شرح اين قسمت در كتاب مورد استفاده نيامده است.
تكلم عليه السلام بهذا الكلام بعد ان كان قرا سوره الهيكم التكاثر، و سبب نزولها ان حيين من قريش بنى عبدمناف و بنى سهم تفاخروا ايهم اكثر عددا، فكثرهم بنو عبدمناف، فقال بنو سهم: ان البغى اهلكنا فى الجاهليه فعادونا فى الاحياء و الاموات فكثرتهم نفوسهم.
و المعنى انكم تكاثرتم بالاحياء حتى اذا استرعيتم عددهم صرتم الى المقابر فتكاثرتم بالاموات، عبر عن بلوغهم ذكر الموتى بزياره المقابر تهكما بهم.
و قيل: كانوا يزورون المقابر فيقولون: هذا قبر فلان و هذا قبر فلان، عند تفاخرهم.
و المعنى شغلكم ذلك، و هو ما لا يعنيكم و لا يجدى عليكم فى دنياكم و آخرتكم عما يعنيكم من امر الدين الذى هو اهم و اغنى من كلامهم.
و قيل: نزلت فى اليهود، قالوا: نحن اكثر من بنى فلان و بنو فلان اكثر من بنى فلان، الهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا.
و المراد شغلكم التبارى فى الكثره و التباهى فيها فى الاموال و الاولاد الى ان متم و قبرتم منفقين اعماركم فى طلب الدنيا و الاشتياق الهيا و التهالك عليها، الى ان اتاكم الموت لاهم لكم غيرهما عما هو اولى بكم من السعى لعاقبتكم.
و زياره القبور عباره عن الموت.
كلا ردع و تنبيه على انه لا ينبغى للناظر لنفسه ان تكون ا لدنيا جميع همه و لا يهتم بدينه.
سوف تعلمون انذار ليخافوا فينتبهوا عن غفلتهم.
و كرر، اى سوف تعلمون فى القبر ثم سوف تعلمون فى الحشر، او اذا رايتم الجنه و اذا رايتم النار.
يعنى سوف تعلمون عاقبه تباهيكم و تكاثركم اذا نزل بكم الموت.
ثم كرر التنبيه و قال (لو تعلمون) محذوف الجواب، يعنى لو تعلمون ما بين ايديكم كعلمكم ما تستيقنونه من الامور التى و كلتم بعملها هممكم لفعلتم ما لا يوصف، و لكنكم جهله ضلال.
ثم بين لهم ما انذرهم منه فقال (لترون الجحيم) و كان كفار مكه فى الخير و النعمه، فيسالون يوم القيامه عن شكر ما كانوا فيه و يعذبون على ترك الشكر.
و قوله عليه السلام (يا له مراما) اى يا قوم تعالوا لهذا العجب، فالضمير فى له للعجب الذى هو كالمعلوم عند النداء بحرفه يا، و اللام هى التى للمدعو اليه فى مثل هذا الموضع و فى الندبه.
ثم ميز ذلك العجب و قال مراما فنصبه على التمييز و عطف عليه شيئين آخرين دعا الناس الى عجب.
و ذكر انه ثلاثه اشياء: مرام هولاء اى مطلبهم البعيد من جواز ان يطلب العاقل مثله، و كونهم زائرين للقبور على ما ذكرناه لغفلتهم او مع غفلتهم و خطرهم اى اشرافهم على الهلاك، و المخاطره بالنفس امر مفظع، يقال: فظع الامر فهو فظيع اى شديد، و كذا افظع فهو مفظع.
و الزور مصدر يوصف به الواحد و الجمع، يقال: رجل زور و رجال زور.
و لقد استخلى هولاء المتفاخرون من امواتهم معتبرا بذكر و يعظ، اى وجدوا موضع التذكير خاليا من الفائده لما افتخروا بها و تناولوا ذكرهم على وجه يبعد الانتفاع به.
و مفعول استخلى محذوف.
و (اى منصوب) بعفل مقدر بعده، اى وجدوا.
ثم استفهم على سبيل التوبيخ فقال افبمصارع آبائهم يفتخرون و هم فى مقام ذله و عبره و هذا الافتخار بهم من الغفله، فلو نطقت تلك المقابر لقالت: هولاء اصحابنا ماتوا ضالين، و انتم تذهبون بعدهم جاهلين، تمشون على روسهم و تزرعون مواضع قبورهم، و تطلبون النبات من حيث اجسادهم فيه مدفونه، ضاعت ايامكم جميعا فكانها تبكى عليكم.
و روى يا مراما على ان المرام يكون منادى.
