اقول:
السائم:
الراعى. و الوبى:
محل الوباء. و الدوى:
محل الداء. و المدى:
جمع مديه، و هى السكين. و الخطاب عام. و كونهم غافلين:
اى عما يراد بهم من امر الاخره، و غير مغفول عنهم:
اى ان اعمالهم محصله فى اللوح المحفوظ. و تاركين:
اى لما امروا به من الطاعه، الماخوذ منهم:
اى منتقص من اعمار هم و قيناتهم الدنيويه من مال و اهل. ثم نبههم على ذهابهم عن الله و هو التفاتهم عن طاعته و رغبتهم فى غيره و هو الحياه الدنيا و زينتها. ثم شبههم فى ذلك بالنعم التى اراح بها راعيها الى مرعى كثير الوباء و الداء. و وجه الشبه انهم لغفلتهم كالنعم و نفوسهم الاماره بالسوء القائده لهم الى المعاصى كالراعى القائد الى المرعى الوبى و لذات الدنيا و مشتهياتها، و كون تلك اللذات و المشتهيات محل الاثام التى هى مظنه الهلاك الاخروى و الداء الدوى تشبه المرعى الوبى و المشرب الدوى. و قوله:
و انما هى كالمعلوفه. تشبيه آخر لهم بمعلوفه النعم، و وجه الشبه انهم لعنايتهم بلذات الدنيا من المطاعم و المشارب كالنعم المعتنى بعلفها، و كون ذلك التلذذ غايته الموت تشبه غايه المعلوفه و هى الذبح، و كونهم غافلين من غايه الموت و ما يراد بهم يشبه غفله النعم عن غا يتها من الذبح، و كونهم يظنون ان الاحسان اليهم ببسط اللذات الدنيويه فى بعض الاوقات دائم فى جميع اوقاتهم و، ان شبعهم فى هذه الحياه وريهم هو غايتهم التى خلقوا لاجلها و تمام امرهم يشبه غفله النعم فى حال حضور علفها فى بعض الاوقات عما بعده من الاوقات و توهمها ان ذلك غايتها التى خلقت لاجلها، و وجه هذا الشبه مركب من هذه الوجوه. ثم اقسم انه لو شاء لاخبر كل رجل منهم بمواضع تصرفاته و حركاته و جميع احواله. و هو كقول المسيح عليه السلام:
و انبئكم بما تاكلون و ما تدخرون فى بيوتكم. و قد علمت امكان ذلك العلم و سببه فى حق الانبياء و الاولياء فى مقدمه الكتاب. و قوله:
و لكن اخاف ان تكفروا فى برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم. اى اخاف ان تغلوا فى امرى، و تفضلونى على رسول الله. بل كان يخاف ان يكفروا فيه بالله كما ادعت النصارى فى المسيح حيث اخبرهم بالامور الغايبه. ثم قال:
الا و انى مفضيه الى الخاصه:
اى اهل العلم و الثبات من اصحابه ممن يومن ذلك الكفر منه، و هكذا شان العلماء و اساطين الحكمه رايهم ان لايضعو العلم الا فى اهله. هذا مع ان من الناس من يدعى فيه النبوه و انه شريك محمد فى الرساله، و منهم من ادعى انه آله، و هو الذى ارسل م حمدا. الى غير ذلك من الضلال. و فيه يقول شعرائهم:
و من اهلك عادا و ثمود بدواهيه و من كلم موسى فوق طور اذ يناديه و من قال على المنبر يوما و هو راقيه:
سلونى ايها الناس. فحاروا فى معانيه و قول الاخر:
انما خالق الخلائق من زعزع اركان خيبر جذبا قد رضينا به اماما و مولى و سجدنا له الها و ربا ثم اقسم انه ما نطق الا صادقا فيما يخبر به من هذه الامور، و اخبر ان الرسول صلى الله عليه و آله و سلم عهد اليه بذلك و بمهلك من يهلك. الى قوله:
و افضى به الى:
اى القاه الى و اعلمنى به. و ذلك التعليم منه ما يكون على وجه جزئى اعنى ان يخبره بواقعه واقعه، و منه ما يكون على وجه كلى:
اى يلقى اليه اصولا كليه يعد ذهنه بها لاستفاضته الصور الجزئيه من واهب الصور كما سبق تقريره. و مما نقل عنه من ذلك فى بعض خطبته التى يشير فيها الى الملاحم يومى به الى القرامطه:
ينتحلون لنا الحب و الهوى و يضمرون لنا البغض و القلى و آيه ذلك قتلهم وراثنا و هجرهم احداثنا. و صح ما اخبر عنه لان القرامطه قتلت من آل ابى طالب خلقا كثيرا. و اسماوهم مذكوره فى كتاب مقاتل الطالبيين لابى الفرج الاصبهانى. قال بعض الشارحين:
و من هذه الخطبه- و هو يشير الى السار يه التى كانت يستند اليها فى مسجد الكوفه-:
كانى بالحجر الاسود منصوبا هيهنا و يحهم ان فضيلته ليست فى نفسه بل فى موضعه و انه يمكث هيهنا مده ثم هيهنا مده- و اشار الى مواضع- ثم يعود الى ما وراءه و يام مثواه. و وقع من القرامطه فى الحجر الاسود بموجب ما اخبر به عليه السلام. و اقول:
فى هذا النقل نظر لان المشهور ان القرامطه نقلوا الحجر الاسود الى ارض البحرين، و بنوا له موضعا وضعوه فيه يسمى الى الان بالكعبه، و بقى هناك مده ثم اعيد الى مكه، و روى انه مات فى المجى ء به خمسه و عشرون بعيرا و عاد به الى مكه بعير ليس بالقوى، و ذلك من اسرار دين الله تعالى، و لم ينقل انهم نقلوه مرتين، و الله اعلم.