اشار عليه السلام او لا بقوله و اخذوا يمينا و شمالا الى قوم كانوا تركوا جاده الحق و اختاروا لانفسهم يمين الطريق و شمال الطريق.
ظعنا: اى ذهابا، و هو مصدر فى موضع الحال، اى ذاهبين فى الغى و الجهل.
و تركا اى تاركين الرشاد كانهم الشامتون.
ثم خاطب اصحابه الذين استبطاوا نزول العذاب عليهم فقالوا: لا تستعجلوا ما هو معدلهم و يكون لا محاله.
و قوله فكم من مستعجل بما ان ادركه ود انه لم يدركه مثل قوله تعالى لا تسالوا عن اشياء ان تبدلكم تسوكم.
و اكثر اصحاب اميرالمومنين عليه السلام كانوا على طريقه الشام من الجهل و طلب النيا، و لذلك عرضهم بذلك عقد استبطائهم ما كان عليه السلام يقول: ان عواقب اعدائه تول الى البوار.
و الابان: الوقت، ثم قرب من انجاز الله الوعد بذلك، يقال: هذا ابان كذا و ابان دنو و قرب من ان يظهر ما لا يعرفون.
و روى: ما لا تعرفون اى هذا وقت دنو حضور ما تعرفونه مما اعلمتكم و ذكرت لكم.
فمن ادرك تلك الطلعه يكون من جمله موالينا، و من لحق من شيعتنا تلك الحاله يكون على حليه و وضوح عن امر الدين و يتتبع آثار الصلحاء المتقدمين الذين غاب ايضا حجتهم.
و هذا اشاره الى عهد المهدى عليه السلام و قرب قيامه، و ايماء ا لى المومنين الذين يكونون فى غيبه الامام يحلون مشكلا و شبهه فى الدين، و يعتقون رقا من ضعفاء الشيعه اما حقيقه و اما مجازا باعطاء المال و اصلاح الحال و دفع الاهوال، و يفرقون جمع الاعداء و يجمعون شمل الاولياء، فى خفيه عن كل احد، لا يطلع مخالف الحق على حقيقه امرهم و ان بالغوا فى عرفان ذلك.
و القائف: الذى يعرف الاثار، و الجمع القافه، و القيافه معروفه.
و تقديم لفاء اعرق و اعرف، من قفت اثره فانا قائف، مثل قلت فانا قائل.
و قفوت اثره اشهر و ان كان مقلوبا من الاول، و هما لغتان.
و شحذت السكين: حددته، و المشحذ: المسن.
ثم ذكر ان فى غيبه الامام الذى به فرج آل محمد قوما اعطاهم الاذهان و جلا ابصارهم و بصائرهم بالتنزيل و التفسير و التاويل من علوم القرآن، و بالحكمه التى هى السنه المحمديه و الشريعه الالهيه.
و القين: الحداد، و جلوت السيف: صقلته.
الغبوق: شرب العشى.
و الصبوح: شرب الغداه.
و هذا كنايه عن مدارستهم و ممارستهم فى العلوم، و الحكمه كنايه عن الشرائع.
ثم قال عليه السلام: و يطول المده باعداء آل محمد و دولتهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب اليم، حتى اذا اخلولق الاجل اى تقادم العهد.
و يقال: اخلق الثوب، و اذا بلغ الغايه فى الخلافه يقال: اخلولق.
و استراح قوم الى الفتن اى و قد استراح، اى و الحال هذه، يعنى و قد استنام عن اوليائنا جماعه مخصوصون الى دوله اعدائنا.
و الاسراع الى فتنهم بالشروع فى اعمالهم و رفع امرهم، و علا ذكرهم فى الدنيا.
و مع ذلك اشتالوا و رفعوا انفسهم عن مجادله اعدائنا ضعفا و خورا و قله انصار و كثره اعداء، يعنى تعود دولتنا اهل البيت بالتقيه مع الاعداء و المداراه معهم على ايدى قوم يستريحون الى فتن هولاء القوم و طابوا باحتمال مشقاتهم نفسا، فاذ القحت حرب هولاء القوم اشتالوا و نكلوا، يقال: اشتالت الناقه ذنبها مثل شالت و اشالت.