و روى اى مذكر اى وجدوا من المزورين مذكرا و موضع اتعاظ و موضع وعظ بليغ، يعنى قبورهم.
و المذكر: المعتبر، و الادكار: الاتعاظ، و هو الافتعال من ذكر يذكر.
و قوله لقد استخلوا منهم اى مذكر بفتح الكاف.
يروى على انه مصدر او موضع، و بكسرها على انه فاعل، اى اى موضع تذكير، و اى موعظه صادفوه خاليا من كل نفع، و اى واعظ وجدوه على ظنهم خاليا من نفع، و اى واعظ وجدوه على ظنهم خاليا من منافع الاعتبار.
و تناوشوهم اى تناولوهم، (و التقدير و تناولوا ذكرهم فحذف المضاف) للفخر، و هم بان يعتبر بهم اقرب من ان يفتخر بهم، قال تعالى و انى لهم التناوش من مكان بعيد اى كيف لهم تناول ما بعد عنهم و هو الايمان و قد كان قريبا فى الحياه فضيعوه.
و المصرع مصدر و موضع، و المصارع جمعهما.
و المراد هنا المواضع، اى ايفخرون بقبور آبائهم.
و همزه الاستفهام يقتضى الفعل و يطلبه.
و الفخر: الافتخار، و هو عدم القديم.
و عديد الهلكى: عددهم، كلاهما اسم، و العد مصدر، يقال: هم عديد الحصى اى فى الكثره، و فلان عديد بنى فلان يعد فيهم.
و الهلكى جمع هالك.
و الهلاك يكون موتا و قتلا و ذهاب مال.
و خوت: اى خلت.
و يرتجعون: اى يردون.
يقول: ان هولاء الذين يفتخرون بابائهم الموتى يرددون الى وسط الاحياء ذكر اجساد خاليه من الحياه و القدره و العلم صارت كالجماد ساكنه بعد ما كان لها حركت.
ثم قال: و الله لان يكون تلك الاجساد موضع العبر اولى من ان يكونوا موضع الفخر، و الله لان يتركوا فى اذل ذل اجدر من ان يذكروا فى موضع العز.
و هبط هبوطا: نزل، و هبطه هبطا: انزله، يتعدى و لا يتعدى.
و يقال: هبط به انزله.
و الجناب: الفناء.
و احجى: اجدر.
و العشوه: ان يركب امرا على غير بيان، و يقال: اوطاتنى عشوه اى امرا ملتبسا.
و العشوه: سواد الليل.
و الغمره: الشده، و ضربوا منهم فى غمره اى جهاله من التبيين، و منهم بيان ان الغمره المذكوره هى من الموتى.
و الضرب هنا السير، كقوله تعالى و اذا ضربتم فى الارض اى سرتم، يعنى ضربوا من ذكر موتاهم فى جهل عظيم و ساروا فى شده شديده.
و العرصه: كل بقعه بين الدور واسعه ليس فيها بناء، و الجمع عرصات.
و الربع: الدار بعينها حيث كانت، و الجمع ربوع، و الربع: المحله، يقال: ما اوسع ربع بنى فلان.
و قوله و ذهبوا ضلالا اى هلكى، يقال: ضل الشى ء اى هلك وضاع، و جاء فلان بعقب فلان اى جاء على اثره، و الجمع اعقاب.
و وطئت الشى ء برجلى: اى وضعت رجلى عليه.
و قوله تطاون على هامهم اى تمشون على رووسهم ذله و مهانه لهم، فقد جعلتموهم مواضع الاقدام.
و تستنتبون فى اجسادهم: اى صارت اجسادهم ترابا و انتم تزرعون و تطلبون النبات فى الارض، فكانكم تطلبونه فى اجسادهم.
و تستثبتون: اى تتثبتون، و الاستثبات و التثبت بمعنى.
و ترتعون فيما لفظوا: اى تاكلون ما تركوه و تنعمون فيما رموه، يقال: رتعت الماشيه اى اكلت ما شائت.
و فى القرآن ترتع اى تنعم.
و لفظت الشى ء: رميته است حقارا.
ثم قال (و انما الايام بينكم و بينهم بواك و نوائح عليكم) اى تضيعون الاعمار بالباطل، فتكاد ايام عمركم تبكى و تنوح عليكم كما بكت و ناحت عليهم.
و يجوز ان يكون المراد اهل هذه الايام يبكون عليكم، فيكون حقيقه من وجه و مجازا من وجه.
و سلف الرجل: آباوه المتقدمون.
و الفراط: السابقون الى الماء، و الواحد فارط.
