شرح نهج البلاغه

ابن میثم بحرانی

نسخه متنی -صفحه : 542/ 180
نمايش فراداده

خطبه 116-موعظه ياران

اقول:

مدار هذا الفصل على التوبيخ بالبخل بالاموال و الانفس، و فى قوله:

للذى رزقها و خلقها. استدراج حسن فان البخيل انما يستقبح بذله لملاحظه امرين:

احدهما:

خوف الفقر، و الثانى:

انه كثيرا ما يتوهم الاشحاء ان لامستحق للمال الا هم فيكون ذلك و امثاله عذرا لهم مع انفسهم فى عدم البذل، و كذلك الشحيح بنفسه انما يشح بها خوف الموت و ان لايكون له من هذه الحياه عوض يساويها فاذا علم ان بذل المال لرازقه اياه بعد ان يكون حسن الظن به زال عذره فى البخل لعلمه بتعويضه خيرا منه و بانه احق منه. اذ كان المملوك و ما يملك لمولاه، و كذلك يزول عذر الشحيح بنفسه لعلمه ان الطالب لبذلها هوالا حق بها و انه القادر على ان يوصله الى ما هو خير له من هذه الحياه الفانيه، و فى انقطاع ما يتوهمونه عذرا فى البخل بالمال و النفس يكون سهوله بذلهما فى سبيل الله. و قوله:

تكرمون بالله على عباده. اى تفخرون و تشرفون على الخلق بانكم اهل طاعه الله و عباده. ثم لاتكرمونه فيما يدعوكم اليه و لاتجيبون داعيه فى اكرام عباده و الالتفات الى فقرائهم باليسير مما رزقكم. ثم امرهم باعتبار نزولهم منازل الدارجين، و انقطاعهم عن اوصل اخوانهم تنبيها لهم على انهم ام ثالهم فى اللحاق بمن سلف و الانقطاع عمن يبقى، و روى عن اصل اخوانكم:

اى اقربهم اصلا اليكم، و فائده هذا الاعتبار تذكر الموت و العمل لما بعده.