ذكر عليه السلام فى صدر الخطبه انه تعالى عالم باربعه اشياء خافيه لا يعلمها الا العالم بالذات و لا يطلع على تميز حالاتها العالم بالعلم.
ثم قال تفصيلا له: انه سبحانه يعلم اصوات هذه الوحشيات فى المواضع الخاليه، و يعرف الفرق بين حالها اذا كانت جائعه او عطاشا او خائفه او بها شبق او نشاط، و يعلم تعالى معاصى الناس و هم يسترونها فى الليالى المظلمه و الاماكن الخاليه، و يعلم احوال السموك و ترددها من بحر الى بحر لخوف او نشاط او طلب رزق او بسياقه ملك و حيوان آخر، و يعلم تعالى اضطراب ماء البحر بالرياح الشديده، فربما يكون ذلك لصلاح قوم و ربما كان لهلاك قوم.
و انما لم يقل و يعلم افعال العباد و ان كانت الافعال اعم من المعاصى، لان المراد بما ذكره زجر العصاه عن المعاصى.
و روى ان الملكين التقيا فى الهواء، فقال النازل للصاعد: اين كنت؟ قال: ان الله تعالى بعثنى الى بحر كذا، فان ملكا جبارا كافرا اشتهى ذلك الوقت اكل السمكه و جعل شبكه فى الماء و بعثنى الله تعالى ان ادخل فيها سمكه.
فقال الاخر: سبحان الله انه تعالى بعثنى الى نهر كذا فان مومنا تقيا جعل شبكته فى الماء و وقع سموك كثيره فيها لاخرجها منها ابتلاء لذلك المومن.
و روى ان سليمان النبى عليه السلام دخل عليه يوما امراه تستعدى عليه من الريح انها صعدت الى السطح لبعض الحاجات فرمتها الريح الى اسفل و كسرت يدها، فدعى سلميان الملك الموكل بالريح و قال له: ما هذا؟ فقال: ان الله امرنى فى ذلك الوقت ان ابعث ريحا شديدا من ذلك الجانب تكاد تغرق يسبب تلاطم الامواج فيه، فاستقامت السفينه فيه بهذه الريح و لم تغرق و نجابها اصحابها، فامر الله سليمان ان ياخذ منهم ارش يد تلك المراه.
و العج: رفع الصوت، يقال: عج عجيجا.
و الوحوش: حيوان البر، الواحد وحشى.
و الوحش اسم الجنس، يقال: حمار وحش بالاضافه و حمار وحشى.
و الفلاه: المفازه، و الجمع الفلا و الفلوات.
و النون: الحوت، و الجمع نينان.
و الغمر: الماء الكثير، و قد غمره الماء: اى علاه، و الماء غامر و بحر غمر و بحار غمار و غمارات.
يقال: ما اشد غموره هذا النهر اى شدته.
و العاصفات: الرياح الشديده.
و السفير: الرسول و المصلح بين القوم.
و الطهور: الطاهر للطهر.
ثم اوصى بتقوى الله، فانه خلقكم و انتم تحتاجون اليه فى خمسه مواضع احتياجا شديدا و ان كنتم لا تستغنون منه تعالى على حال.
ثم ذكر ان التقوى سبب فى العاجل لثمانيه اشياء و فصلها.
و الدنس: الكدر.
و الجلاء: الصقال.
و العشى: ظلمه قليله يعترى ضعيف البصر فى اول الليل و روى غشاء و هو الغطاء.
الجاش: القب.
ثم امر ان يجعل طاعه الله على عشره مراتب، فان طاعته تعالى سبب ثلاثه اشياء قبل ثوابها.
و ذكر ان ثمره التقوى فى الدنيا ثمانيه اشياء، وعدها و رغب فيها.
و الشعار: ما ولى الجلسد من الثياب.
و الدثار: كل ما كان من الثياب فوق الشعار.
و دخيل الرجل: سره.
و المنهل: المورد، و هو عين ماء يرده الابل فى المراعى.
و الورود مصدر ورد اى حضر، و الورد خلاف الصدر.
و الطلبه بكسر اللام ما طلبته من شى ء.
و الجنه من السلاح: ما يستتر به.
و المصباح السراج، و السكن: كل ما سكنت اليه.
و الوحشه: الخلوه من الغم.
و نفس الله كربته: فرجها.
و انت فى نفس امرك: اى فى سعه.
و الحرز الحفظ.
و المتالف: المهالك.
و المكتنفه: المحيط به.
و الاوار: حراره النار من الشمس.
و احلولت: صادرت حلوا.
و التراكم: التجمع و التراكب.
و اسهل: صار سهلا.
و انصب: صار ذا نصب و تعب.
و هطل: سال.
و النضوب: النقصان.
و وبل اى مطر عظيما.
و ارذاذ ضده.
و الرذاذ: المطر الضعيف.
