و كذلك فى البعير، اذا بلغ استحقاق (125 پ) الحمل عليه و الركوب، فيقال: حق.
فان كان يجوزان يقال: انه اولى بالوجود من غيره، فينبغى ان لا يقال: انه احق من غيره.
و قد قال اميرالمومنين، عليه السلام: احق و ابين مما ترى العيون.
و وجه آخر ان قوله: احق ان المدلول عليه لا يدخله الاحتمال، لان الدلاله لا يخطى، بل هى كاشفه عن حقيقه المعلوم قطعا و يقينا.
و ليس كذلك المشاهده، فانه قد يدخلها اللبس.
الا ترى ان الناظر يرى من نزول المطر خطا مستقيما، و ير ى النقطه الجواله دايره، و يروى راكب السفينه ساحل البحر متحركا و السفينه ساكنه.
فلا يكتشف المشاهده عن حقيقه المدرك، كما ذكرناه.
فلما دلت الادله على الله، تعالى، لم يجز ان يكون بخلاف ما دلت عليه قطعا و يقينا، فكان لذلك احق من المشاهده.
و كذلك كل معلوم بالدليل، فهذا سبيله.
و كذلك قال فى بعض كلامه: قد يكذب العيون اهلها، و لا يغش العقل من استنصحه.
و هذا بعينه هو الذى ذكرناه.
قوله: لم تبلغه العقول بتحديد، فيكون مشبها، قال الامام الوبرى: لانه، تعالى، انما علم قادرا عالما حيا سميعا بصيرا قديما.
و هذه الصفات لا يوجب التحديد.
و اذا لم يكن محدودا، لم يشبه شبئا، لان التحديد هو الذى يقتضى التشبيه، و ان المحدود لا يكون الا جسما مماثله فى الجنس، فاذا لم يجز عليه الحدود، لم يجز عليه حكمها، و هو التحيز.
و اذا لم يجز عليه التحيز، لم يجز ان يكون مماثلا للمتحيز.
و قال قوم: المحدود مثلا الانسان، وحده انه حيوان ناطق، و الحيوان هو الجنس، و الناطق هى الفصل، و الحيوان لفظ واقع على الانسان و الفرس و الطائر و غير ذلك.
فيكون بين الانسان و الفرس مشابهه فى الجنسيه، و هى ان لفظ الحيوان واقع علصيهما.
فكل ما علم بالتحديد يعلم بالجنس اولا، و الجنس يقع عليه و على غيره.
فلذلك قال اميرالمومنين، (126 ر) عليه السلام: لم يبلغه العقول بتحديد.
قوله: و لم يقع عليه الاوهام بتقدير، فيكون ممثلا، يعنى لا يدركه الوهم و المقادير، فانه، تبارك و تعالى، منزه عن المقادير.
و قال الامام الوبرى: لان الوهم و التقدير انما يتعلقان بما له هيئه و شكل، و الهيئه مقصوره على الجسم.
فاذا لم يصح كونه جسما، لم يصح عليه الهيئه، و لم يجز ان يكون ممثلا.
و قال قوم: الوهم قوه جسمانيه تدرك من المحسوس ما ليس بمحسوس، كادراك الشاه معنى العداوه من الذئب.
و لا يصدق الوهم بموجود منزه عن المكان و الاجزاء و الابعاض و الجهات.