شرح الخطبه الاخرى، افلح من نهض بجناح، يعنى: خاض فى امر هو مستعد له، و ان لم يكن مستعدا، سلم الامر الى غيره لينجو من تعب الطلب.
ماء آجن، استعاره عن امر غير ملائم.
و لقمه يغض بها آكلها، استعاره عمن يخوض فى امر لا ينتفع به.
و اشار فى باقى كلامه الى استعداد القائل و ينهاز الفرصه.
و من زرع ارض، غيره، فليغره ان يمنعه عن سقى زرعه و عن حصاده و عن التصرف فيه.
فلا بد من التفكر فى العواقب فى كل الامور و نفى عن نفسه خوف الموت و حرص الدنيا، و هما من الاخلاق الذميمه.
بعد اللتيا و التى، هو رجل من جديس تزوج امراه قصيره فقاسى منها الشدائد، و كان يعبر عنها بالتصغير، فتزوج امراه طويله، فقاسى منها ضعف ما قاسى من القصيره، فطلقها، فقال: بعد اللتيا و التى لا اتزوج ابدا.
فجرى هذان اللفظان على الدواهى و الشدائد.
و قيل: ان العرب تصغر الشى ء العظيم كالدهيم و اللهيم، فاشاروا الى الداهيه العظيمه باللتيا والى الداهيه التى دونها بالتى، و ذلك منهم رمز و قال الشاعر من جديس، بيت: بعد اللتيا و التى طلقت جهلا طلتى قوله: آنس بالموت من الطفل بثدى امه، هذه علامه انه من اولياء الله، تعالى.
اوله: و الله ان ابن ابيطالب، عليه السلام ، صحابه، فان الموت للسعيد مفتاح باب السعاده، كما ان الطفل لا يصل الى لذته الا بثدى امه، فكذلك السعيد لا يصل الى السعاده الا بالموت.
قوله: اندمجت، روى بالخاء و الجيم، فمن رواه بالخاء فهو من الدموخ و هو الارتفاع (46 ر) و الاستيلاء، و منه (دمخ) اسم جبل، و هو معرفه لا يدخله الالف و اللام، يقال: اندمخت و دمخت، اى استولت.
و من قال قال بالجيم، يقال دمج الشى ء دموجا، دخل فى الشى ء و استحكم فيه، و كذلك (اندمج و ادمج) بتشديد الدال.
كل هذا اذا دخل فى الشى ء و استترفيه، فاندمجت يعنى انطويت.
اى بئر مطويه.
الا انهم جمعوه على الاطواء، فاجرى مجرى شريف و اشراف.
و هذا اللفظ يدل على انهم لو سمعوا منه هذه الاسرار التى اشار اليها، لانفعلت انفسهم عن سماعها انفعالا لايقا بهذه النار.
يقال: باح بسره يبوح بوحا و بواحا، اظهر ما فى بوحه اى نفسه.
قال اميرالمومنين، عليه السلام: اندمجت على مكنون علم، رمز لا يعرفه الا من بلغ فى معرفه الله غايه.
قوله: لالفيتم دنياكم هذه اهون عندى من عطفه عنز.
كلام لا يقف على معناه من طريق الذوق، الا ان هذا الزهاد، و هذين الكلامين، جمع بين العلم و الزهد، و هما من خواص العارفين.
اما الاندماج فقد عبروا عنه، و قالوا: لا يفهمه الحديث، و لا يشرحه العباره، و لا يكشف المقال منه، و لا شى ء الطف من المعرفه، فكيف يعبر عنها.
و قال آخر: لا يقع على العرفان عباره، لان العرفان سوى الله عند المومنين الموحدين.
و قال آخر: الالفاظ وضعت على ما فى النفس، و لم يوضع الفاظ يدل على المعرفه.
شرح الكلام الاخر: لا يرصد لهما القتال، يقال: ارصد له كذا اى هيا له، و يقال: رصد به اى يرقبه، و ارصدته اعددته.
قال ابوعبيد فى حديث اميرالمومنين عليه السلام، حين اقبل يريد العراق، فاشار عليه الحسن بن على، عليه السلام، ان يرجع، فقال: و الله لا اكون مثل الضبع يسمع اللدم فيخرج فيصاد.
رواه طارق بن شهاب.
اللدم صوت الحجر او الشى ء يقع بالارض، و ليس بالصوت الشديد.
يقال منه: لزمت الدم لدما.
قال الشاعر: و للفواد و جيب تحت ابهره (46 پ) لدم الغلام وراء الغيب بالحجر و انما قيل للضبع: انها يسمع اللدم، لانهم اذا ارادوا ان يصيدوها، رموا فى حجرها بحجر، او ضربوا بايديهم باب الجحر، فيحسبه شيئا قصده، فيخرج لياخذه، فيصاد عند ذلك.
و زعموا انها من احمق الحيوانات العجم.
و يبلغ من حمقها ان يدخل عليها، فيقال: ليست هذه ام عامر، فيسكت حتى يصاد.
فاراد اميرالمومنين، عليه السلام، ا نى لا اخدع كما يخدع الضبع باللدم و يقال: فى (التدام)، النساء انما هو ماخوذ من اللدم، انما هو افتعال منه.
قال الاصمعى: و يقال فى غير هذا: لدمت الثوب و ردمته، اذا رقعته.
اضرب بالمقتل الى الحق المدبر عنه، اجازت (؟ ) بمن تبعنى من خالفنى، و اراد بالحق متابعته و بيعه الناس عليه، حتى ياتى على يومى اى يوم موتى.