و التحدب: الشفقه و العطف.
ثم قال: فاتقوا عقاب الله و عذابه و عتابه، اعنى المعبود الذى اراد نفعكم بان وعظكم، و اما بعث الرسل و انزل الكتب وعظا لكم و ليتقوه و ليتقوا عقابه.
و انما عدد نعمه عليكم لتكونوا متقين حامدين له، فراقبوا غرضه تعالى، فانه سبحانه ما اراد الانفعكم بجميع ما فعله بكم.
و المنه فى وضع اللغه النعمه، ثم قيل من عليه منا اى انعم عليه، و منه المنان من اسماء الله.
و من عليه منه: اى امتن عليه، و منه المنه تهدم الصنيعه.
و معنى امتن عليكم بنعمته اى عدد عليكم اكثر ما انعم به عليكم لتعرفوها و تشكروه عليها عدا كما يفعله الذى يمتن، كما قال تعالى يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا على اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هديكم.
فعبدوا: اى ذللوا انفسكم لعبادته.
و العباده: نهايه ما يقدر عليه المرء من الخضوع و التذلل للمعبود.
و اخرجوا اليه من حق طاعته: اى ادوا طاعه الله فانها حق له تعالى فى ذمتكم و اخرجوا منه، يقال: خرجت من دين فلان اى رددته اليه.
و قيل معناه: و اخرجوا الى يوم القيامه الذى هو يوم لقاء الله و انتم مطيعون لله و فى طاعته و اداء حقها.
و الطاعه: كل فعل وقع و كان المطاع له مريدا له و كان المطيع عالما به فاعلا له على وجه الاختيار.
و قوله ثم ان هذا الاسلام دين الله اى اسلامكم و انقيادكم لله و لرسوله هو دين الله، فخاطب الناس بهذا، و لهذا قدم الاسلام، و اخره الله فى القرآن لانه تعالى قال: دينى اسلامكم لرسولى و اوليائى.
فالاسلام فى موضع اللغه هو ان تنقاد لامر غيرك، و يراد به التلسيم، و هو فى عرف الشرع التدين بدين الحق، قال تعالى ان الدين عند الله الاسلام اى الطاعه عند الله هى الاسلام و المراد بالاسلام التسليم لله تعالى و لاوليائه، و هو كالتصديق.
و قال عليه السلام فى خبر آخر: الاسلام هو التسليم.
و التسليم هو التصديق.
و دين الاسلام هو التوحيد و العدل لشهاده شهد الله الايه.
ثم وصف دين الله باربعه اشياء فقال اولا: اصطفاه لنفسه كما قال الله الا لله الدين الخالص اى التوحيد.
ثم قال و اصطنعه على عينه اى اختار هذا الدين لخاصه امره، و اتخذه صنيعته التى اصطنعها و اخرجها ليكون العمل بذلك الدين على محبه الله و ارادته و التصرف فيه عمل منه تعالى، فهذا معنى قوله: على عينه.
و اصطنعه على عينه اى اختاره فيرى منه.
ثم قال و اصفاه خيره خلقه اى اخلص لهذا الدين محمدا صلى الله عليه و آله، يقال: اصفيته الود اى اخلصته له، و صافيته و اصفيته بالشى ء: اذا آثرته به، فان كان كلامه عليه السلام من هذا كان فيه نزع الخافض.
و ثم قال و اقام دعائمه على محبته اى و اقام الله عماد هذا الدين على محبته اى على محبه محمد (ص)، قال تعالى قل لا اسئلكم عليه اجرا الا الموده فى القربى.
و انما يصح (مودته و) محبته ب(مودتهم و) محبتهم، و المحبته اراده (اراده) تتعلق بفعل فاعلها كما تتعلق بفعل غيره، و اذا علقت بالاشخاص كقولك احب زيدا فالمعنى احب فعله.
و على هذا المعنى يقال يحب الله المومن.
و اما محبه المومن لله فهى محبه طاعاته و عباداته.
و قيل معناه: اقام دعائمه على ما احبه تعالى و رضيه، فيكون الضمير لله.
و قيل على محبته اى محبه محمد صلى الله عليه و آله و ارادته، فان ارادته طاعه الله.
و الدعامه: عماد البيت، و الجمع دعائم.
ثم عد من فضائل هذا الدين ثلاثه و عشرين شيئا، فقال: اذل الاديان بعزه.
و المله: الشريعه، و الجمع ملل.
و قيل: هى معظم ما عليه قوم.
و قوله وضع به الملل اى نسخها به.
و المحاده: المخالفه، قال تعالى من يحادد الله اى من يعاده، فيكون فى حد و جانب.
و المحاد: المعادى.
و اتاق اى ملا.
و المواتح جمع الماتح و المتوح، يقال متح الماء اى نزعه، و ربما يكنى عن الدلو بالماتح.