و روى فرط و هو مصدر يوصف به الواحد و الجمع.
و المناهل: موارد الماء.
و مقاوم العز: مقاماته.
و الحلبات جمع الحلبه، و هو خيل يجمع للسباق من كل اوب.
و السوقه: خلاف الملك، و هم الرعيه، و الجمع سوق، يقول: اولئك الذين افتخرتهم بهم آباوكم الذين سبقوكم الى الغايه التى هى غايه امركم اكلهم التراب فتغيرت احوالهم.
وعد ثمانيه اشياء و قال: انها صارت لهم بخلاف ما يكون للاحياء.
و البرزخ: الحاجز بين الشيئين، و البرزخ ما بين الدنيا و الاخره من وقت الموت الى البعث، فمن مات فقد دخل البرزخ.
و الفجوه: الفرجه بين الشيئين، و فجوه الدنيا: ساحتها و الجمع فجوات.
و الجماد.
الجسم الكثيف الصلب الذى يختص بيبوسه و لا توجد فيه حياه و لا لحيمه (و لا ينمون اى لا يزيدون، و الجماد اسم الجنس و لذلك لم يجمع) و روى (لا ينمون) اى لا يتحركون، و النم يمه: الحركه و النفس، و منه: اسكت الله نامته.
و قيل هو من (نم الحديث) اى قته، اى لا يصير واحد منهم قتانا.
و الاول اعم، قال ابوذويب: و نميمه من قاصن متلبب (فى كفه حبش ء اجش و اقطع) اى صوت وتر قوس صياد.
و المضار غائب لا يرجى ايابه، و اصل ما لا يرجى، و كل ما لا يكون الانسان منه على ثقه.
و لا يحزنهم و لا يخزيهم روى كلاهما، و هما لغتان.
و لا يحفل: اى لا يبالى.
و الرواجف جمع الراجفه و هى الزلزله، يقال، رجفت الارض اى اضطربت اضطرابا شديدا.
و القواصف جمع قاصفه، و هى الرياح التى تقصف اى تكسر.
و لا ياذنون لها، اى لا يستمعون اليها، اى لا يعلمون بهذه البلايا.
و روى: و انما كانوا جميعا فتشتتوا.
و الالف: الاليف، يقال: حن الالف الى الالف، و الالاف جمع آلف، مثل كافر و كفار.
و عميت اخبارهم: اى خفيت.
و صمت ديارهم: اى لا يسمع فيها صوت، فجلعها صماء، كما سموا رجبا اصم اذا لم تسمع فيه حركه قتال، و انما يسمع فيه صوت مستغيث لانه من الاشهر الحرم.
و السبات: النوم، و اصله: الراحه، قال تعالى و جعلنا نومكم سباتا اى هم بمنزله النيام لما بدلوا بنطقهم الخرس.
و ارتجال اصفه: دخول الصفه عليهم من غير تدبير، من ارتجال الخطبه و الشعر، و هو ابت داوه من غير تهيئه قبل ذلك.
و ارتجل الفرس: اى خلط جنسا من المشى بجسن منه.
و تانس و استانس بمعنى، اى هم جيران من حيث الجوار و القرب و لكن لا يستانس بعضهم بحديث بعض.
و الانس: خلاف الوحشه.
و احياء لا يتزاورون: اى هم قبائل.
و روى و احباء، و انما سماهم بذلك لو لا انهم لو مكنوا من الاراده لما ارادوا الانفع جيرانهم، و هذا كقولك احب زيدا المعنى احب منفعته.
ثم قال: بليت بينهم عرى التعراف: اى مع ذلك هولاء لا يتعارفون و ذهبت شفقه الاخوه التى كانت بينهم.
و بليت: اخلقت.
و العرى جمع العروه التى هى للكوز و القميص و نحوهما، وههنا استعاره.
و تعارف القوم: اى عرف بعضهم بعضا.
و الاسباب: الحبال، و المراد بها الوصله هنا.
و الجديدين: الليل و النهار.
و اى يرفع بالابتداء و ينصب على الظرف.
و ظعنوا يعنى الى القبور، اى سافروا و رحلوا.
و السرمد: الابد.
و الاخطار.
عظائم الامور.
و افظع: اشد.
و آياتها: علاماتها.
و المبائه: المنزل.
و روى و كلتا الغايتين اى غايتى من يستحق الجنه و النار، اى منزل من يدخل الجنه اعظم و احسن و اطيب مما رجاه، و كذا مقام الكافر فى النار اطم مما يخاف منها.
و الخوف: ظن مخصوص بتعلق بحصول مضره فى المستقبل او فوات منفعه.
