(و اما الخطبه الثانيه): ففى ذكر نعم الله التى عمها بمحمد صلى الله عليه و آله على العالمين، و ماخص الله به من الالطاف اهل زمانه (ص) دون ان قصر فى حق آبائهم، فانه تعالى قد فعل بكل مكلف ما لا بدله من الاقدار و التمكين و اسباب التكليف.
ثم ذكر اهل زمانه و القرون الذين جاوا بعد القرن الذين كانوا فى عهد النبى صلى الله عليه و آله، انه عليه السلام فى باب المصالح لهم بمنزله الرسول (ص) لابائهم، فهذه ثلاثه احوال فلا ينبغى لمن يطلب النجاه ان يغتر بذلك كاغترار الذين استاثروا.
و الفتره: الزمان الذى بين مضى رسول و مجى ء رسول آخر، و لايكون فى ذلك الزمان رسول و ان كان فيه وصى الرسول حاضرا او غائبا، اذ لايجوز ثبوت التكليف مع ارتفاع العصمه من المخلوقين من غير حجه ناطق او ساكت.
و طول هجعه: اى غفله.
و الهجعه: النومه.
و (اعتزام من الفتن) اى فى فتن لازمه ثابته كان لتلك الفتن صريمه امر و عزيمه راى عل كونها و ثباتها، و يكون على مذاق قوله تعالى (جدارا يريد ان ينقض فاقامه)، و اعتزمت عل كذا و عزمت عليه: اذا اردت فعله و قطعت عليه.
و الاعتزام: لزوم القصد فى الشى ء.
و روى (و اعتراض من الفتن) اى ظهور من الفتن، يقال: اعترض الشى ء اى صار عارضا، اى ظاهرا.
و يقال عرض له امر كذا: اى ظهر، و اعترض الشى ء دون الشى ء: اى حال دونه، و اعترض الفرس فى رسته: لم يستقم لفائده، و اعترض فلان لفلان: اى وقع فيه.
فعلى هذا يكون المفعول محذوفا من كلامه عليه السلام، تقديره: و اعتراض من الفتن للمرادات.
و لايبعد ان يكون اعتزام من العزام.
و التلظى: التوقد.
و كاسفه النور: ناقصته، كلاهما يتعدى و لايتعدى.
و قوله (على حين اصفرار من ورقها) اى فى آخر امرها، فان الياس و القنوط من ثمر الشجر يحكم اذا اصفرت اوراقها.
و قوله (من اياس) مصدر ايس مقلوب ياس، و هو فعال.
و اياس يكون ايضا اسما من الاوس، اى العطاء، يقال استه.
و عار الماء: نقص عورا و اعور اعورارا: اننقص جدا.
و اعالم الردى: علامات الهلاك و اماراته.
و المتجهم: الكالح الوجه، يقال جهمت الرجل و تجهمته: اذا كلحت فى وجهه.
و الجهامه ابلغ من العبوس.
و قوله (متجهمه لاهلها عابسه فى وجه طالبها) يعنى ان الدنيا منكره لاربابها الذين صاروا عبدا لها و متغيره لمن يريدها و يطلبها متكرهه على الكل.
وروى و (طعامها الخيفه).
و قوله (و اذكروا تيك التى آباوكم بها مرتهنون) اى تدبروا الخصله التى بسببها آباوكم محبوسون، و الرهن فى كلام العر ب الشى ء الثابت اللازم الملزوم الدائم المحبوس، قال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينه)، فكان هذه الكلمه لايقال فى الخير و الكسب الصالح.
ثم قال (لعمرى) قسمى ما صارت عهودهم قديمه و لامضت مده طويله بينكم و بينهم، فما احرى ان تعتبروا بهم.
و قدم الشى ء فهو قديم و تقادم مثله.
و الاحقاب: المدد و السنون.
و قوله (من يوم كنتم) (على الاضافه وروى (من يوم كنتم) مبنيا على الفتح لانه مضاف الى مبنى كيومئذ.
ثم قال: و كل ما اسمعكم الرسول فانا اسمعكم مثله بلا زياده و لانقصان.
و روى (و الله ما اسمعهم) و كذا روى (ما اسماعكم) بدون اسماعهم، فالخطاب فى الموضعين لهم ليكونوا مع على عليه السلام كما كانوا مع رسول الله صلى الله عليه و آله، و اذا كان بالهاء فالضمير لابائهم و اخوانهم.
و قوله (و لقد نزلت بكم البليه جائلا خطامها) اى وقعت المحنه عظيمه، لان الناقه اذا اضطرب زمامها يصعب امر راكبها، و اضطراب زمام الناقه يكون من جنوبها.
و قيل (حائلا خطامها) اى مسترسلا، و يسمى الزمام خطاما لكونه فى مقدم الانف.
(ور خوبطانها) اى واسعا، و كلتا القرينتين عباره عن قله الاضطراب للبليه و عن الثبات، و البطان القتب: الحزام الذى يجعل تحت بطن البعير.