و قيل ما افاد نفسه ذخيره و الكنه: الغايه.
واسحقوا منه ما اعدلكم: اى اجعلوا انفسكم مسحقين للجنه، بان تصدقوا بالبعث و النشور و الجنه و النار، يقال تنجز الرجل حاجته و استنجزها: اى استنجحها.
(الشرح): ذكر عليه السلام فى هذا الفصل احوال المكلفين و خلق الله لهم جميع مايحتاجون اليه من اسباب التكليف، و هدايتهم الى ما يستنفعون به عاجلا و آجلا.
ثم ذكر من احوال الموت و شدائدها، بعد ذكر تغير احوال بنى آدم فى الدنيا من الشباب و الشيخوخه و الغنى و الفقر و الصحه و السقم.
ثم ذكر احوال القبر و اهوال القيامه، ثم ذكر عله تامل العقلاء فى جميع ذكل و اعتبارهم، ثم ذكر وعظا بليغا و وصى وصيه كامله.
اما تفسيره فانه عليه السلام قال اولا (جعل لكم اسماعا) اى خلق لكم آذانا لتعى، اى لتحفظ تلك الاسماع مايعنيها، اى مايهمها.
و منه قوله عليه السلام (من حسن اسلام المرء تركه مالايعنيه) اى مالايهمه.
(و جعل ابصارا) اى لتجلو تلك الابصار ما يوديها من الظلمه.
و العشا: مقصور مصدر الاعشى، و هو الذى لايبصر بالليل و ان كان يبصر بالنهار.
والعشاها هنا استعاره عجيبه، لان الشبهه تدخل على اهل العلم و يمكنهم ان يجلوها، و اذا لم تكن شبهه فى طريقهم يكونون فى ضياء من العلوم.
ثم قال (و جعل لكم اشلاء) و هى اعضاء اللحم، واحدها شلو، و العضو دون ذلك.
و قوله (ملايمه) اى موافقه.
لاحنائها: اى جوانبها.
و قوله (بابدان قائمه بارفاقها) اى بما نفعها.
و روى بارماقها، الرمق بقيه الروح.
و (قلوب رائده) اى طالبه، من راد يرود: اذا جاء و ذهب.
و (مجللات نعمه) باضافه الصفه الى الموصوف، و كذلك موجبات مننه: اى النعم المجلله.
و هذا مستعار من قولهم (السحاب المجلل) و هو الذى يجلل الارض بالمطر، اى يعمها.
و المنن: النعم، والمعنى ان الله تعالى جعل تلك الاعضاء لكم ثابته بابدان يمكنها القيام بما ينفعها، و تلك الابدان تنقلب ابدا فى نعم عامه توجب الشكر.
و فى عافيه يحجز و يمنع المضار.
و قدر اعمارا لكم قد ستر مدتها عنكم لتكونوا فى كل وقت مستشعرين من الموت، فلا تكونوا مصرين على الذنوب، و جعل آثار من كان قبلكم عبرا لكم، فانهم كانوا فى خالق و نصيب من الدنيا يتمتعون به و فى مهله وسعه لاثقل و لا اصر عليهم من ضيق الخناق: فاتاهم الموت و مامهدوا لانفسهم و لااعتبروا، فهل ينتظرون الامثل ماگرى عليهم.
و فصل تفصيلا حسنا.
و قيل: حواجز العافيه و موانعها من الزوال و روابطها عن الانتقال.
وروى (جوائز عافيته)، وروى ايضا (و حوائز بليته).
و ارهفتهم المنايا: اى اعجلتهم.
و شذبهم: اى قطعهم انقطاع آجالهم عنها، اى عن تلك الامال.
والتشذيب مايفرق من اغصان الشجر، و كل شى ء نحته عن شى ء فقد شذبته.
و التخرم: الاستيصال و الاقتطاع.
لم يمهدوا: اى لم يبسطوا فرضا لمضجعهم فى العبر عند قدرتهم على ذلك لما كانوا سالمين.
و تقدير و تعتبروا فى انف الاوان و لم يعتبروا فانه معطوف على لم يمهدوا.
و روى لم يعتبروا ايضا.