قال ابوعبيد:
العفا الدروس و الهلاك، و لا عفاء اى لا دروس.
و لا جذ بالدال كلاهما مروى و معناهما واحد و هو القطع.
و الضنك: الضيق.
و الوعوثه لين و سهوله فى الارض يشق المشى عليها، و الوعث: المكان السهل الكثير الرمل يغيب فيه الاقدام.
و العصل: العوج، و اصل العصل التواء فى عسيب الذنب حتى يبدو بعض باطنه الذى لاشعر عليه.
ثم قال: فهو دعائم اساخ فى الحق اسناخها.
و الدين لفظ واحده و الدعائم لفظ جمع، و كذلك ما عطف عليها من قوله: و ينابيع و مصابيح و منار و اعلام و مناهل.
و انما صح ذلك لان تقديره فهو ذو دعائم و ينابيع.
و قيل: لان الدين يقع على اشياء كثيره من العقليات و الشرعيات، الا ترى ان الاصول الاربعه التى هى التوحيد و العدل و النبوه و الامامه دعائمه، و اكثر العبادات الماليه من الزكاه و الاخماس و المكاسب و المتاجر يبابيعها، و الطهاره و الصلاه و الصوم و الحج و غير ذلك مصابيحها، و الجهاد و القضايا و الاحكام و الديون و الشهادات منارها، و النكاح و الطلاق و النذور و العهود و الايمان و العتق اعلامها، و المواريث و الصيد و الذبايح و الحدود و الديات مناهلها.
و قد يتداخل بعضها فى بعض، و التصديق بجميع ذلك و بوجوب العمل و بالاقرار به هو الايمان ، و القول باللسان و العمل بالاركان زينه الايمان.
و اساخ: اى اثبت، يقال: ساخت قدمه (فى الارض اى خاضت و غابت منها، و النسخ) الاصل، و الجمع اسناخ.
و غزرت: اى كثرت.
و شبت: اوقدت.
و سفرت اسفر: خرجت الى السفر، فانا سافر، و الجمع سفار كراكب و ركاب.
و ذروه كل شى ء: اعلاوه.
و قوله: معوز المثار (ل) اى صعب ازعاجه و انهاضه و هيجه و المواثبه عليه و القصاص منه، اى يعجز اثارته و ازعاجه.
و روى معوز المنال و روى معون المنال، يقال: اعوز الرجل: احتاج، و اعوزه الدهر احوجه.
و قوله و قامت باهلها على ساق اى شده، و الضمير للدنيا، قال تعالى يوم يكشف عن ساق اى عن الامر الشديد، قال و التفت الساق بالساق اى التفت آخر شده الدنيا باول شده الاخره، و منه قولهم قامت الحرب بنا على ساق اى على شده.
و المهاد: افراش.
و ازف: اى قرب.
و القياد: حبل يقاد به الدابه، اى قرب انقيادها للزوال، و انما اضاف الاشراط للدنيا لانها يكون فيها و ان كانت للاخره.
و الاشراط: العلامات.
و العفاء: الدروس.
و الاعلام: العلامات.
و الانفصام: الانقطاع.
و روى و قصر من طولها اى حبلها.
و قوله جعله الله بلاغا لرسالته الضمير للنبى صلى الله عليه و آله.
و لا يخبو: اى لا ينطفى ء و لا يخمل.
و بحبوحه الدار: وسطها.
و الينابيع: عيون الماء.
و الاثافى جمع اثفيه و زنها افعوله، و هى ثلاثه احجار توضع تحت القدر اذا اريد ايقاد النار تحتها.
و الغيطان جمع الغائط، و هو المطمئن من الارض الواسع.
و نزفت ماء البرء: اذا نزحته كله، و انزف: ذهب ماوها، و استنزفت: اى طلبت ذلك.
و نضب الماء: اى غار فى الارض و سفل، و انضبته انا.
و الماتح: المستقى.
و لا يغيضها: اى لا ينقصها.
و المناهل: موارد الماء، و غاض الماء و غضته يتعدى و لا يتعدى.
و الاكام و الاكم واحدهما اكمه و يجمع الاكام على اكم، نحو كتاب و كتب و الاكم يجمع على اكام نحو جبل و اجبال.
و المحاج جمع المحجه، و هى جاده الطريق.
و المعقل: الملجا.
و السلم: الصلح.
و انتحل: ادعى و قوله و عذرا لمن انتحله معطوف على جعله الله ريا و كذا ما قبله و ما بعده، اى تعذر من ادعى فيه و ان لم يكن محقا.
فيقال: انه اهل القرآن فيعذروا القلج.
و الفلج: الظفر، و كلاهما روى.
و المطيه: الناقه التى تحمل.
و حاج به: اى غالب الخصم بالحجه.
و توسم: اى تقوس، يقال توسمت فيه الخير.
و استلام: اى لبس اللامه، و هى الدرع.
و وعى: اى حفظ.