ابا سفيان ملتزم الرحل و لولا الاسى ما عشت فى الناس بعد ولك ن اذا ما شثت جاوبنى مثلى (الفصل الثامن- فى الامامه الخاصه) اصبنا به من خيره القوم سبعه كراما و لم ناكل به حشف النخل و لعمر الله كان فاروقا بين الحق و الباطل لكن باختياره الباطل اى باطل و تركه الحق اى حق.

(فصبرت على طول المده و شده المحنه) فى (معارف ابن قتيبه): كانت ولايه عمر عشر سنين و سته اشهر و خمس ليال.