ثم ذكر من صفاتهم شيئا آخر، فقال لم يمنوا على الله بالصبر اى لم يعتدوا اصطبارهم على البلاء فى الله منه و انعاما عليه تعالى، و لم يستعظموا ان لو قتلوا فى سبيل الله، و لكن يكونون فى انتظار الفرج، فاذا اذن الله بخروج المهدى عليه السلام بامارات و علامات كان اخذها من آبائه عليهم السلام من رسول الله صلى الله عليه و آله من جبرئيل من الله تعالى، و علم ان دوله الظالمين قد انقرضت و مدتهم انقطعت و مضت، خرج عليه السلام و قام و معه هولاء الاصحاب الذين مضى صفاتهم.
و حملوا بصائرهم على اسيافهم و دانوا و اطاعوا لربهم فى سل السيوف على الاعداء بامر المهدى الذى يعظمهم.
و البصائر لها ثلاثه معان، و واحده جميعها البصيره، فان اريد بها الحجج التى هى اعرف كان المعنى انهم حملوا مواجب اعتقاداتهم و بصائرها على اسيافهم، اى عملوا بالايدى ما كان فى قلوبهم، و كانهم حملوا البصائر على السيوف و البصيره الحجه، و يكون الترس، و يكون الدم ايضا.
فعلى الاول قد بينا الكلمه.
و يجوز ان يكون على ضرب من القلب فى الكلام، فيكون معناه: انهم ضربوا باسيافهم على بصيره و حجه من دينهم لا من غفله و اغترار.
و اذا حملت على الترس فمعناه: انهم حملوا ترستهم معتمدين على اسيافهم فى طلب الثار.
فاما قوله و طال الامد بهم هم الذين لم يكونوا مستبصرين فى الديانه فى عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و نافقوه و خبثت نياتهم و ان اظهروا الاسلام و قد ذكرهم الله فى مواضع من كتابه و اذ يقول المنافقون و الذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله الا غرورا و ما قبل الايه ايضا فى شان المنافقين.
و نزل فيهم ايضا قوله تعالى كما اخرجك ربك من بيتك بالحق و ان فريقا من المومنين لكارهون يجادلونك فى الحق بعد ما تبين كانما يساقون الى الموت و هم ينظرون.
و نزل فيهم الم تر الى الذين قيل لهم كفوا ايديكم و اقيموا الصلاه و آتوا الزكاه فلما كتب عليهم القتال اذا فريق منهم يخشون الناس كخشيه الله او اشد خشيه و قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لو لا اخرتنا الى اجل قريب.
و غير ذلك.
و قوله حتى اذا قبض الله رسوله رجع قوم على اعقابهم و اتكلوا على الاحقاد البدريه القديمه و غيرها، و هجروا السبب الذى امر الله بمودته فى قوله قل لا اسالكم عليه اجرا الا الموده فى القربى.
و نقلوا لامامه من اهل بيت رسول الله الى بيوتهم التى ليست بمواضع للامامه، فهم لا يولون الادبار.
و هم الذين انهزموا فى حنين حتى نزل فيهم و يوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين.
و هم الذين قال الله لهم و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم فهم و اتباعهم بعد موتهم كانوا لتستملكوا الخزى.
و فى الكلام اعتراض من ذكر خروج المهدى و اصحابه الى ما يتصل به، من قوله حتى اذا قبض الله رسوله بقوله و ط ال الامدبهم للاعتراض الذى هو المقصود بينهما.
قال: ان هذا الكلام- يعنى به الجاهليه- و ذكر ان قوله حتى اذا قبض الله نبيه يدل عليه.
و يعنى بالولائج المكر و الخديعه و ابطان الغش، و الوليجه: دخيله بطانه الرجل، يقال: هو دخيلتى اى خاصتى.
و الوليجه كالداخله و الدخله.
و غالتهم السبل اى اهلكتهم سبل الفساد و البغى و غيرهما التى سلكوها.
و ما روا: جاوا و ذهبوا.