و الرجاء: هو الظن لنفع مستقبل او دفع ضرر كذلك.
و الغايتان يح تمل ان يكونا الجديدين، و قد جرى ذكرهما، و يجوز ان يكونا الاخطار و الايات التى مضى ذكرهما ايضا.
و قيل: معناه شاهدوا من الخطر اصعب مما كانوا يخافونه، و راوا من الايات العظيمه و الرحمه فوق ما كانوا يقدرونه فى حياتهم.
فكلا غايتهما من الخطر و العظمه امتدت لهم الى منزل فات خوفهم و رجاوهم و سبقهما، لان كلا من الرحمه و العقوبه كان فوق ما قدروا.
و عيوا: اى عجزوا.
و عميت: انمحت.
و كلحت الوجوه: اى عبست.
و النواضر: النواعم، و النضر: الحسن و الرونق، و قد نضروا النواعم المتنعمه، من النعمه التى هى التنعم.
و (الاهدام) جمع الهدم، و هو الثوب البالى.
و تكادنا: اثقلنا.
و تهكمت الربوع الصموت: اى تهدمت علينا المقابر و المحال الصامته الخاليه، يقال: تهكمت البئر اذا تهدمت.
و قيل: معناه اشتدت علينا، من قولهم تهكم عليه اذا اشتد غضبه.
و المعارف: الوجوه.
و ارتسخت: اى ثبتت.
و الاسماع الاذان.
و الهوام: الحيوانات الصغار، اى انسدت فاستكت اى صمت، يعنى: ثبتت الهوام فى اسماعهم و اقامت فيها و جعلتها موطنا، و صار التراب بمنزله كحل لعيونهم.
و خسوف العين: ذهابها فى الراس.
و الذلاقه: فصاحه اللسان وحدته فى الكلام.
و همد: مات.
و عاث: افسد (و جديد فاع ل) و سمجها: قبحها، و هو صفه بلى.
مستسلمات: منقادات.
و الاشجان: الاحزان.
و الفظاعه: الشده، و كذا الغمره.
و لا ينجلى: لا ينكشف.
و الانيق: المعجب.
و الغذى: الذى ربى بالغذاء الحسن.
و الترف: التنعم الذى يطغى.
و الربيب: المربوب.
و التعلل: التلهى بشى ء عما هو خير منه و التجزى به كما يعلل الصبى بشى ء من الطعام عن اللبن.
وضنا: اى بخلا.
و غضاره العيش: طيبه و لينه.
و الشحاحه: البخل.
و الحسك: شوك للسعدان و نحوه، و يعمل من الحديد على مثاله فى الحرب للعدو.
فذكر غفله ارباب النعم فى الدنيا من وقوع الشده و فجاتها عليهم.
و الحتوف جمع حتف، و هو الهلاك.
و من كثب: اى قرب.
و البث: الحزن و الحال.
و النجى على فعيل الذى يشارك و يكون جماعه، قال الله تعالى خلصوا نجيا، و انما يكون كذلك لانه مصدر، قال الفراء: و قد يكون النجى والنجوى اسما و مصدرا.
و قوله و تولدت فيه فترات علل آنس ما كان بصحه فانس نصب على الحال و ما مصدريه، و هو كقولك اخطب ما يكون الامير قائما، و التقدير: فتر آنس كونه، اى فى حال ما كانت حالاته و اكوانه آنس بالصحه.
و هذا بمنزله قوله: نهاره صائم و ليله قائم، فانه نسب الانس الى الكون.
ففزع: اى فهرب و التجا الى مداواه الطبيب.
و القار: البارد.
و ثور فلان عليهم الشر: اى هيجه و اظهره.
و ذهل: اى غفل.
و الممرض: الذى يجتهد فى ازالته مرض المري ض و يخدمه و يداويه.
و تعايا: عجز.
و روى حتى فتر معدله و فتر: اى انكسر، و المعدل: الذى يطعم المريض و يسقيه المعتدل من الاشياء شفقه و معالجه.
و تنازعوا شجى خبر: اى تجاذبوا غصه كلام دون ذلك المريض، و يتسارون فى ذلك على سبيل التخاصم كاتمين لذلك عن غيرهم، فقائل هو يموت الذى به من الوجع و العله (اى لا يخلص هو من هذا المرض فكانه له).
و ممن: اى من يمنى و يظهر الامنيه ان عافيته و سلامته توب و ترجع اليه.
و الاسى: الصبر و الاستقامه، من تاسى به اى تعزى.
و الاستغراق: الاستيعاب.