اقول:
الدرك:
اللحوق. و لا تاس:
و لا تحزن. و حاصل الفصل النهى عن شده الفرح بما يحصل من المطالب الدنيويه و شده الاسف على ما يفوت منها، و بيان ما ينبغى للانسان اى يسر بحصوله و ياسف لفقده مما لا ينبغى له. فاشار الى الاول بقوله:
فان المرء الى قوله:
ليدركه، و هو خبر فى معنى النهى، و لفظ ما فى الموضعين مهمل يراد به المطالب الدنيويه، و نبه بقوله:
ما لم يكن ليفوته. على ان ما يحصل من مطالب الدنيا امر واجب فى القضاء الالهى وصوله الى من يحصل له فهو كالحاصل فلا ينبغى ان يشتد فرحه عند حصوله، و بقوله:
ما لم يكن ليدركه. على ان ما يفوت منها فهو امر واجب فوته فالاسف عليه مما لا يجدى نفعا بل هو ضرر عاجل. ثم خصصه بالخطاب على سبيل الوصيه و الموعظه و فصل له ما ينبغى ان يسر و ياسف عليه مما لا ينبغى له فاما ما ينبغى ان يسر به فهو ما ناله من آخرته و ما ينبغى ان ياسف عليه فهو مافاته منها، و اما ما ينبغى ان لا يفرح به مما ناله من دنياه لما عرفت من وجوب فنائها و كون القرب منها مستلزما ما للبعد عن الاخره و ما ينبغى ان لا ياسف عليه مما لم ينله منها لكون البعد عنها مستلزما للقرب من الاخره. فان قلت:
كيف قال:
ما نلت من آخرتك. و معلوم انه لا ينال شى ء من الاخره الا بعد الموت؟. قلت:
يحتمل وجهين:
احدهما:
لا نسلم ان من مطالب الاخره لا يحصل الا بعد الموت فان الكمالات النفسانيه من العلوم و الاخلاق الفاضله و الفرح بها من الكمالات الاخرويه و ان كان الانسان فى الدنيا. الثانى:
يحتمل ان يريد فليكن سرورك بما نلت من اسباب آخرتك. فحذف المضاف و اقام المضاف اليه مقامه. و كذلك بين له ما ينبغى ان يكون همه متوجها نحوه و قصده متعلقا به و هو ما بعد الموت من احوال الاخره من سعاده دائمه يسعى فى تحصيلها او شقاوه لازمه يعمل للخلاص منها. و بالله التوفيق.